على مدار الساعة

التطلع المشروع في التغيير

12 يونيو, 2021 - 12:29
الدكتور عبد الصمد ولد أمبارك

مع مطلع الثورات العربية المطالبة بالتغيير و التجديد ،إلتحم الشباب العربي بالجماهير في العديد من الدول العربية ،سعيًا وراء تحقيق مطالب متعلقة بالعدالة الإجتماعية والكرامة والحرية ، علي الرغم أنه لا توجد معايير واضحة ومتفق عليها ،لقياس مؤشر الحرية والكرامة ،رغم منطقية المطالب والاتفاق المسبق عليها ، فالعدالة الإجتماعية شعار براق لا يختلف حوله إثنان ، لكن التحدي الأ كبر ، يكمن في كيفية تحقيق هذا الشعار وترجمته على أرض الواقع.

 

لتحقيق هذا المطلب،  فإن المدخل الملائم لتحقيق العدالة الاجتماعية هو زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين آليات توزيع الدخل القومي ، والارتقاء بالتالي بالمستوى المعيشي للمواطنين، وهو المعنى الضمني لتحقيق التنمية الاقتصادية.

 العلاقة ما بين التحول الديمقراطي والتنمية أصبحت من أكثر الإشكاليات إلحاحًا، خاصة بعد أن عرف الربيع العربي  منعطفًا حاسما و داميا في جل حلقاته. مما جعل  المجتمعات العربية  تكون  في حيرة: هل تعود إلى عصر الاستقرار المصحوب بالاستبداد وترضى بما كان يتحقق من نمو إقتصادي مشوَّه وموجه لخدمة فئات بعينها ؟ أم يجب إعادة صياغة معادلة النمو والتوزيع على أسس جديدة ، وهو ما يتطلب بعض الوقت ، لكنه يقود إلى ما يُعرَف بالاستقرار الدائم والنمو القابل للاستمرار و الديمومة  المصحوبة بتوازنات اجتماعية ؟

 

هنا يدخل الوقت كعامل حاسم في تقرير البديل المطروح ، ويرتبط ذلك بقدرة المجتمعات والدول على العبور ،من خلال المرحلة الانتقالية والتضحية على المدى القصير وربما المتوسط ،من أجل التأسيس للمرحلة الجديدة. يأتي على نفس القدر من الأهمية ،موضوع توقعات المجتمعات التي تكون في العادة ذات سقوف مرتفعة وتتوقع تحسن الأوضاع خلال فترات قصيرة جدًّا ، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان عند تأخر التنمية إلى تعميق الشعور بالإحباط و إتساع الفوارق  وبالتالي نكوص التحول الديمقراطي ، مقابل البحث عن البدائل المتاحة.

إن  الإرادة السياسية الصادقة ، تعني أن توجه جميع برامج  التنمية الإقتصادية و سياسات التنمية المجتمعية التي تعتمد بشكل أساسي  على التخطيط الإستراتيجي نحو ولوج  الأهداف المرسومة للسياسات البناءة ،لتحقيق متطلبات الإزدهار و الرفاه المشترك لكافة مكونات الشعب الواحد.

 

ذلك أن المشاريع المستقبلية المتعلقة بالشباب و خطط النهوض بقطاعات الخدمات الإجتماعية،  مثل التعليم و التطوير المستمر للمنظومة الصحية و العناية بمستقبل الطفل مع توفير مقومات الحياة الكريمة، و إنجاز مشاريع البنية التحتية المؤطرة للحياة العصرية ، مع فرص الشغل و بناء الذات داخل النسق التكاملي و الشمولي للدولة المركزية ، كلها حيثيات عامة تضمن مستقبل التطلع المشروع لعيش الأجيال في كنف دولة الحق و القانون ، المؤسسة على معايير الإنصاف من القيم الديموقراطية و الحكم الرشيد، و هو الخيار الذي يضمن المستقبل الواعد الذي نصنعه بأنفسنا بدل أن تصنعه الأحداث.