على مدار الساعة

ويل لموريتانيا من شر قد اقترب: قراءة في إعلان الهجرة الموريتاني الأوروبي

19 مارس, 2024 - 13:15
د الداود أبا - DAOUDABBA2014@GMAIL.COM

في الثامن عشر من مارس 2016 وقع الاتحاد الاوروبي وتركيا معاهدة إعادة الاستقبال الاتفاق الذي كان وبالا على تركيا حيث تكدس ما يقارب ستة ملايين طالبي لجوء في تراب تركيا مع ميزانية بلغت 40 مليار أورو وهو ما وضع تركيا في مأزق مالي وأمني جراء اللاجئين الممنوعين من دخول أوروبا والفارين من الحرب في سوريا وأفغانستان والعراق حسب منظمة العفو الدولية.

 

السيناريو هنا يتكرر، ولكن هذه المرة الوجهة إفريقيا عبر الدولة الأطلسية موريتانيا، ففي السابع من مارس 2024 وقعت كل من موريتانيا والاتحاد الاوروبي الإعلان المشترك حول قضايا وتحديات الهجرة والترحيل القسري مقابل دعم من طرف الاتحاد الاوروبي في 200 مليون أورو سنويا.

 

ويأتي توقيع الاعلان المشترك في وقت تعاني فيه الحكومة في نواكشوط من تدفق اللاجئين إليها من منطقة الساحل حيث صرحت هذه الأخيرة في منتدى العالمي للاجئين الذي انعقد في جنيف دجنبر سنة 2023 أن موريتانيا تستضيف حاليا أكثر من 150 ألف لاجئ وتوقع برنامج الأغذية العالمي وصول زهاء 100 ألف لاجئ جديد من دول الساحل بسبب الأوضاع التي تعرفها المنطقة من انقلابات وعدم استقرار سياسي.

 

ومع الاتفاق الجديد مع الاتحاد الأوروبي، وبناء على المادة: 8 من الإعلان الذي عرف موريتانيا كبلد عبور، والمادة: 25 التي نصت على أن "استضافة اللاجئين والعمل على حمايتهم الدولية بما في ذلك طالبي اللجوء، وتسهيل عملية رجوع من ليس لهم الحق في البقاء، مع احترام حقوق الانسان والنظم الدولية المتعلقة بالأشخاص ذوي الحاجة لحماية دولية طبقا لما يجري به العمل في موريتانيا والاتحاد الأوروبي"، وبذلك أصبحت موريتانيا دولة مستضيفة.

 

ومع عدم تحمس دول الاتحاد الاوروبي لاستقبال اللاجئين والمهاجريين الأفارقة وتراجع الشركاء السابقين تركيا واليونان عن استقبال اللاجئين المكدسين على الحدود منذ سنوات وما يرافق ذلك من خطر وتهديد للاستقرار الاقتصادي وتهديد القدرات اللوجستية للبلدان المستضيفة ناهيك عن تشويه الصورة لدى المجتمع الدولي.

 

برزت موريتانيا كحل للأوروبيين فبشراكة مع قوات حرس الحدود الأوروبية فورنتكس والسلطات الموريتانية أو وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء أو مع إحدى دول الاتحاد الأوروبي منفردة أو مع الاتحاد الأوروبي مجتمعا سيتم حسب مواد المجالات الرئيسية والأهداف للإعلان التصدي للهجرة تفعيل مبادئ اللجوء حسب القانون الدولي تسجيل والتكفل وتوثيق اللاجئين وتعزيز القدرة على ذلك من خلال استحداث مراكز لذلك مع تفعيل مع مبدأ إعادة اللاجئين إلى موريتانيا مع إعادة دمجهم حسب الفقرات الخمسة المحددة في المجالات الرئيسية والأهداف من الإعلان المشترك.

 

وفي تصريح للحكومة الموريتانية أن هذا الاعلان لا يمثل إضرار بالمصالح العامة للدولة الموريتانية وأن الحكومة تعمل على تعبئة الموارد المالية والدعم من طرف الشركاء لتوفير الشروط الأساسية لمتطلبات الاندماج كما تعتزم توفير التعليم بوصفه الأداة الأولى لترسيخ ثقافة التسامح والسلام.

 

فويل لموريتانيا من شر قد اقترب، فبالرجوع لواقع الهجرة والمهاجرين القاصدين أوروبا وأزمة اللاجئين فهي سبب تراجع أداء الاقتصاد اليوناني والتركي، وهي سبب أزمة الأمن على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي فبين لعنتي حماية الحدود وحماية حقوق الإنسان وقفت دول عاجزة عن تسيير ملف الهجرة، وللأسف الدول المستقبلة للمهاجرين في أوروبا أصبحت تبحث عن الهجرة الهادفة إلى جلب العقول واليد الماهرة، ولا تسعى إلى تبني العمالة وتكدس الباحثين عن المساعدات.

 

إضافة إلى ذلك الواقع الموريتاني الذي لا أظن أنه يساعد فبلد يعاني 60% من سكانه من الفقر المدقع وانعدام لفرص التعليم وتدني مستويات الصحة وانعدام فرص العمل ناهيك عن شساعة البلاد ومحدودية السلطة الأمنية فإن تحويل موريتانيا إلى مركز لاستضافة المهاجرين المطرودين من أوروبا وتفعيل اللجوء الإجباري في موريتانيا مع قطع الطريق على الهجرة غير الشرعية من خلال إدماج المهاجرين في موريتانيا بدل أوروبا فإن ذلك ينذر بكارثة وأزمة جديدة على شاكلة مخيم لامبيدوزا الإيطالية الذي تحول الى وصمة عار في الاتحاد الاوروبي خصوصا مع تحذير برنامج الأغذية العالمي من خطورة الضغط على السكان المحليين في موريتانيا والذين يعانون من شح الموارد وارتفاع معدلات الفقر إذ يرى أن مضايقتهم قد تكون سببا في الفوضى والتوتر.

 

وبالتالي فإن موريتانيا التي تعرف تنوعا عرقيا له امتدادات و جذور في كافة دول غرب وشمال إفريقيا ومع جلب المهاجرين وتوطينهم سيساهم في جلب اختلالات للتركيبة الديموغرافية لسكان موريتانيا، وأول بوادر ذلك ما عرفته ولاية الحوض الشرقي الموريتاني من مواجهات وإضرابات بين السكان المحليين واللاجئين الأزاواديين ولم يتم السيطرة عليها إلا بعد تدخل قوات الجيش الموريتاني، فهل ما نصت عليه المادة الخامسة من  المجالات الرئيسية والأهداف بالإعلان المشترك ستساهم في حماية السيادة الموريتانية أم سينتج عنها أزمة إفريقية جديدة كسابقاتها.