على مدار الساعة

لن نعتاد على ظلم الظالمين

16 أغسطس, 2023 - 09:29
المهندس الهيبة سيد الخير

لا يخفي على أحد اليوم أن أهم أسباب تعثر المشاريع يعود لعدم اهتمام بعض أصحاب الشأن أحيانا بمرحلة التخطيط والزبونية في اختيار طاقم التسيير، لذلك قرر أحد وزراء الزراعة تكوين لجنة من الخبراء لمساعدة إدارة التخطيط والبرمجة المعينة بتحضير المشاريع، وقد كان لي الشرف أن أكون أحد أعضاء تلك اللجنة، وقد باشرنا بالفعل مواكبة عملية تحضير أحد المشاريع الكبرى، وقد تم إطلاقه بفضل الله.

 

لم تصمد اللجنة كما هو متوقع، فمجيئ وزير جديد أدخلها في موت سريري نظرا لعدم تكليفها بعمل جديد، خصوصا أنها لا تتلقي مستحقات نظير عملها، وأصبحت الإدارة المعنية تعاني من الضغط الشديد نتيجة حجم وتشعب المهام المسندة لها.

 

دعوة لمد يد المساعدة

تلقيت اتصالا هاتفيا من مدير إدارة التخطيط، بضرورة المجيء للإدارة لنقاش موضوع هام، وخلال الاجتماع حمل إلي رسالة من الوزير يطلب مني مساعدة الإدارة في عملية التحضير لإطلاق مشروع لتمويل إضافي لصالح وزارة الزراعة، بغلاف مالي من البنك الدولي قدره 28 مليون دولار، ستسيره خلية تنسيق مرتبطة بمشروع PRAPS2، وأكد أن الوزير يعطي عناية خاصة لهذا التمويل ويحرص على سرعة الولوج وحسن التخطيط والتنفيذ، لذلك اختارني بعد تزكية من المدير للتنسيق مع مشروع PRAPS2 كممثل لوزارة الزراعة باعتبار أن وزارة  الوصاية لـPRAPS2 هي التنمية الحيوانية، وأكد أن الوزير سيكافئ جهودي وينصفني.

 

قمت خلال أشهر وبدعم من طاقم فعاًل ومتفان من إدارة التخطيط وبالتنسيق الكامل مع PRAPS2 بالتحضير لانطلاقة التمويل الإضافي، حيث تمت الاستجابة لكافة شروط وملاحظات البنك الدولي، وتم إنجاز كل المتطلبات الفنية الضرورية لعملية انطلاقة المشروع، وأصبح التمويل جاهزا، بل تم تحديد المواصفات الفنية الضرورية لعمليات الاقتناء المختلفة المقررة، مما مكن من إعلان عديد المناقصات.

 

جزاء سنمار

كان من المقرر أن تُسير التمويل الإضافي وحدة تنسيق تتكون من مسؤولين يتم تعينهما وأربعة خبراء يتم اكتتابهم، وكنت أتوقع في أسوء الحالات أن أكون المسؤول الثاني باعتباره يحمل طابعا فنيا، لكن علمت لاحقا أن الوزير وقع مذكرة تعيين تتجاهلني، وهنا قررت المشاركة في الاكتتاب لأحد الخبراء باعتبار أنه يتوافق مع سيرتي المهنية، ويفترض أن يكون بمعايير شفافة، وتم اختياري ضمن ثلاثة مرشحين، لكن أخبرت لاحقا أن ضغوطا كبيرة مورست لإقصائي.

 

خلال مسيرتي المهنية تم تعيين خمسة مدراء، في مؤسسة كنت أعمل فيها، كلهم أقل مني خبرة، ومع ذلك حافظت على وقاري واحترام زملائي ومؤسستي، وخلال عقد من الزمن تناولت قضايا وطنية عديدة بالنقد والتوجيه، مما عرضني للمضايقة والاقصاء، لكن لم أكن أتوقع أن يدفعني الظلم يوما إلى التقزم والتحول من حمل الهم الوطني إلى حمل الهم الشخصي.

 

لا شك أنى فكرت كثيرا في الهجرة، لكن بعض الموانع لا زالت  تحول دون التنفيذ، فقد استلهمت من الثقافة الأنجلو سكسونية كره تمثيل دور الضحية، ومن كروية الأرض ضرورة المواجهة أو المناورة فلا زوايا للاختباء، ولأني أشفق على من اختار بمحض إرادته أن يكون عبدا لنزوات غيره وتمرير وتبرير حماقاته، ولأني تعلمت من قوانين الحياة البرية، أن لا استهجن سلوكا لمعتد، إذا كان ذلك من صميم طبائعه، فالحية طبعها اللدغ والعقرب طبعها اللسع، وفي انتظار اتخاذ القرار يبقي السؤال المطروح: هل في الحائط ثغرة لمن لا يقوي على الصعود؟