على مدار الساعة

هذا هو ما يريده الشعب

8 سبتمبر, 2020 - 12:18
بقلم سعدن ولد جدو

لا نريد الحديث عن الفساد أو التحدث عن المفسدين فهذا تقليد عريق دأب كل نظام جديد أن يجعل منه حملته الخاصة على خصومه المطاح بهم وشعارا لبرامجه الإصلاحي الذي يعد به المواطن والوطن والشركاء الماليين. لكن المطلوب هو أن نعرف من هم المفسدون؟

 

أتذكر أنه لما أ طاحت اللجنة العسكرية بنظام المرحوم المختار ولد داداه وتلك الحملة الإعلامية الشرسة والشعارات التي رددها وسائل الإعلام مفادها (سقط نظام الرشوة والخيانة: وما واكب ذلك من حديث حول المسروقات والتفنن في إخراج شيء يقنع الرأي العام بحقيقة الخونة والخيانه يقولون... إن أحد وزراء المختار ولد داداه كان يمتلك دجاجة من ذهب ترقد على بيضها كلعب للأطفال ومن يمتلك كبشا من ذهب ونعاجا وغيره. ظل المواطن يلوك هذه الأحاديث التافهة ويأمل في أن يكون نظام الرشوة والخيانة سقط حقيقة وأن عهدا من النزاهة والأمانة أظلهم زمانه.

 

لكن اللجنة العسكرية للخلاص الوطن سرعان ما ظهر هيدالة وسمى سلوكها المالي بأنه

تجاوز حد الخيانة إلى سلوك التبذير.

 

قال أحدهم في هذه الظاهرة:

ماه معقول في الحق اكبال *** يتقشف رئيس الدولة

والناس تبذر الأموال *** في الدول ماه معقول

 

لكن رئيس الدول هيدالة الذي رجح الميل إلى التقشف وحمل الشعب عليه، التهم بأنه يمارس أكبر عملية فساد عرفها العصر، حيث قالوا إنه حول ثروة البلد إلى بلد آخر وسخر قدراته الذاتية في سبيل بنائه. ولا تسأل عن ما أشيع في هذا الصدد فقد تجرد رجل الشارع وهو أكبر وسيلة تواصل اجتماعي في ذلك الوقت. تجرد لنشر كل ما سمع وما جادت به مخيلته الواسعة من ضبط شاحنات محملة بما خف حمله وغلى ثمنه
إلى ذلك البلد وغير ذلك من ما يضيق المقام عن ذكره.

 

وجاء معاوية: الخير جان بامجيكم *** واعليكم الشعب اتكان..

 

ودخلت البلاد غبار معركة اختلطت فيها أصوات المدح والإشادة بالإنجازات كما تصدع الموالاة وأصوات المعارضة التي تكيل للرئيس عبارات الشتم وتسفيه الأحلام ما يوازي مدح المادحين وزيادة.

 

انكشف غبار هذه المعمعة الحامية الوطيس عن مجلس عسكري سمي فترة معاوية فترة الفساد.

 

وفي آخر مطاف تسلم الرئيس محمد ولد عبد العزيز زمام السلطة وجرد سيفه على الفساد والمفسدين، فكان كلما عثرت بغلة في تيرس حمل مسؤوليتها للمفسدين، وكلما ظهر خلل أو نقص في أداء نظامه، قال إنه بسبب الفساد والمفسدين، وفي النهاية سدل الستار على نظام عزيز، ومن قبله الأنظمة المتعاقبة دون أن نعرف من منهم الخونة من نظام المختار ولد داداه الذين تذرعت بهم اللجنة العسكرية للخلاص الوطني وشغلت بهم الرأي العام برهة من الزمن. ولا قدم لنا هيدالة شئا في مكافحة التبذير أكثر من نصائح وإرشادات تشجع على الاستمرار في نهب المال العام. واتهم ولد عبد العزيز نظام ولد الطايع بالفساد، وأكثر واستكثر لكنه سلم السلطة دون أن يعرف المواطن عن الفساد والمسدين أكثر من كلمة المفسدين والفساد.

 

وأخيرا، عزيز في قفص الإتهام، ووزراء وشخصيات مرموقة دون أن نسمع لقبا أطلق على سلوك هذا النظام المالي كما عودتنا أكاديمية صنع الألقاب. صحيح أن الرئيس السابق عزيز لم يكن خائنا، لأن كلمة خيانة شطب عليها من قبل اللجنة العسكرية للخلاص الوطني ولا مبذرا على غرار حكم هيدالة فلم يسمع أن الرجل بذر فلسا ولا أذاع أنصاره أنه بذر، ولوا على سبيل المدح. وما كان مفسدا على غرار معاوية الذي كان ينفق المال من أجل سلطته وكرامة حزبه بل كان الحزب هو من ينفق من أجل كرامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ويبذل الغالي والنفيس من أجل أن يتقبل أغلبيته البرلمانية التي حصل عليها مرشحوه بعد جهد وكد كقرابين ولاء من جل الحصول على موطئ قدم تحت ظل عرشه الموطد لتوطيد أركان وجودهم المهددة دائما عنده.

 

لا أظن أن الأمر يتطلب الكثير من التفكير والتحليل العميق ولا النحيب على لقب يصنع لنظام عزيز ما دامت الملفات هي من يتحدث وشرطة مكافحة الفساد تقتاد الشخصية بعد الشخصية والاستجوابات بعد الاستجوابات، فهذا هو ما يريده الشعب لأن هذا الشعب المسكين مل الألقاب فهو يريد أن يرى الخونة والمبذرين والمفسدين لا سماعا لا أن يسمع عن الخيانة والتبذير والفساد.