على مدار الساعة

محاربة الفساد أهم مكتسبات المأمورية

17 يناير, 2024 - 01:27
باب ولد ينيوك - برلماني سابق

أثبتت التقارير الدولية أنه كلما تراجع مؤشر الفساد كلما ارتفعت المداخيل الضريبية للدولة والعكس، فرواندا مثلا الدولة الأفريقية المنهكة بالحرب الأهلية استطاعت رفع الإيرادات الضريبية بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة الإجراءات التي اتخذتها لمكافحة الفساد منذ منتصف التسعينات، وفي جورجيا، تم تخفيض الفساد إلى حد كبير فزادت الإيرادات الضريبية بأكثر من 13 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي بين عامي 2003 و2008.

 

وفي موريتانيا حدث تقدم مهم في مؤشر مكافحة الفساد حيث احتلت البلاد المرتبة 130، من أصل 180 دولة وذلك في طبعة المؤشر لعام 2022 مقابل احتلالها الرتبة 140 من 180 دولة في سنة 2021. أي بتقدم 10 نقاط، ويشكل هذا التقدم ترجمة للإرادة السياسية الصارمة لبناء مؤسسات قوية وشفافة قادرة على تحويل مجريات الأمور ضد الفساد.

 

حقيقة شكلت مكافحة الفساد محوراً رئيسيًا في سياسة نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني استشعارا منه لما يشكله الفساد من تآكل في قدرة الحكومة على مساعدة الاقتصاد على النمو بصورة تعود بالنفع على كل المواطنين وحرصا على التمسك بسيادة القانون وترسيخ قيم النزاهة وسياسة الشفافية.

 

لقد تم القيام بالعديد من الإصلاحات لتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة تعززت بإقرار استراتيجية وطنية لمكافحة الرشوة وتأسيس هيئة مركزية لمحاربة الفساد يعهد إليها بوضع رؤية واضحة واستراتيجية لمحاربة الرشوة.

 

وشملت آليات مكافحة الفساد، تفعيل دور المفتشية العامة للدولة والصدور المنتظم لتقارير محكمة الحسابات، وتقييم منظومة الصفقات العمومية، ونشر قائمة الصفقات المبرمة بالتراضي، وأداء اليمين من قبل الأشخاص المسؤولين عن الصفقات العمومية. مع تعزيز السلطات وفعالية الهيئات القضائية وجهات الرقابة، ودعم دور البرلمان والمجتمع المدني في مجال مكافحة الفساد.

 

وانسجاما مع هذا التوجه الرئاسي، أنجزت المفتشية العامة للدولة العديد من المهام غطت 60 مليار أوقية، لوحظ خلالها تجاوزات تضمنت 13 مليارا تم صرفها بطرق غير سليمة وفواتير وهمية ناهزت 8 مليار، إضافة إلى إخطاء تسييرية بلغت 3 مليار أوقية قديمة.

 

كما بينت تقارير محكمة الحسابات وجود نواقص جوهرية في أنظمة الرقابة الداخلية للجهات التي خضعت للرقابة. وعدم تفعيل اللجان الداخلية للصفقات والمفتشيات وإدارات التدقيق الداخلي، إضافة إلى تجاوزات شملت رصد منح عطايا وهبات دون أساس قانوني، بالإضافة إلى استغلال سيارات المشاريع بشكل غير شرعي، وتحميل هذه المشاريع نفقات لا تتعلق بالغرض الذي أنشئت من أجله.

 

لقد مكنت هذه الإجراءات من كبح جماح ماكينة الفساد وفتحت الآمال أمام تنامي ثقة الدولة عند المؤسسات الدولية المانحة، وتحققت مكاسب مهمة شملت إعادة هيكلة الديون مع الكويت والمملكة العربية السعودية التي سمحت بخفض الدين إلى 48.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 بدلا من 57.9% في 2018. كما وصل معدل النمو الاقتصادي للبلد 5.3% سنة 2022مقارنة بـ 2.4% في عام 2021، وارتفعت نسبة المداخيل الضريبية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي من 12.3% سنة 2020 الى 13.3% سنة 2021 أي بنسبة 1%، كما سجلت زيادة في المداخيل الضريبية في ميزانية الدولة بنسبة 8% سنة 2022 مقارنة مع 2021.

 

بالمحصلة مهما كان العمل علينا أن ندرك أنه ما من بلد اليوم محصن من الفساد الذي يؤدي إلى إضعاف فعالية السياسات العامة وتحويل أموال دافعي الضرائب بعيدا عن الإنفاق على الأساسيات، لكن ذلك لا يعني الاستسلام لمنطقه، وإنما لا بد من مواجهته، وأعتقد أننا قطعنا خطوات مهمة في سبيل ذلك من خلال الإرادة السياسية الجادة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في مكافحته وتقوية دور مؤسسات الرقابة لتعزيز النزاهة والمساءلة، ثم التعاون مع الجهات والمؤسسات الدولية لملاحقة المتهمين، وقد حققنا مكاسب مهمة ما كان لها أن تتحقق لولا هذه الجهود المميزة.