على مدار الساعة

رأي حول الحوار الوطني

30 أبريل, 2022 - 15:52
الشيخ محفوظ بن الوالد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه.

 

وبعد..

فإن الحوار يعتبر أنجع السبل، وأفضل الطرق، وأجدى الوسائل لتسوية الخلافات، وحل الإشكالات، وتقريب المسافات، بين مختلف الاتجاهات، وشتى الانتماءات.

 

وقد أحسن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بتبني فكرة الحوار الوطني الحالي، وتوجيه المبادرة بشأنه في الاتجاه الصحيح.

 

لقد أصاب عندما فتح أبواب الحوار للجميع، وفي جميع الموضوعات بقوله: "إن الحوار لن يستثني موضوعا، ولا أحدا".

 

وانطلاقا من هذا التوجيه من قبل السيد رئيس الجمهورية...

 

وبما أن الحوار - أيَّ حوار - لن يؤتي أكُلَه، ولن يحقق المرجو منه، إلا حين يتناول الموضوعات الأساسية التي تمثل الهم المشترَك لكل الأطراف...

 

وبما أن موضوعات الشريعة الإسلامية وتمكينها، والهوية الثقافية وترسيخها، تعتبر قضايا جوهريةً في ذاتها، ومَراجعَ أساسية لبقية الموضوعات السياسية، والاجتماعية، وغيرها، مثل الحكامة الرشيدة، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة، وحقوق الإنسان، والوحدة الوطنية، وقضايا الأسرة، وإصلاح التعليم، ومواجهة الدعوات العنصرية، والتكفيرية، والإلحادية... الخ.

 

انطلاقا مما سبق، وبناء عليه، فإن موضوعات تمكين الشريعة الإسلامية، والهوية والانتماء، أمور يجب أن تكون عناوين بارزة، وموضوعات حاضرة، وقضايا ظاهرة في هذا الحوار.

 

والحوار بشأن الشريعة الإسلامية ليس حول مبدأ التمكين للشريعة، ووجوب تحكيمها، فهذا أمر مفروغ منه، ومحسوم سَلَفًا.. شرعا، وقانونا، فإقامة الدين هي أهم الواجبات بإجماع الأمة، والشعب كله مسلم، والشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع، كما ينص على ذلك الدستور..

 

ولكن الحوار ينبغي أن يكون حول تفعيل الموضوع، وبحث السبل المطلوبة لتجسيده في الواقع.

 

وهذا يتطلب مشاركة أهل العلم الجامعين بين الفقه في الدين، والفقه في الواقع، مع السياسيين، والمثقفين، والمفكرين، وأهل الرأي في هذا الحوار، للخروج بمقترحات عملية..

 

إن بلادنا لديها طاقات علمية كثيرة، وخبرات عملية متعددة في هذا المجال، ونحن قادرون بفضل الله على الوصول إلى حل عملي بصير، يأخذ بالتدرج في الأمور، من خلال خطة مدروسة، تستجيب للشرع، ولا تصطدم بالواقع.

 

وهذا أمر ممكن، إذا توفرت النية الصالحة، والعزيمة الصادقة.

 

وبذلك نحقق مجموعة أهداف في مقدمتها:

1. إرضاء الله تبارك وتعالى بالقيام بالمستطاع من تحكيم شرعه، وإقامة دينه.

وهذا هو مفتاح السعادة، والفلاح، والنجاح في الدنيا والآخرة.

 

2. تعزيز الروابط الأخوية، واللُّحمة الوطنية بين مختلف مكونات شعبنا المسلم الذي لا يجمعه جامع أقوى من الدين الواحد، والهوية الجامعة.

وهذا أهم عوامل الوحدة بين هذا الشعب المسلم.

 

3. تحصين المجتمع ضد الدعوات الهدامة، والأفكار الفاسدة، من عنصرية، وفئوية، وشرائحية، وتكفيرية، وإلحادية، وغيرها، فالتمسك بالدين وحده هو الكفيل بتحصين المجتمع ضد هذه الافكار.

وهذا أقوى سلاح لمقاومة أصحاب هذه الدعوات.

 

وفي الختام نسأل الله تبارك وتعالى أن يأخذ بنواصينا إلى الخير، ويرشدنا إلى الصواب، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.