على مدار الساعة

مسار خلاف متصاعد بين سلك خبراء المحاسبة ووزير المالية

13 أكتوبر, 2021 - 10:00

الأخبار (نواكشوط) – حصلت وكالة الأخبار على وثائق ومعطيات تكشف مسار وتفاصيل الخلاف بين سلك الخبراء المحاسبين الموريتانيين، ووزير المالية محمد الأمين ولد الذهبي، وهو الخلاف الذي تصاعد منذ العام الماضي بسبب تأجيل الوزارة لجمعيتهم العمومية التي كانت مقررة فبراير 2020، وتم تأجيلها ساعات قبل انطلاقتها، وهو التأجيل الذي استمر إلى اليوم.

 

وأدى هذا التأجيل وفقا للمعطيات التي حصلت عليه الأخبار إلى تأخر تجديد هيئات هذا السلك، وهو الهيئات التي انتهت مأموريتها منذ قرابة عقد من الزمن.

 

ترسانة ومحاولات إصلاح
وينيط القانون الموريتاني بالخبير المحاسبي عدة مهام، من بينها "مسك محاسبة المؤسسات، وتقديم استشارات في مجال المحاسبة والجباية، وتنفيذ مهام مراقبة حسابات المؤسسات العمومية والخصوصية".

 

كما يعهد إليهم وفقا للمرسوم المنظم للمجال بـ"التدقيق المالي التعاقدي مع المؤسسات العمومية والخصوصية، وتنظيم وهيكلة المؤسسات، وتحليل ومعالجة البيانات المالية".

 

وبدأت هذه المهمة في موريتانيا منذ العام 1983، وبذلك بموجب المرسوم رقم: 026 – 83، الصادر بتاريخ: 17 يناير 1983، وهو المرسوم الذي أنشأ "السلك الوطني اللخبراء المحاسبين"، قبل أن يتم إلغاؤه ليحل محله المرسوم رقم: 018 – 97، الصادر: بتاريخ 01 مارس 1997، وهو المرسوم المنظم للمجال إلى اليوم.

 

وقد حاول عدد من شركاء موريتانيا الماليين دعم إصلاحات في مجال تدخلات الخبراء المحاسبيين، حيث أصدر البنك الدولي في العام 2013 تقريرا حول إصلاح شامل لمهنة الخبراء المحاسبيين في موريتانيا.

 

ونص هذا التقرير على شروط وضوابط عديدة يلزم توفرها فيهم، من أبرزها ضرورة الحصول على الشهادات المطلوبة من أجل الولوج إلى المهنة، كما أوصى التقرير بإحداث شعبة في مؤسسات التعليم العالي في البلاد لتخريج الخبراء المحاسبين.

 

وقد ناقش مجلس الوزراء في اجتماعه يوم 15 ديسمبر 2016 بيانا - قدمه الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية - حول النظم والممارسات في مجال المحاسبة والتدقيق.

 

وقدم البيان تشخيصا لوضعية مهنة المحاسبة والممارسة المحاسبية والتدقيقية في البلاد، واقترح جملة من الإجراءات الرامية لضمان مطابقتها للمعايير الدولية.

 

أعضاء الجمعية
يوم 22 نوفمبر 2017، أي بعد قرابة عام من بيان الوزير المنتدب، أصدر وزير الاقتصاد والمالية منشورا حمل الرقم: 0979 حدد فيها أعضاء الهيئة المستقلين المخول لهم ممارسة المهنة، وبلغ عددهم 63 عضوا، فيما بلغ عدد الأعضاء غير المستقلين 43 عضوا، وهم الأعضاء الذين يمنع عليهم ممارسة المهنة بسبب صفتهم الوظيفية.

 

وكان تحديد أعضاء السلك فاتحة لنقاش استمر أكثر من سنتين، أفضى لاتفاق بين أعضاء السلك والجهات الحكومية على ضرورة إصدار قانون لتنظيم مجال الخبرة المحاسبية، وعقد جمعية عمومية لانتخاب مجلس للسلك، يخلف مجلسه الحالى المنتهية ولايته منذ 2012.

 

دعوة وإلغاء 
وقد أصدر وزير المالية الحالي محمد الأمين ولد الذهبي بداية العام الماضي دعوة لأعضاء الجمعية العمومية للسلك، غير أن أعضاءها تفاجأوا بتأجيلها في الليلة التي سبقت انعقادها.

 

وتم تأجيلها ليلا بشكل شفهي، قبل أن تتأجل بشكل مكتوب صبيحة اليوم المحدد لانعقادها.

 

وفي شهر نوفمبر 2020 وقع 43 من أعضاء السلك رسالة وجهوها للوزير مطالبين بعقد الجمعية العمومية، غير أن الوزير لم يرد على الرسالة.

 

ويشكل العدد الذي وقع الرسالة الموجهة للوزير، والمطالبة بعقد الجمعية العمومية، أكثر من ثلثي أعضاء السلك، وهو ما يُلزم الوزير باستدعاء الجمعية العمومية وفقا للمادة 26 من المرسوم المُنظم للمهنة.

 

ووصف أعضاء في السلك التأجيل المتكرر للجمعية العمومية، والمماطلة في عقدها بـ"المستغرب، و الصادم"، مؤكدين أنه لم يُشفع بأي "مبرر أو سبب يحدد دوافع التأجيل".

 

واتهم الأعضاء الوزير بأن هدفه من التأجيل، والمماطلة في عقد الجمعية العمومية للسلك هو السعي لإضافة أسماء جديدة إلى لائحة الخبراء المحسابيين دون مراعاة الضوابط القانونية، وعدم احترام لصلاحيات الهيئات المخولة بذلك داخل السلك.

 

واعتبر الأعضاء في أحاديث مع الأخبار أن السلك ذي الدور المحوري يوجد في حال شلل تام منذ سنوات، حيث إن مكتبه الحالي انتهت مأموريته منذ 2012، كما أن تحديد أعضاء جمعيته العمومية منذ 2017 لم يترتب عليه أي شيء إلى الآن.

 

ورأى الأعضاء أن إضافة أي أشخاص دون مراعاة الشروط والضوابط القانونية، وصلاحيات الهيئات المخولة يعتبر دقا لآخر مسمار في جسم مهنة الخبراء، معتبرين أنها "بدل أن تتقدم، وتتطور هذه المهنة المهمة، وتترك لأهل الاختصاص الحاصلين على الشهادات المطلوبة، فإنها ستصبح مهنة مفتوحة وستتراجع إلى الوراء عشرات السنين". كما تحدثوا عن معلومات تأكد توقيع الوزير لمُقرر جديد بإضافة لائحة من الأعضاء دون مراعاة للإجراءات القانونية المعمول بها وهي خطوة – يضيف الخبراء - "ستضعف السلك، وتمس من مصداقية البلد أمام الممولين الدوليين الذين دعموا إصلاحات المهنة، وخصوصا البنك الدولي الذي قدم تقريرا حول الموضوع".

 

كما تحصلت الأخبار علي محضر جلسة للمكتب الحالي للسلك بتقييم الملفات المعروضة وقد خلُص هذا المحضر الي أعتبار أقل من عشر أشخاص يملكون وثائق تمكن من التسجيل بينما البقية (أكثر من 90) لاتملك أي ملف.

 

وشدد الخبراء على أن المخرج من الأزمة التي يعيشها السلك مع وزارة المالية يكمن في انعقاد جمعيته العمومية، وانتخاب هيئات جديدة، تنهض بالمسؤوليات المنوطة بها قانونيا، بما فيها النظر في طلبات التسجيل، وبناء عليها يصدر  الوزير منشور بالمعتمدين في السلك، ومن قبلت عضويتهم.