على مدار الساعة

للإيمان كلمة: تبين خطأ من تخاطب أو جلس مع لجنة قانون النوع

3 أكتوبر, 2023 - 13:50
الأستاذ محمدو بن البار

إن المراجع للنصوص القرآنية يتعجب من أن العلماء والمفكرين الإسلاميين أباحوا لأنفسهم الجلوس مع من جاءهم ممن لا دين لهم ليكفروا بآيات الله ويستهزئوا بها أمامهم، وهم يعلمون أن الله خاطب المؤمنين بقوله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكفرين في جهنم جميعا}، فهم كافرون ومن جاملهم في نقاش تبديل أحكام آيات الله بغيرها فهو منافق.

 

أيشك مسلم أنه يبقى معه إسلامه وهو يقبل مناقشة حذف قوله تعالى {ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون} لمنع عقوبة الإعدام، وقوله تعالى: {والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، بدعوى أن هذه العقوبات همجية، وأنه أصلح منها رأي "سيداو" في هذه الجرائم التي تراقبها لجنة حقوق الإنسان.

 

وهنا يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا} إلى قوله تعالى: {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}، إلخ الآية.

 

فالإيمان لا يشترط في نزعه عن صاحبه إعلان ضده، بل القرآن صرح في كثير من آياته أن الإنسان قد يزعم أنه مؤمن وهو غير مؤمن، يقول تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنه آمنو بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى آخر الآية.

 

والله يقول لأي صاحب للرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره تولى يوم الزحف في القتال بلا عذر مقبول إنه قد باء بغضب من الله وماويه جهنم إلى آخر الآية.

 

فهل عقوبته هذه إلا دليل على نزع الإيمان منه بعد هذا التولي، وهو لم يكفر صراحة بل خالف أوامر الله فقط.

 

أتظنون أيها المسلمون أن مجرد الجلوس مع من يتيقن أن لجنة الكفر ستعرض عليه قوانين تخالف أوامر الله في موضوعها يبقى معه إيمانه في تلك الساعة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن} إلى آخر الحديث.

 

ومن تفاسير الحديث أن الله يسحب منه في تلك اللحظة الإيمان لمخالفته لمقتضى الإيمان، أفلا تكون مجرد هذه الجلسة مع اللجنة لمحاولتها تمرير إطفاء نور الله الذي أنزله على عباده للعمل به هي جلسة لا إيمان معه.

 

أم لا تخاف اللجنة الموريتانية ما خوف الله به قبلنا من أهل الكتاب من طمس وجوههم فجأة، يقول تعالى: {يا أهل الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا} ...وما أنزله الله مصدقا لما معهم هو هذا القرآن الذي تريد "سيداو" أن تحذف منه ليس قوانينه الاجتهادية على ضوء نصوص القرآن، وإنما هو نص حكم ألفاظ القرآن المحكمة، والله يقول: {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا}.

 

فكل مسلم يعلم أن معنى الإيمان بالكتاب الذي هو شرط في وجود أصل الإيمان في القلب هو بتصديق ما في الكتاب والعمل به.

 

وهنا يتعجب الجميع من قول بعض المؤسسات إن في بعض مواد هذا القانون ما يمكن مناقشته، وأعجب من ذلك قول بعض المفكرين إن هذا القانون فيه إيجابيات وسلبيات، فيا أيها المنكر من القول والزور أقبل لتسمع أن ما أوحى به الشيطان من تخرصاته وأنواع مكره فيه إيجابيات، والمشركون الذين جاءوا به هم أنفسهم نجس بنص القرآن، فكيف ينظر في بعض النجس هل هو طاهر.

 

فمثلا، هل الميتة فيها عضو ينظر في صلاحيته للأكل، أو أن بعضها إيجابي؟!

 

هل علم المؤسسة أو صاحب الفكر لم ينبهما علمهم أو فكرهم أن هذا الانسان بما فيه لجنة "سيداو" هو موضوع القرآن كله، وأنه خلق أصله من طين، وبعد ذلك من بين الصلب والترائب، وهو الذي خلقه ذكرا أو أنثي كل خاص بشكله ونوعه، والمراد منه، وهو الذي وضع أسس حياته من رضاعة ونفقة، كل ذلك محدد في هذا القرآن، وبعد ذلك طور حياته من الضعف إلى القوة، ثم العكس ليأخذه إليه بعد الضعف الأخير، أو في أي ساعة أرادها قبل ذلك من حياته.

 

ثم يحييه ليقف أمامه، كل بمفرده لجنة "سيداو"، واللجنة الموريتانية المرافقة التي سمعت تحذير القرآن لها في قوله تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}، الجميع مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار، وهذا بنص القرآن، يقول تعالى: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}، وبعد هذا يتابع القران آياته لتفصل المصير النهائي لهؤلاء وفيه {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم} إلى قوله تعالى بعد ذكره متابعا لأبشع مصائر الظالمين، {ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب}.

 

وختم هذه الآيات بقوله تعالى: {هذا بلاغ للناس}، أي لسلطات الدنيا الثلاثة، والمؤسسات والمفكرين إلى كل من انشرح صدره لقانون "سيداو" أو لم يتمعر له وجهه.

 

فمن المعلوم أن مقصد خلق الله للإنسان يتنافى ورعايته له حتى يعود إليه بعد رحلة قصيرة يتنافى مع ما عند قانون "سيداو" (من نفع للمرأة والفتاة)، فالله لم يخول لأي أحد في الحكم بين عباده بغير ما أنزل الله، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، وسمعتم في الآيات أعلاه معاملة الله للظالمين غدا بين يديه.

 

فأي شخص سعي في أن يمكن الله له في الأرض وحصل على ذلك ولم ينفذ حدود الله على عباد الله فوق أرض الله، فعليه أن يعد نفسه من الآن من رجال أو نساء الانتحاريين في الآخرة، وعند زملائهم الذين سبقوهم وماتوا حقيقة ذلك الآن.

 

وأقول في الأخير، وببساطة، إن اتفاقية "سيداو" لا تنسخ ما نزل به جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم للحكم به يقول تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم {وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون}.