على مدار الساعة

المعرفة وأسباب النجاح

26 يوليو, 2020 - 18:37
المحامي/ محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم

لا تعد المعرفة سببا من أسباب الحظوة الرئيسية في بلدنا وغالبا ما لا يمنح النبوغ العلمي صاحبه فرصة للعمل والرقي الوظيفي بعكس ما عليه الحال في البلدان المتقدمة التي تنقب عن التميز المعرفي وتهتم بأصحابه.. وبعدما تناقلته المواقع الإلكترونية الوطنية وعبر عنه بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي من اعتداد بالدكتور محمد ولد أحمدناه ولد اسويدات، بعد تعيينه، نهاية سنة 2018، عميدا لكلية الزراعة والبيئة بجامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية، ارتأيت المشاركة بنبذة مختصرة عن محطات في حياته وهي فرصة للتذكير بالتهميش الذي يلقاه الخبراء الوطنيون ويدفعهم للهجرة.

 

1

حصل ولد اسويدات على الباكالوريا الوطنية في ثمانينات القرن العشرين وتخرج، سنة 1989، من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بشهادة مهندس في علوم الثروة البحرية Ingénieur Halieute..  وعندما عاد إلى الوطن أعياه الحصول على فرصة عمل، بخلاف بعض زملائه من خريجي معهد IAV ممن أتيح لهم الالتحاق بالمركز الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد  CNROP  الذي سيصبح فيما بعد معهدا (IMROP)..

 

بعد رحلة مع البطالة عهد الأمير سيد أحمد ولد أحمد العيده رحمه الله، لولد اسويدات بتسيير مؤسسة الرجاء للصيد التي كانت حينها تملك سفينة واحدة ومتهالكة.. وبعد سنوات من العمل الجاد والمضني تمكن صاحبنا من توفير تكاليف السفر وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أكمل دراساته العليا وتألق بتقديم إسهامات مميزة في مجال البحث العلمي أهلته لعمادة كلية ذات باع طويل في البحث والابتكار على الصعيد العالمي.

 

2

وأذكر أنه خلال سنواته الأولى في الغربة وفر صاحبنا مبلغا اشترى به سيارة مستعملة شحنها، ليستخدمها عندما يعود في العطلة إلى الوطن.

 

بعد أسابيع من تفريغ سيارة ولد اسويدات في ميناء نواذيبو عمدت مصالح الجمارك إلى مصادرتها وبيعها بثمن بخس لتغطية الحقوق.. حينها اتصل بي الدكتور محمد وعندما طالعت ملف التفويت لاحظت أن بيع السيارة تم قبل اكتمال الأجل اللازم قانونا.. وتفهم مسؤولو الجمارك عدم مراعاة المساطر المقررة في مدونة الجمارك وتراجعوا عن البيع.

 

3

وليس الدكتور محمد إلا مثالا من عشرات الخبراء الذين عانوا التهميش وهاجروا بحثا عمن يقدر مؤهلاتهم في أرض الله الواسعة.. أذكر منهم الدكتور سيدنا عبد الرحمن ولد دداح الذي تخرج من نفس معهد الحسن الثاني وعمل باحثا في مركز بحوث المحيطات والصيد إلا أنه اضطر للهجرة للولايات المتحدة الأمريكية أيضا حيث يعمل خبيرا في شركة  Exxon Mobil.

 

4

وجملة القول أنه بعكس دأبنا في تهميش الخبراء وعدم توظيف الكفاءات فإن دول الغرب وبخاصة بلاد العم سام تهتم بالمعرفة وتجد في البحث عن الخبراء وتشجيعهم ولعل ذلك يعد من أهم أسباب تقدمها كما يعد عدم اعتماد معايير موضوعية للتوظيف والتعيين عندنا سببا من أسباب التخلف الذي نتردى فيه.