على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تبين حرمة ما يفعله الموريتانيون من تعذيب للحيوان

27 يونيو, 2023 - 16:50
الأستاذ محمدو بن البار

للإصلاح كلمة تبين حرمة ما يفعله الموريتانيون من تعذيب للحيوان المهنئ والمعزي به وشبه ذلك

 

وقبل الدخول في الموضوع أذكر أن أكبر ما يبتلى به المسلم هو أن يكون مسلما ويعصى الله من غير أن يدرك أنه عصاه، إما لجهله لكل قول أو فعل محرم أو كانت المعصية تمر عليه كعادة لا ينتبه لحرمة فعلها.

 

ومعلوم أن فعل المعصية عن جهالة أي عن طغيان الشيطان والنفس والهوى على الإنسان هي التي حث الله على التوبة منها ووعد بقبولها يقول تعالى {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم}

 

ومحل عظم المصيبة على المسلم هنا هو أنه يصدق بوعيد الله للعصاة بالعذاب يقول تعالى {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين} ويقول في آية أخرى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

 

ومعلوم أن الله من رحمته أنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لعباده إنه يبسط يده كل ليلة ليتوب مسيء النهار وكذلك يبسطها بالنهار ليتوب مسيء الليل. ولولا هذه الرحمة لهلك الجميع لكثرة معصية الإنسان.

 

ومكان مصيبة فعل تعذيب الحيوان عدم ظنها جريمة لا يتوب منها الفاعل لجهله أو تجاهله بسبب العادات، وهنا يقول المولى عز وجل {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا} إلخ الآية.

 

والآن حان أن نحدد الفعل الذي يفعله الموريتانيون، أي الذي يسبب لهم غضب الله من حيث لا يحتسبون.

 

فلقد شاهد الجميع كم من شخص ينعم الله عليه بوظيفة سامية وبدلا من أن يشكر الله علبها ويتواضع له تكون سببا في حلوله في نفس الوقت لدار البوار، يقول تعالى {ألم تر إلى الذين بدلو نعمة الله كفرا وأحلو قومهم دار البوار}.

 

وكذلك يبتلي الله قوما بمصيبة فمن جهة يفزعون ويطلبون من الله الرحمة لميتهم وكل من جاءهم يطلب الرحمة وفى نفس الوقت هم يعذبون الأرواح ما زالت في أجسادها بالجوع وراء حيطانهم مكبلة بسلاسل من الحبال لا تتركها تتحرك يمينا ولا شمالا الليالي تلو الليالي لا ماء ولا مرعى والله يقول {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} فهي تولد كما نولد وتموت مثلنا كما نموت وتبعث مثلنا حتى يتقصى المظلوم حقه من الظالم له من  جنسه أو من غيره {يوم لا تظلم نفس شيئا} {ويوم يعض الظالم على يديه}.

 

فقوله تعالى {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم} يستوي فيها كل ذي روح.

 

وأكثر الموريتانيين يحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة التي دخلت النار بسبب هرة حبستها لم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض.

 

وفى نفس الوقت يحفظ الموريتانيون حديث المرأة البغي التي غفر الله لها بغيها بسبب سقيها كلبا (وفي رواية أن الفاعل رجل) أي سقته من بير حيث امتاحت له دلوا من البير عند ما رأته يلهث من العطش.

 

فعلينا إذن أن ندرك ما بين الكلب والأنعام عند الله فبيت فيه كلب لا تدخله الملائكة والأنعام يقول الله إنه خلقها لمنفعة الإنسان، يقول تعالى {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تاكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون} إلخ الآية.

 

وفى آية أخرى {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين}.

 

أما موقف الشرع من هذا الفعل المجرم في الإسلام، فمعلوم أن وجوب نفقة الدواب كوجوب نفقة الأولاد والوالدين، يقول الشيخ خليل: "وإنما تجب نفقة رقيقه ودابته إن لم يكن مرعى وإلا بيع"، أي بيعت الدابة جبرا على مالكها العاجز عن نفقتها إن لم يكن المرعي موجودا.

 

ويقول أيضا ويجوز له من لبنها ما لا يضر بنتاجها. أي يحرم عليه أن يحلب من لبانها إلا ما فضل من وراء نفقة أولادها، حتى إن من يغرس الشجرة عليه ألا يترك سقيها دون وجوب بيعها لأنها لا روح لها.

 

وكذلك من المعلوم حرمة قتل الصيد بدون إرادة الانتفاع به لحرمة النفس.

 

وبناء على ما تقدم فيجب على كل من كان محل هذه العطايا أن يتنبه أنه مسؤول عن حياة وتعذيب ما يعطى له.

 

ففي الحديث "في كل كبد رطب أجر"، ومعنى ذلك في كل كبد فيها حياة أجر لإنقاذها مما هي فيه.

 

فادخار الحيوان عن الاستعمال حتى تحين الحاجة إليه بتجويعه وإهانته ينطبق عليه تماما قوله تعالى {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه}.