على مدار الساعة

بيت مال الزكاة الموريتاني: إحياء للدين وتعزيز للوحدة الوطنية ومصدر أساسي لتمويل التنمية

1 فبراير, 2023 - 14:44
د. محمد الأمين شريف أحمد

من المعلوم أن الزكاة هي الركن الثالث في الإسلام ولا يقبل إسلام بدون زكاة، وهي أداة رئيسية من أدوات تمويل التنمية، وتساهم في إعادة توزيع الدخل بشكل أفضل، ومن أسباب كبح الضغائن والحسد والحقد بين الأغنياء والفقراء.

 

ويعد مشروع المرسوم الصادر في مجلس الوزراء يوم الإثنين الموافق 26 – 12 – 2022 القاضي بإنشاء حساب تحويل خاص يسمى "بيت مال الزكاة الموريتاني" خطوة في غاية الأهمية على المستوى الشرعي وعلى مستوى تعزيز اللحمة والوحدة بين فئات المجتمع وعلى المستوى الاقتصادي.

 

فمنذو الاستقلال وإلى يوم صدور المقرر أعلاه لم يقم أي رئيس لنا وهو ولي أمرنا من جباية الزكاة وتوزيعها على فقراء الشعب، وأوكلت إقامة هذا الركن على إيمان كل مسلم موريتاني تتوفر فيه شروط أداء الزكاة، بخلاف ما بدأ به أول خليفة لرسول الله صل الله عليه وسلم أبوبكر الصديق خلافته، حيث جهز الجيوش لقتال مانعي الزكاة و كانت قولته المشهوره (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كان يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه)، من هنا كانت الأهمية الشرعية لإنشاء بيت مال الزكاة الموريتاني، الذي أحيا به السيد الرئيس محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني ركنا أصيلا من أركان الإسلام.

 

وتعد الزكاة أداة رئيسية في إرساء الأمن والسكينة بين شتى طبقات المجتمع، فجلب أنصبة الزكاة من الأغنياء وتوزيعها على الطبقات الهشة في المجتمع، ينزع الضغائن والحسد بين الأغنياء والفقراء ويزيد من الألفة واللحمة بين طبقات المجتمع.

 

وبخصوص الدور الاقتصادي للزكاة، فمنذو بزوغ دولة الإسلام بقيادة رسول الله محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم، كانت الزكاة مصدرا أساسيا من مصادر تمويل بيت مال المسلمين، وتتسم عائداتها بالديمومة والوفرة، فهي تجبى كل ما حل الحول على النقدين أو الماشية، وتجبى عند حصاد الزرع، ونسبها من النقدين والماشية والزرع تُأمن عائدات معتبرة وهو ما أدركه فخامة رئيس الجمهورية بإنشائه لحساب تحويل خاص يسمى بيت مال الزكاة الموريتاني، ليكون أول لبنة لجمع وجباية الزكاة ومن ثم توزيعها على مستحقيها.

 

مشروع المرسوم أعلاه يكتسي من الأهمية الدينية والفعالية الإجتماعية والاقتصادية، ما يجعل إنشاء بيت مال الزكاة الموريتاني هدف استراتيجي تأخر تحقيقه ردحا من الزمن، ويتطلب نجاحه مجموعة من التدابير والإجراءات أولها أن يجنبه رئيس الجمهورية تجاذب اللوبيات والحسابات القبلية الضيقة، وأن يتولى هو نفسه تعيين طاقمه من بين الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والعفة.

 

وثانيها أن يكون على رأس جهاز التسيبر اقتصادي مالي على دراية عالية بإستراتجيات خلق الثروة ومكافحة الفقر، وعلى رأس مجلسها الإداري عالم دين مشهود له بالتبحر في علوم الدين، وأن يضم مجلس الإدارة في تشكيلته جميع ولاة الولايات وممثلين لعلماء الدين واقتصاديين وممثل لاتحاد أرباب العمل الموريتاني وممثل عن هيئات المجتمع المدني.

 

والله من وراء القصد.