على مدار الساعة

حكاية رمضان… قصة حنين للوطن

21 أبريل, 2023 - 17:08
موسى ولد أحمد - طالب صحافة دولية في تونس

أتذكر ذلك الصيف الذي غادرت فيه أرض الوطن طالباً للعمل، متمسكا بالمقولة الشهيرة "الحر في ما مشى"، دخلت عالم الغربة و أنا الذي لم أكمل سن الرشد، متقين بلطف الله سبحانه وتعالى، في الغربة تمر عليك كثير القصص مرةً يأتيك الحنين ومرة يتملكك الصبر، الوحدة و الحنين للعائلة والوطن أشياء ستتعود عليها قد تستطيع تحملها وقد لا تستطيع.

 

أما رمضان فله طعم خاص، جوانب سلبية وأخرى إيجابية، فمن الجانب السلبي؛ افتقاد الأهل والأجواء الرمضانية التي اعتدت عليها ببلدك الأصلي، هناك أيضا جوانب أخرى ربما تكون إيجابية فتتمكّن من الاطلاع على ثقافة جديدة وعادات رمضانية تخص شعوبا أخرى وبالأخص إذا كنت في بلد عربي.

 

رمضاني هنا موزع بين الدراسة والبيت، ومما يخفف عليّ من وطأة الحنين إلى العائلة الأصدقاء، تمتلئ المقاهي بالرواد، وبعض الأماكن كالمدينة العتيقة وشارع لحبيب بورقيبة في قلب المدينة… بزوارٍ من جميع أحياء العاصمة في أجواء رمضانية جميلة تبدأ من بعد صلاة التراويح وحتى الثانية صباحا مما يميز المجتمع هنا المحافظة في نهار رمضان، فلا يوجد مقاهى ولا مطاعم، وهذه ميزة مهمة تجعلك تعيش أجواء الشهر، كما تعودت عليه في بلدك.

 

ومما لفت انتباهي هو قمة التكافل الاجتماعي التي رأيتها في بعض الأحياء، فعلى سبيل المثال المائدة التي دأب عليها أحد الخيرين الذي يدعى "علي كحلة " استطاع هذا الرجل بجهوده وأهالي منطقته، نصب خيام لإفطار الصائمين طيلة شهر رمضان المبارك ولوجه الله تعالى، يذكرني هذا بالجمعيات الخيرية في موريتانيا وما تعودنا عليه في الشهر المبارك "التكافل الاجتماعي".

 

من إيجابيات الشهر أني عادة ما أجتمع أنا وأصدقاء عائلتي المصغرة (رامي - تونس) (آدم - فلسطين) على مائدة الافطار التي تجمع مأكولات من ثقافات متعددة فمن فلسطين، ورق العنبل، منسف، ومقلوبة، ومن تونس لبريگ، الكسكسي، الكفتاجي، الكمونية، ومن موريتانيا أطاجين، مارو والحوت، امبصام، تجمخت، الحساء، والشاي الموريتاني الذي يعد أساسي بنسبة لي، كلها وجبات ومشروبات جمعتها الغربة على مائدة واحدة.

 

قد يلطف بك الله فيعوضك بعائلة تقوم بتعويض دور العائلة الحقيقي الذي تفتقده، مما لا أنسى مأكولات "أميمة" (جدة صديقي) وحرصها على إعداد أطباق لذيذة تجعلنا نشعر بأجواء الأسرة التي نفتقدها، وهذه من نعم الله التي يحمد عليها، أهل طيبون وأصدقاء رزقناهم في الغربة، نذكرهم بكل خير وود ومحبة ودعاء.

 

في المدينة العتيقة ترى الفوانيس وزينة رمضان معلقة في الشوارع وداخل المحلات ومكبرات المساجد أثناء إقامة التراويح، وزيارات الجيران، وتنظيف الشوارع بسواعد أهل الحي، يداً بيد، كلها تفاصيل تجعلك تحس بأجواء هذا الشهر، لا أستطيع أن أقول إنني أفتقد شيئاً معيناً في رمضان فلا يختلف كثيرا عن موريتانيا.