على مدار الساعة

مدينة بدر الجديدة ببلدية أم لحياظ أية معايير؟

9 أغسطس, 2023 - 16:43
عبدي محمد فال البكاي – باحث في شؤون اللامركزية

شكلت فوضى التقري العشوائي منذ منتصف الثمانيات إحدى الإشكالات المركزية التي أرقت الحكومات المتعاقبة وذلك لسببين أثنين هما:

 

الخوف من النزوح الجماعي من القرى والأرياف باتجاه المدن الكبيرة وما يترتب على ذلك من اختلالات في توزيع السكان.

 

 والسبب الثاني هو الخوف من تشتيت جهود الدولة وعدم قدرتها على توفير الخدمات الاساسية لكل أسرة تطمح الإنشاء كيان خاص بها ضمن حيزها الجغرافي التي كانت تنتجع فيه عبر رحلتي الشتاء والصيف.

 

وأمام هذه الوضعية اتجهت سياسة الحكومة وخاصة في التسعينات من القرن الماضي إلى تشجيع ظاهرة التقري الفوضوي في إطار سياسة تثبيت السكان في مواطنهم الاصلية، إلا أن السلطات أدركت وبسرعة خطورة هذه الظاهرة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.

 

وفي هذا الإطار تم طرح سياسات بديلة تضمن للسكان بقاءهم في مواطنهم وتركيز جهود الدولة في مجال توفير الخدمات الضرورية، من خلال أنشاء تجمعات سكانية يأوي إليها سكان القري والارياف المتجاورة، تعمل الدولة على تزويدها بكافة الخدمات الأساسية من: ماء وصحة وتعليم وأمن و تهيئتها مجليا لتكون صالحة لممارسة مختلف الانشطة ذات الطابع التنموي.

 

ومنذ وصوله إلى السلطة حرص رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أن تكون سياسات وجهود الدولة منصبة ومركزة على المواطن الموريتاني أين ما كان، ومستعدة للاستجابة لمطالبه وهمومه وخاصة سكان المناطق النائية البعيدة.

 

وفي سياق هذا التوجه نستوعب تماما الخطوة الأخيرة المتعلقة باستحداث وإنشاء مدينة بدر الواقعة في بلدية أم لحياظ بولاية الحوض الغربي، والذي صادق عليه مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأخير.

 

وقد تلقى سكان البلدية هذه الخطوة بكثير من الاهتمام والتقدير، غير أن الموقع الجغرافي للمدينة الجديدة نغص من فرحة السكان بهذا الإنجاز الذي طال انتظارهم له، وذلك لعدة أسباب من أهمها:

 

ـ البعد الواضح عن القرى والأرياف المستهدفة،

ـ غياب الأراضي الصالحة للزراعة

ـ التعقيدات السياسية المرتبطة بالمكان

ـ تخوف سكان عاصمة البلدية من تأثير المشروع على كيانها وخاصة أن عاصمة البلدية لم تحظى ببنية تحتية تحصنها من الهجرة فهي تعاني من عزلة شديدة ولا توجد بها وحدة أمنية ولم تستفد من التخطيط.

 

 كما تعاني هذه البلدية التي تعد ثاني خزان انتخابي بالمقاطعة بعد بلدية العيون المركزية، العطش، رغم موقعها المتميز وزخمها الاقتصادي وكثافتها السكانية.

 

كل هذا يجعل مراجعة الموقع ضروري لتفادي المخاطر المتعلقة بقبول السكان لهذا المشروع التاريخي الكبير.