على مدار الساعة

شبو...لا تنم (شعر)

7 أغسطس, 2022 - 02:21
 الشاعر/ يحيى المبارك

في تناص أدبي مع قصيدة الشاعر المصري أمل دنقل (لا تصالح): يقدم الشاعر الموريتاني /  يحيى المبارك قصيدة (شبو..لا تنم) كصدى من أصداء حادثة الفتى شبو..   

 

شبو...لا تنم (شعر)

_______________1______________

 

شَبّو!!

لا

لا تنم..!!

يا بنيّ

ولو قلّدوك الذهب

أتُرى؟ حينُ أُبْدِل عينيّ أُثبِتُ جوهرتينِ مكانَهما أأرى؟..

 وعينايَ أنت (وجوهرتايَ).. فلا قَدّرا...!

أبقِ عينيكَ مفتوحتينِ بنيَّ.. لأبقى أرى

فعيناك عيناي 

لا لا تنم يا حبيبي... حبيبَ أخيّ

لا تنجرِف... لا تغب..

تلك أشياء لا تُشترى

إذا نِمتَ يابْني

فيا أبتا للديارِ..

ويا أبتا للقُرى

 

شبو!!

لا

لا تنم؛

لأذوق الكرى

لا تنم.. أنت حيّ

 أبقِ عينيكَ مفتوحتينِ بنيَّ.. لأبقى أرى

تلك أشياء لا تشترى

ذكرياتُ الطفولةِ...

وعدُ الرجولةِ..

أنكَ أنتَ أنايَ المؤجَّلةَ الوارفة

أنَّكَ أنتَ نخيليَ في الغربةِ الصَّائِفة

 وذاك الشعور الطريفُ اللطيفُ الذي بيننا...

 كالأُخوَّةْ

إذ ما كبِرتَ.. ونادمتني

وذاكَ الشعور الجميل الذي

هو نصفُ أبوَّةْ

ونصفُ بنوَّةْ

..كلُّ الأبُوَّةْ...

أنَّ سيفان سيفيَ

صوتان صوتيَ

أنك لي ما حَيينا...وأنيَ لك

 

______2_____

 

شَّبو!!

لا..,

إذا السيل جاور سمعك يُعلي احتِدامَه

فلا تنسَ أنَّ الطريقَ أمامَه

ولا تنسَ أشجار صبرٍ له واقِفة..

تروِّضَ ذِئبانه بالصمودِ... وتُمسِكُ أغصانَها الآزِفة

ليبقى الحمام على العشِّ... مهتنئًا بالسلامة

شبُّو

لا لا تنم لا

فما ذنب أمِّكَ.. مِن بعدِ تلكَ المنامَة

فعيناكَ طوقُ الحمامَة

لا تنم يا بنيَّ.. فما ذنبُ أمِّك...

 ما ذنبُ هذي

 اليمامة!:

لتَرى العُشَّ منتثِرًا والرياحَ به عاصفة

لا تنم يا حبيبي.. ولو خدرتك النجوم

وغنت لك الموجةُ الباردة

وألقت لك الضحكةَ الواعدة

__

فالمَظَليُّ يَشتدُّ

يَلبسُ خوذَتَهُ

الْمنقذون على رميةٍ..

قادمون

قابَ كأسينِ!!

يطوون أسماءَ هذي البلادِ الفسيحةِ طي

وسماواتِها

أنت في وطنٍ.. شاسِعٍ.. يا بُني

أنت في وطنٍ...

شبو لا!!

لا تنم

أنت حيّ...

 

_______3______

بنيّ؟!

أنت حي؟!

....

على حجَرِ الصبر

عشرين ساعة

كما لبثوا فيه ِ- أهليَ -

 عشرين عمرًا..

(يعيشون في الأرضِ)......

 ستين سبتًا

على حَجر العيشةِ المستطاعة

بزادٍ وراحِلةٍ واستِطاعة

 وحيتانُهم لا تجيء

ولا في الأحد

لعل العطايا نسيءْ

يراها أحد؟

لعل العطايا سلَم

يراهُ أحد 

أو اثنين

(من جدَّ يابْني وَجَد)!

....

وأهلي هناكَ...هنا..

يرفعون العلَم

في الحنايا يضيء

...فهل سيضيء

بأشواقِنا.. نحوَ غدْ

 

_____4_____

 

شبُّو لا تنخدع بالثلاثةِ

تجلو عن القلب... أحزانهُ:

(الْماء منها - كما قيل-)!

ما الماءُ.. إلا شرَكَ!

ولو قلتَ في السِّرِّ ما أبهَرك!!

فما الحيَّ.. ما الحيُّ

 إلا الذي لا يُضيِّعُ إيمانَهُ

يا بُنيّْ

بجوديِّ قلبك يرسو الأمل

فلستَ على السيل مما احتمَل

:::

شبو لا لا تنم

قم.. وقم

تتدلى...

__

عن الوهم

تُعلي القدم

وترقى على أغنياتِ العدم

فرِجلاك يا ولدي سدُّ مأربِ أحلامِنا

دون سيلٍ العرم

تقولانِ.. للشعب لا تنهزِم

فكم هدَّ أشواقه من عرِم

 

______5_____

 

...متى يركبُ الشَّعبُ أحلامَه الفاخِرة؟!

متى يؤمن المالُ... بالآخرة؟!

متى يَنبتُ الحلم

في الكتفِ البرزخيَّة

والمنكبِ البرزخي!

أليس لما – بعدَ - برزخنا من سبيل؟

فهل من خروج إلى السلسبيل

بِعامٍ... يغاثُ به ...الحالِمون

إننا

 ههنا — هناكَ ---هنا...(ع ا ل ق و ن)

 نلوِّن ستين سُنبلةً بِرؤانا

 فيتَّخذُ السَّيلُ ألوانَها

مِن يَدينا

ويَتركُها في يدينا عِجافا

متى يعبُرُ العابِرون رؤانا

إلينا...انخِطافا

متى تصِلُ الطَّائرة؟

وتأخُذُنا الآصِرة

وتأسُرُنا لحظةٌ شَّاعِرة؛

فنطربُ مِن مِدحةِ المتَنبِّي:

(أيها القانعون بالمبتدا

الرِّضى بالأقلِّ رَدى

وللنقص ...

للنقص من عجز أهلِ التمامِ

صَدى...)!

 

______6_____

 

فماذا علينا إذا ما خرجنا جميعًا

إلى بلدٍ آسيويٍّ مرتَّب

كحُلمٍ منضَّب

نهاديهِ ملبوسَنا المَلكيَّ

بنوعيهِ

نُعطيهِ

أسلوبَنا في الحياةِ

لوازمَ خيمتِنا البدويَّة

وسائِدَ جلديَّةً فاخِرة

كلوحاتِ فان جوخ

تسبي القلوب

كؤوسًا مزركشةً بالشَّآم المُنقَّط

كتغريبةٍ غجريَّةْ

كقَطرةِ حِبرٍ على ساريَةْ

كنَقرةِ عصفورةٍ في الكرَزْ

كأسوارِ غرناطةٍ

كلِقاءاتِها

الشاعريةْ

كحرفِ موشّحةٍ

عبقريةْ

 

___

نُحدِّثِه

(إنَّ الحديثَ من القرى)

 ويُحَدِّثُنا

عن طريقِ الحرير وأيامه

وأمجادِه التِّقنيَّة

نُجَرِّبُ أن نَشتِري منهُ

...بالينِّ والبيتكْوين والعُمَلِ الرَّقمية

 

__

 

نفكُّ له حرفَ ديوانِ غيلانَ

نَمدحُهُ بالكلامَ المُصوَّرْ

والأحرفِ الخشبيّة

فذلك أدعى لأن يتصوَّرْ

مكانتَه عندنا

نُتحِفُه

(ظبيةً) للثرائِدِ والمُقتَضى

قلَمًا ينتَضى

شَتوةً عامِرةْ

وضربًا بأيَّام تيرسَ لا يَنتهي

ومقامًا كريم

  ليَشعُرَ بالشِّعرِ

أو يَتعطَّفَ بالفَخرِ

أو ينتمي لتميم

___

نعِدُّ له الشَّايَ... من

(مِجمرةْ)

و(سخارةٍ)من قديم

 ونَلعَبُ لُعبتنا في الكؤوسِ معَه!

له الشايَ..

أَصراعَهُ الأربعة

له السهرةَ الممتِعة

 كما لم يذق قبلُ.. في أرضِه

 عجَبًا منبَعٌ يلتقي منبَعَه!

على صبةِ الشايِ

نُسمِعُه صَبةً من أدب

ونحكي له طلعةً طلعتينِ

ونَحكي له (حدّ اصيل فتكانت..)

ونَحكي له من عجب

(اسبوعي بالنَّشاي... متعدَّل يالعطَّاي)

(ولا كط من انتِشاي..الدنيا جبرُ حَد)

(زين اسبوع اكنكاي.. وزين اسبوع المحرَد)

(غير اسبوع ادَباي.. من لعمر ماينعدّ)

(مولاه اللّي غلَّاه.. امشَ عنو واكعَد)

(وابكيت انَ موراه... ما شتكيت اعلَ حد)

 

.إلى آخره....

.

إذا اجتمع الشاي والشعر في باله والطرب

فسوفَ يوقعَ شيكًا على الشحمِ واللحمِ عند الطَّلب

ويُطرِبُنا بالبِناء..

بالبناء الحَضاريِّ

يُطرِبنا بالبِناءْ....

 

_____7______

(لا..

لا تنم يا بُنيّ)

نُعاقِدُه

ونبادله ساعةً بيتَنا

ذلك الآسيَويُّ الكريم!

 ليجبُر فينا كسور البيوت

ويعطي المِساجَ شوارعنا الواهنة

ويَعدِلَ أفكارنا الذاهِنة

فقبضتنا من ترابِ الحياة - الذي عندنا -.مبطَّئةٌ رَخصةٌ ليِّنة

ننقِّبُ عن ذهبِ الأمكِنة

أين المكان؟!

-(نَحتاجُ يوغا حَضاريَّةً لنُحسَّ)!-

ربما...

  ومستبقلٌ واهنٌ ...في الحِسابات: أوهن من نسجة العنكبوتْ

 ___

 يبادلنا ساعةً بيتَنا... آلُ تلك العيون الصغيرةْ

وربِّكَ لَلصَّفقةُ الرابِحة..!!

راابحة!!

فكم

قد خُدعنا بنا يا(نِزار)

بتلك العيون... العيون الكبيرة!!

 (تنام الليالي بأهدابِها

ليالي البوادي وأحسابِها)

وأنسابِها

خُدِعنا بِها

الحسبُ الآن أن نرتقي

 

أن نكون

الحسب الآن أن نلتقي

 

في الظنون

 

____8_____

 

فيا آلُ، يا آلَ تلكَ العيونِ الصَّغيرةْ

تعالَ إلينا

وخُذ من يَدينا

قُرانا

فنحنُ على السَّيلِ

نَحمي قُوانا

إليكَ المدُن

إليكَ القُرى

إليكَ الفراجير والمِسطرَة

لكَ الرملُ والبحرُ والمقدِرة

فنحن على قِلةٍ..

على قُلَّةٍ

ننزَوي

ريثما تُكمِلُ الواجِبا

ريثَما تَعقد الحاجِبا

دقائق..

 ثمَّ تعيد لنا أرضنا خُبزةً ساخنة!

حضارة...

أرضَنا!!

يا خبَر!!

حُلوةً كالحياةِ...ودائرةً كالقمر

وكالمُدن الثامنة!!

 ..رتَّب لنا أرضنا-عشتَ- رتب لنا ياكريم

____

وقُلها:

بيوتا كعينيك جدًا صغيرة

ولكنها حُلوةٌ... كالغديرة

مضيئة

مليئة

هنيئة

تُطِلُّ على طُرقاتِ الأمَل

نرى جرحنا الفوضويَّ العميقَ...

 نرى جرحنا الفوضويَّ العميقَ...اندَمَل

بيوتًا تُحسُّ إذا ما اقتربنا بنا

بيوتًا إذا ما احتوتنا... كبيرة

وأرضًا قريرة...

فرتِّب لنا أرضنا يا كريم

إننا طيبون...

 وخيمتنا العربيَّة...مفتوحةٌ للأبد

وأموالُنا في البنوكِ لِبَد

 إننا طيبون عباقرةٌ

 لا نحب الكبَد

لا نُحِب النَّكد

وآباؤنا نثرونا بكلِّ بلد

بهذا البلد

هاجروا مالَهم من أحَد

رجعوا.. مالَهم من أحد

___

لكننا شُعراء..

لا نُحِسُّ بجُرح الحضارة

لا نُعاتِبُه...

سوفَ تَستُرُه في الُمحيطِ مَحارة

.

.

.

سيَحتمِل السيل أتعابَنا يا غريب

لا تنَم

_______ 9_______

طيبون...نعم

أصفِياءْ

نحن من فِلةٍ في أوروبَّا إلى فِلةٍ في الخيام إلى فلةٍ في الخيالِ

إلى فكرةٍ في الرغَد

إلى حُلْمِ أرضٍ بِغد

إننا فقراء. نعم

إننا أغنياء. بلى

إننا فقراء. بلى

إننا أغنياء. نعم

ولكننا-فجأةً- واقفون على دومةِ السَّيل

نخشى الغَرق!!

(على) وطنٍ مُفترَق

في انتظار الألق

نُربي الشُّروقَ بنا ونَفُكّ الغسق

ندُقُّ حواسيبَنا

في انتظارِ الفلق

 

__

شبو لا لا تنم

إننا قادمون

سوفَ نُرتِّبُ أوراقنا ونَشُد حقائبنا

ونكون

إننا قادِمون

لا تنَم

أنت حيّ

.

.

___

مواردنا وسنابلنا...

وروادُنا في العلومْ

وحدتُنا الوطنيةْ...

إرادتنا...وإدارتُنا وهيَ ترقى

 مراقي النجومْ

في الشرَفْ

في البناء الكبير المرومْ

____

بلاد المنارةِ..

فيها منار

حاضِرٌ

وغَدٌ واعِدٌ

يَستَحِقُّ انتِظار

 

____10_____

 

بلادَ الأباةِ

 الهُداةِ الكرام

وحِصنَ الكتابِ

 الذي لا يُضام

أيا موريتانِ

ربيعَ الوئام

وركنَ السماحةِ

 ثَغرَ السَّلام

سنحمي حِماكِ

 ونحنُ فِداكِ

ونَكسوا رُباكِ بلونِ الأمَل

ونَكسوا رُباكِ بلونِ الأمَل

...

...