على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تنبه المسلم على خطورة معنى الحديث "ستتبعن سنن الذين من قبلكم"

22 يناير, 2023 - 00:09
الأستاذ محمدو بن البار

هذا الحديث من ضمن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم التى بلغها لأمته، محذرا لها من اتباع طريق اليهود والنصاري فى أي شيء.

 

ونصه فى رواية "ستتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وباعا بباع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، وفى رواية أخرى "لتتبعن سنن الذين من قبلكم" إلى آخر الحديث وكل الروايتين صحيحة.

 

فالأولى جاءت بصيغة المضارع كما هو واقع الآن لأكثر المسلمين، والرواية الأخرى جاءت بلام القسم ونون التوكيد لتحقق وجودها مستقبلا فى المسلمين.

 

وعند ما سئل عن هوية قوله "من قبلنا" هل هم اليهود والنصاري، فأكد أنهم تماما هم المعنيون فى الحديث.

 

وهذا الاتباع المنهي عنه أن يتحقق فى الدولة ككل، أو فى الأسر أو فى الأفراد، فالجميع داخل فى صيغة الحديث بخطاب الجمع ستتبعن إلى آخر الحديث، مثل عموم خطاب الجمع للمؤمنين والمسلمين لجمعهم وأفرادهم.

 

هذا الحديث مثله قوله صلى الله عليه وسلم "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"، فهولاء الأولاد لا عذر لهم فى اتباع يهودية أو نصرانية آبائهم، فكذلك نحن لا عذر لنا فى ا تباع جميع حياة الغرب النصرانى، وقد بدأ بعضنا أيضا ينحاز لحياة اليهود لاتباعها.

 

ولذا سنتناول بإذن الله ضرر اتباعنا للغرب فى الدنيا فى كلمة الإصلاح، وتناول ضرره فى الآخرة فى سلسلة حلقات كيف نفهم الإسلام.

 

وأقرب مثال على هذا الاتباع فى الدنيا هو ما نعلن دائما من إبعاد القبيلية عن حياتنا بعد أن أوضح لنا المولى عز وجل أنه هو الذي جعلنا قبائل وشعوبا والجعل هو فعل الله فى خلقه، فأخذت النصارى الشعوبية، فأخذناها حتى أصبحنا بدل قولنا باسم الله نقول حتى فى الأحكام باسم الشعب، وترك الغرب القبيلة فتركناها مع أن الله وصفها بأحسن وصفين للحياة، فهي فى الحياة الدنيا للتعارف والتضامن، وفى الآخرة يتميز فيها الأقرب إلى الله وهم المتقون من المجتمع أيا كانوا، فميزة الدنيا هي التعارف والتضامن، وكان لقبائلنا منه الحظ الأوفر، فهي طريقنا للحياة، وللأمن الصحي، وللأمن الغذائي، فهذه الأساسيات للإنسان جمعها كلها صلى الله عليه وسلم فى ثلاث كلمات "من أصبح آمنا فى سربه معافى فى بدنه وعنده قوت يومه فقد حاز الدنيا بحذافيرها".

 

هذه كانت كلها متوفرة فى القبيلة من تعاون وتضامن بين جميع أسر القبيلة أيا كان أصلها ولونها، فحياة الفرد كانت القبيلة ضامنة له ألا يموت غيلة بل لا يموت إلا حتف أنفه، فمن قتل فتقتص له القبيلة أو لا تقبل فى دمه إلا القصاص، ولذا يقول تعالى {ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب}.

 

فمن أراد قتل شخص فلا بد أن يفكر قبل ذلك فى رد فعل قبيلته، كما قال تعالى: {ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}.

 

وعند ما تولت الدولة ذلك كثر القتل المهدور الدم.

 

كما يشمل تضامن القبيلة التأمين الصحي والغذائي، فمن مرض أو جاع فجميع قبيلته متضامن معه، وكل هذه الضمانات عند ما تحولت كلا إلى الدولة خانها الجميع.

 

فعلينا أن نتيقن أن سبب إعلاننا للطوارئ طلبا للوحدة والتعايش السلمي والتضامن هو بعد بعضنا عن القبيلة.

 

فالقبائل التى ما زالت تحافظ على وحدتها فى التعاون كله على السراء والضراء ما زالت متماسكة فى الجميع بخلاف المتفككين قبليا فهم الذين يحاولون التجزأة والتفرقة إلى آخره..

 

فعلى الجميع وأوله الدولة أن تدرك أن القبيلة من جعل الله فى خلقه كجعله لنا السمع والبصر والفؤاد، وأن تضامنها تضامن أسري مهما اختلف الأصل واللون، وهو الوحيد الذي تتحقق فيه الوحدة والتعايش السلمي، فالشريعة أوجبت على كل فرد من القبيلة أن يؤدي ما عليه للقبيلة من دفع ضريبة التضامن فى كل حدث يطرأ ولوله يوم واحد سجل أنه من ضمن القبيلة، يقول تعالى: {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم}، ويقول تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به}.