على مدار الساعة

أمل شعب.. رجاء لا تقتلوه!

16 مارس, 2021 - 23:34
لامات أحمد سيدي

في الأسابيع الماضية، انشغل الرأي العام الوطني بأم القضايا الكبرى، ألا وهي قضية الفساد المالي والنهب الممنهج لإمكانات الدولة المالية وأصبح الجميع يراقب وينتظر ماهي نهاية هذه القضية التي أبانت عن مدى الفساد والاستهتار..

 

كثيرون أولئك الذين واجهوا القضاء، وكثيرة أيضا هي الملفات التي حجبت وبقي أصحابها في أماكنهم السابقة التي يجنون ريعها..

 

فإلى متى نتسامح مع فساد هؤلاء،؟ وخاصة أن من أبناءنا ذوو الكفاءة في العمل والأمانة لا يجدون ولو نصف فرصة ليخدموا وطنهم..

 

مجرد تخيلي أن بلدا بكل هذه الإمكانات المالية والبشرية تم تدميره من طرف مجمعة قليلة بلا حياء ودون أخلاق. لمجرد نزواتهم الشخصية وطيشهم دون خوف ودون خجل، بينما يقبع أبناؤه البررة في مجاهل الأرض يبحثون عن الرزق الحلال، تسقط عليهم آبار الحجارة في تازيازت والشكات، أو متشردين في دول العالم، يمتص دماءهم ويستنزف طاقاتهم ويستغل كفاءاتهم، في حين يستمتع غيرهم بثرواتهم وأموالهم دون وجه حق.. هذا مما يندى له الجبين وتقشعر له النفوس..

 

ما دام هذا الملف وصل دائرة القضاء فإننا نؤكد على الثقة الكاملة في القضاء، وانتظارنا من العدالة أن تأخذ للوطن حقه، من هؤلاء الذين دمروا اقتصاده وبددوا ثرواته، وحقوقه الاعتبارية حيث إن سمعته كادت تكون سيئة في كل مكان، فما عاد المستثمر مطمئنا وما عاد المواطن مرتاحا وما عادت موريتانيا تمثل رقما في العالم، كل هذا بسبب سياسة الارتجال والأنانية المفرطة لهؤلاء،

لا بد من إرسال رسالة واضحة تعيد لهذا البلد هيبته ومكانته، ولهذا الشعب أمله وحياته عبر التعامل الصارم مع المفسدين..

 

كما أنه على المؤسسات الإعلامية الوطنية أن تشارك جهدها في فضح الفاسدين، والتحقيقات الجادة في الملفات التي تعرضت للنهب والفساد.

 

هذا الملف كبير جدا، وقد اطلع الجمهور على الكثير من حيثياته، فالبلد تعرض لما يشبه المؤامرة الكونية لتدميره، لذلك ستكون رسالة سلبية أن ينجو الفاسدون من يد العدالة ولا تتم محاسبة أحد على كل هذا النهب والفساد والثراء دون وجه حق.

 

بينما تمثل المساءلة الجادة الهادئة المفيدة، رسالة إيجابية للشعب الموريتاني وللنخب المؤمنة بالوطن، ولسمعة البلد في الخارج، ولثقة المستثمرين الأجانب بنظامنا المالي وسمعة مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية في مساءلة المفسدين.

 

الثلاثي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بهذا الملف، هو الشعب والمال العام وهيبة الدولة،

 

هذه الخطوة الإيجابية الأولى من نوعها في البلد مهمة جدا، نشد على يد كل الذين ساهموا فيها، وهي جرجرة الفاسدين إلى العدالة، ستكون بداية تكريس سيادة القانون، وهيبة الدولة، نرجو للقائمين على السلطة القضائية التوفيق في تعميقها وترسيخها، كما نرجو منهم أن ينظروا للملف نظرة شاملة فاحصة والآثار التي ترتبت عليه فالفساد أثر على تنمية البلد، وتهديد استقراره، بل وحتى أنه تسبب في فشل الدولة وفقر الشعب، وهو معول هدم للأمن القومي والوطني والاقتصادي، مما يمثل تهديدا وجوديا على كينونة البلد.

 

الاعترافات التي تمت من المعنين بتبديد المال العام، والإسراف في مخالفة القانون يجعل المحكمة الموقرة مطالبة بالحكم عليهم بما يناسب جسامة الجرم، لذلك نتمنى أن تتناسب العقوبة مع حجم الجرم، الذي هو تأخير تنمية البلد والتسبب في انتشار البطالة وتدمير مقومات البلد.

 

وهذه الحيثيات كلها جعلت المواطن الموريتاني يهتم بهذا الملف اهتماما غير مسبوق، لأنه ينتظر من العدالة الموقرة والسادة القضاة المحترمين أن يتعاملوا بكل حزم مع هذا الجرائم، حتى تتضح للمسؤول أن الشارع والقضاء الموريتانيين لم يعودا يسمحان لأحد أن يبدد أموال دافعي الضرائب الموريتانيين، وأن يضربوا بيد من حديد أؤلئك الفاسدين الذين تنعموا كثيرا بثروات هذا الشعب وأموال هذا البلد.

 

بينما لا قدر الله إذا تمت تبرئة هذه الشخصيات الفاسدة، فستكون رسالة سلبية للشعب وللمسؤولين الذين ينهبون هذا البلد، ويساهم الخذلان في انتشار الفساد الأخلاقي وتهديد الاستقرار الأهلي، لذلك نتطلع بكل ثقة وأمل في قضائنا المحترم، أن يقف للشعب ومع الشعب في هذه الأزمة الكبيرة.

 

المشمولون في هذه القضية لهم كامل الحق في الدفاع عن أنفسهم وإنصافهم وتمكينهم من حقهم في كامل العدالة، وأن تظل السلطتان التشريعية والتنفيذية بعيدتان عن حيثيات الملف، لأنه لا بد من إعطاء القانون حقه في السيادة، وإعطاء القضاة الفرصة في إثبات أنفسهم وولائهم لله والوطن والشعب.

 

في نهاية هذا المقال، أجدد التذكير بدعوة النخب إلى عدم تسليم بلدهم للأيادي الفاسدة، نحن مع الرئيس الذي يحرص على مصالح البلد، ومع القاضي المحترم الذي يسعى لسيادة القانون، ومع النائب المحترم الذي يقف على منصته للحديث عن مشاكل الشعب وأزمات الوطن، نحن مع الوطن ومع كل من يريد الخير لهذا الوطن.