على مدار الساعة

ولد عبد الودود: الشعر بموريتانيا يعاني لعنة التاريخ والجغرافيا وجرح ذوي القربى

26 أكتوبر, 2017 - 14:54
محمد فال سيدنا - medvall31z@gmail.com

الأخبار (نواكشوط) – قال الشاعر الموريتاني خالد عبد الودود إن "الشعر في موريتانيا يُعاني لعنة التاريخ وظلم الجغرافيا وجرح ذوي القربى، فلعنة التاريخ تتمثل في لقب بلد المليون شاعر التي تجعلنا وجهة أنظار العالم العربي، في حين لا نستطيع أن نكون على قدر هذا التحدي. والجغرافيا جعلت شعرنا في عزلة إعلامية لا يستحقها، في حين يفرض الإعلام العربي علينا ببغاواة لا تملك من المؤهلات ما يجعلها تستحق صفة شاعر".

 

وأردف: "أما جرح ذوي القربى فيتمثل في مُتَكَسِّبِين جعلوا الشعر وسيلة عيش على حساب المبدإ والكرامة، حتى صار الشعر وأهله محل سخرية العامة والخاصة... وعموما نمتلك شعراء مجيدين، رغم غياب البنية الثقافية والنقدية المطلوبة لتطوير الشعر".

وجاء حديث الشاعر ولد عبد الودود وهو طبيب أسنان خلال حديثه في "دردشة الأربعاء" على الأخبار.

 

فإلى نص الدردشة الأسبوعية:

هي "دردشة" خفيفة مع شخصيات علمية، أدبية، وإعلامية، وسياسية… يكون لها تأثير مشهود في الوسائط الاجتماعية. نحاور الضيف حول تخصصه ومجاله، ونطلب رأيه في بعض القضايا المختلفة التي تلوح في جدول الأحداث المرتبطة بالشأن المحلي أو العالمي…
يتم نشر "الدردشة"  ــ حصريا ــ في صحيفة "الأخبار" التي تصدر كل "أربعاء".
 

 

#ضيف_الدردشة (الحلقة: 2)
الشاعر والدكتور خالد ولد عبد الودودهو طبيب الأسنان الشاعر "خالد ولد عبد الودود" من مواليد (1985) يحمل درجة دكتورا في طب الأسنان، من إحدى الجامعات الجزائرية، يعمل ضيفنا في بعض  المراكز الطبية العمومية بالعاصمة نواكشوط، وله عيادة خاصة لطب الأسنان بحي كارفور (مقاطعة عرفات).
عضو في اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، وله ديوان شعري يجمع الشعرين (العمودي، الحر).

جرت الدردشة معه على النحو التالي:

محمد فال سيدنا: 

بداية نشكركم على قبول الدعوة إلى "الدردشة" معنا، ونذكركم ــ والسادةَ القراء ــ أنها لا تتجاوز "ساعة" (ستين دقيقة) فلو تفضلتم بالإيجاز في الردود حتى نتمكن من تناول موضوعات مختلفة في هذه "الحلقة".

والسؤال الأول: نشرتْ "صحيفة الأخبار إنفو" في عددها الأخير ــ الصادر 18 أكتوبر الجاري ــ تحقيقا عن "الأدوية المزورة في موريتانيا"، تناقلته الصحف والمواقع الإلكترونية. وأنتم طبيب أسنان، ما حظ طب الأسنان في موريتانيا من هذه الأدوية؟ وهل هناك توصية تخص بها قراء "الصحيفة" بهذا الصدد (تحذير من أدوية معينة مثلا)؟

خالد ولد عبد الودود

بالنسبة لقضية الأدوية فعلا هي قضية واقعية، وأنا كطبيب أسنان شاهد على وجود الأدوية المزورة بشكل فظيع، وحتى المواد الصناعية المستخدمة في علاجات الأسنان، نظرا لغياب الدور الرقابي، وقد كنت ضمن وفد من الزملاء طرحنا هذا الموضوع أكثر من مرة على وزير الصحة( الماضي، والحالي) دون جدوى.

فأنصح بالتدقيق في مصدر الدواء أولا قبل استعماله، خصوصا المضادات الحيوية واسعة الانتشار، وهي الأكثر استعمالا في مجالنا، وكذلك مسكنات الألم ذات المفعول القصير المدى.
اليوم نشرت الوزارة لائحة بأدوية خاصة بالأطفال نحذر منها... أما غير ذلك فلا أنصح بسوى التأكد من مصدر الدواء وعدم أخذه دون وصفة طبية.
 

محمد فال:

حسب تجربتكم؛ ما أكثر الحالات شيوعا في "أمراض الفم" بموريتانيا، وهل هناك أغذية محلية تحذرون من ضررها على الأسنان؟

 

خالد ولد عبد الودود:

قد تتفاجؤون حين أقول إن أكثر الأمراض "الفموية" في البلد هو التهابات اللثة الناتجة عن تراكم طبقات الجير(tarte) التي تتشكل ببساطة من مخلفات الأطعمة، ما يعطي صورة عن درجة الإهمال وغياب الثقافة الصحية المتعلقة بالفم والأسنان.

 

محمد فال

أشرنا ــ في تقديمكم للقراء ــ إلى أنك شاعر، فكيف رأيت الجمع بين العُدْوَتَيْن (الشعر، والطب)؟

خالد ولد عبد الودود:
أعتقد أني لست بدعا من الشعراء في هذا الموضوع، والعُدْوَتان تتكاملان أكثر مما تتنافسان، فبالنسبة لي كل شاعر هو مشروع طبيب، والعكس صحيح، وعبر التاريخ الأدبي العالمي هناك شعراء كبار كانوا أطباء. الطب يُعنى بصحة الأبدان والشعر علاج للروح، فتكامل الإثنين يعطينا الإنسان السويّ الذي ننشده!.

محمد فال

تختلف معايير الجمال من مجتمع لآخر، ولمجتمعنا معاييره الخاصة به، ولهم في جمال الأسنان ذوق وصفات محببة، فالنساء في مجتمع "الفلان" ــ مثلا  ــ يعمدون لما يسمى محليا ب"الترشاخ" ليتحول لون اللثة للسواد، وكذلك يفعلون بالشفتين... فهل لذلك ضرر؟ وهل يوفر أطباء الأسنان للموريتانيات ما يلبي رغبتهن في تجميل الأسنان تبعا للعادات والمعايير المحلية(التشراك، الفلجة... مثلا)؟

 

خالد ولد عبد الودود:

بخصوص موضوع "الترشاخ" فهو لا يعدو كونه إحداث نزيف على مستوى اللثة والشفتين، ثم وضع مواد ملونة(فحم وحجارة) حتى يتم امتصاصها من طرف الأنسجة أثناء التئام الجرح، وهذا طبعا ليس له أي أساس علمي بقدرما هو عادة متوارثة.

 

وبالنسبة لنا نحن المختصين فكل تغيير يتم على الجسم البشري دون الخضوع لمعايير علمية واضحة هو تغيير مُضر.

 

أما بخصوص الشق الثاني من السؤال؛ الإجابة: نعم!، حيث توفر عيادات الأسنان كل ما يتعلق بالجانب التجميلي من تبييض وتقويم وعلاج ... إلخ.

 

محمد فال

هل تذكر قصيدة أو أبياتا تفتقت في ذهنك أثناء الانهماك في العمل بالعيادة؟
 

خالد ولد عبد الودود
لا أذكر حقيقة؛ فمجالنا هو مجال ثري بالحالات الإنسانية الثرية والملهمة في حد ذاتها، ولكن ما يداهمك أثناء العمل هو الفكرة وليس النص، لأن القصيدة تحتاج لحظة أقل دمويّة من لحظة عمل طبّي، فالقصيدة قد تقتحمك أثناء جُرح، ولكنها تفر منك أثناء الجراحة.
 

محمد فال

ـ كيف ترى واقع الشعر في موريتانيا اليوم؟

 

خالد ولد عبد الودود
هذا سؤال محفوف بالمكاره، الشعر في موريتانيا يُعاني لعنة التاريخ وظلم الجغرافيا وجرح ذوي القربى، فلعنة التاريخ تتمثل في لقب بلد المليون شاعر التي تجعلنا وجهة أنظار العالم العربي، في حين لانستطيع أن نكون على قدر هذا التحدي. و الجغرافيا جعلت شعرنا في عزلة إعلامية لايستحقها، في حين يفرض الإعلام العربي علينا ببغاواة لا تملك من المؤهلات ما يجعلها تستحق صفة شاعر.

 

أما جرح ذوي القربى يتمثل في مُتَكَسِّبِين جعلوا الشعر وسيلة عيش على حساب المبدإ والكرامة، حتى صار الشعر وأهله محل سخرية العامة والخاصة... وعموما نمتلك شعراء مجيدين، رغم غياب البنية الثقافية والنقدية المطلوبة لتطوير الشعر.
 

محمد فال:

ــ تزخر الثقافة الشعبية المحلية بالرموز(تيبة، ديلول...)، وللشعراء حكاية مع "الرمز" لانستطيع فتح بابها الآن في هذه الدردشة "الخفيفة"، فهل تناول الشعراء الموريتانيون هذه الرموز لتسويقها عالميا؟

 

خالد ولد عبد الودود:

فعلا هناك شعراء -على قلتهم- وظفوا الرموز المحلية في أشعارهم، خصوصا محمد ولد أحمد يوره، و ول محمدي، كما أنني لاحظت في الفترة الأخيرة عودة بعض الشعراء الشباب لتلك الرموز، ولكن عموما تظل الرموز والأساطير العربية وحتى العالمية أكثر حضورا في شعرنا، وهذا مما يضعف حضور الهوية المحلية في الشعر الموريتاني.
 

محمد فال

ــ في الأخير؛ لو تفضلتم بمقطع قصير هو الأقرب إليك من بين قصائدك!.

 

خالد ولد عبد الودود:

مازلتُ في رَحمِ الحياة أُحسُّني :: طينًا.. وبعضا من رذَاذِ الماءِ

أتلمّسُ الدنيا... بلَمسةِ شاعرٍ :: أحْنُو.. ويقسُو مَنطقُ الأشياءِ
أجْترُّ أحلامَ الذين تناثَروا  :: فلعلَّ في أشلائهم ... أشلائِي
 وأَوَدُّ تمزيقَ الحياة لَعلّني :: أكسو عراةً أو أسُدَّ عَرائي

أنا شاعرٌ حرٌّ وخيرُ قصائدي :: تلك التي سطّرتُها بدمائي
 ما اسْطَعتُ يومًا أن أُمجِّدَ حاكماً :: فَفَميِ تورّدَ.. في غرامِ اللائي
أحْببتُهنَ.. وللهوى أحكامُه ::  حُريتي... وكرامتي ..وإبائي
 ما الشعرُ إلا موقفٌ ..وقضيةٌ  :: وسِواهُما لَغوٌ... بلا استثناءِ
هو رفضُنا بغيَ الظغاةِ وغيَّهم  :: وغُرورَهم .. والخبزُ للفقراءِ
 هو روحُنا البيضاءُ نبعُ صفائنا :: هو ظلُّنا ... في هذه الصحراءِ

من قصيدة #تلاشي

محمد فال:

مقطع بديع، شكرا جزيلا أيها الطبيب الشاعر، كان الحوار معكم ذا جناحين؛ لجمعكم مجالين مختلفين، سعدنا بأجوبتكم الشافية الماتعة...  تقبلوا كامل الود و وافر الامتنان...
 

خالد ولد عبد الودود

- أنا سعيد بدردشة خفيفة ممتعة كهذه، مع شخص بمستواكم، وأنتم تجمعون جوانب ــ لله الحمد  ــ أكثر من هذه، والتواضع سيد كل تلك الجوانب... تحياتي
 

محمد فال

بوركتم سيدي، هذا من لطفكم!.

أطيب التحيات