على مدار الساعة

أما آن لوزير العدل أن يرحل؟!

27 ديسمبر, 2023 - 16:16
بقلم محمد بوي ولد الناهي - وكيل الجمهورية سابقا لدى محكمة ولاية نواكشوط

السيد وزير العدل،

لا أخفى عليكم أنني كنت ممن استبشر بتعيينكم على رأس قطاع العدل، نظرا لتجربتكم الإدارية الطويلة، لكن يؤسفني أن ما أجده أمامي من أخطاء راكمتها السنوات الثلاثة من تجربتكم بالوزارة تؤكد خيبة أملنا فيكم.

 

السيد الوزير،

إن التراجع الكبير الذي يشهده قطاع العدل في ظل إدارتكم يؤكد أنكم الشخص المناسب في المكان غير المناسب، أي انكم تصلحون لإدارة أي قطاع وزاري إلا وزارة العدل، وذلك لأسباب عديدة منها:

- الانحراف غير المسبوق عن المعايير المتبعة في التعيين في الوظائف القضائية، باعتماد القبيلة كمعيار للتعيين، حيث شهد القطاع خلال السنوات الثلاثة من فترتكم (2021 – 2022 - 2023) أكبر موجة للتحويلات داخل صفوف القضاة، تعيينات وفق معيار القبيلة وتم إقصاء عناصر ذات كفاءات وتجربة من المجموعات الأخرى دون أي مبررات سوى النزعة القبلية والطائفية.

 

وقد أكدت التعيينات الأخيرة التي أجراها المجلس الأعلى للقضاء في دورته المنعقدة بتاريخ: 20 دجنبر 2023 هذا التوجه بشكل واضح، ولا شك في أن هذا المنهج الإقصائي سيفضى إلى تأجيج الانقسام التقليدي القائم تاريخيا بين قوميات المجتمع ويفقد القضاء شرعيته ومصداقيته كسلطة.

 

- اندفاعكم وحماسكم الزائد في إدارة الدعوى العمومية بطريقة تتنافى مع التجرد والموضوعية، وهي الصفات التي يلزم أن يتقيد بها وزير العدل في التعامل مع ملفات القضاء.

 

- غياب إرادة جادة وصادقة لإصلاح منظومة العدالة، انطلاقا من تشخيص لوضعية العدالة من حيث إشكالياتها والصعوبات التي تعترض سيرها، تمهيدا لرسم رؤية واضحة لإصلاح القضاء، وليست الأيام التشاورية المنظمة في يناير 2023 حول القضاء إلا مظهرا من مظاهر الإخفاق التي طبعت فترتكم، حيث تمت وفق منهجية لا تعتمد مقاربة شمولية في معالجة المعوقات المرتبطة بالمحيط التي يعمل فيه القضاة والإشكاليات الجوهرية الأخرى، وأسفرت تلك اللقاءات عن تقرير شامل يتضمن توصيات مستنسخة من تجارب أجنبية غير قابلة للتطبيق.

 

- التداخل القائم في نظركم وسلوككم بين ما هو شخصي وما هو قضائي، وتفسير الآراء التي لا تتفق معكم داخل القطاع بأنها مواقف مناوئة لشخصكم، وفي هذا ما فيه من منزلقات وتصفية حسابات، قد تكون التحويلات القضائية الأخيرة عبرت عن مداها السيء.

 

سيدي الوزير،

لقد خاب أملنا فيكم، واتضح أن المسار الذي أطلقتم لا يجسد إصلاحا حقيقيا وجادا لإصلاح منظومة العدالة، بل كان مجرد شعار.. وما نتمناه الآن هو أن تكذبوا توقعات أولئك الذين ينتظرون المزيد من الأخطاء القادمة والحروب الداخلية بدرجة قد تفضي إلى فوضى عارمة في قطاع العدالة. والرد الحاسم لتكذيب تلك التوقعات هو أن تقدموا استقالتكم وتزيلوا الحرج عن رئيس الجمهورية الذي ائتمنكم على القطاع ومنحكم كامل ثقته فسرتم تتصرفون كمن لا سلطان عليه إلا نفسه.