على مدار الساعة

فرصة على فخامة الرئيس أن لا يُضيعها على نفسه وعلى الوطن أيضا

14 ديسمبر, 2020 - 09:42
شيخن ولد أحمد الدِّين

سيّدي الرئيس؛ صحيح أن غالبية الشعب الموريتاني لا تخلوا من الجهل والجهل المركّب، كما لا تخلوا من بداوة شديدة الوعورة تعكسها ممارساته اللامدنية واللاوطنية التي نُشاهدها من حين لآخر، وهذا شيء مترابط ومتصل ببعضه، يُغذي جزؤه كله، ويغطي كله جزءه، وهو أمر طبيعي في ظل اللادولة أو الدولة الخاربة…!

 

ومع ذلك لا ننكر ولا يمكن أن يُنكر مُنْكِرٌ أن هناك شبه "رأي عام" بدأ يبرز ويظهر للعلن في السنوات الأخيرة مع تزايد وتنوع الآلة الإعلامية، مُعلنا عبر وسائل تأثيرها الجمة والمتنوعة أفول نجم الاستبداد بالحكم وبالتسيير، وبزوغ فجر الانفتاح وإشراكِ الجميع في التسيير وفي الحكم أيضا، وهو فجرٌ طالما انتظر الجميع طلوعه، وشروق شمسه...

 

سيِّدي الرئيس؛ لقد قلتم _ وأنتم مُصدَّقون _ إبَّان حفل ترشّحكم لحكم البلاد وعزمكم تولِّي زمام أمرها أنكم مطَّلعون على مفاصل الدولة، وأن مسيرتكم المهنية "الشريفة" الطويلة مكنتكم من إدراك حجم معاناة هذا الشعب الأبيِّ الذي أنتم بصدد إقناعه "إذَّاك" وفي نفس الوقت أهّلتكم "أي التجربة" لأن تكونو ربّان سفينة البناء والتنمية، وأنّ بإمكانكم تحمُّل كامل المسؤولية إزاء كل ذلك، وأن الدافع إلى الترشح ليس حُباً في الريَّاسة، ولا طمعاً في المال ولا في الشُّهرة ولا في الجَاهِ،،، جُمَلٌ وكلماتٌ ودقائقُ مصطلحات لم تتركِ الشارد إلا استقطبته، ولا الوارد إلا ثبتته، ولا المعارض إلا والته، ولا الموالي إلا دنته، ولا المنفصل إلا جمعته حتى لُقِّبتم بمُرشحِ الإجماع "الوطني"! وهو شرف لم يسبقكم له أحد، بل ولم يحلم به مرشّحٌ قبلكم…!

 

سيِّدي الرئيس لا أسطِّر هذه الكلمات ولا أنبش هذه الميزات لأبرهن لكم عكس ما كان وماهو واقع، وإنما لأثبت لكم مدى إيماني بكل ما ادَّعيتموه، ورسوخ قناعتي بأحقِّيتكم وأهليتكم إزاءه، ولا أدلَّ على ذلك من إقدامي على توجيه النصح إليكم بما لا يفوتكم وما لا أدركه أكثر منكم ولكن حقاً عليَّ أن أقوله…!

 

سيِّدي الرئيس؛ نصيحتي لكم أن لا تُهملوا هذا الوليد الجديد، هذا "الرأي العام" الذي بدأ يستفيق، هذا المصباح المنير والدِّرعُ الواقي؛ الذي إذا استنرتم به أضاء لكم وبصَّركم بما لا تُبصرون، وإذا احتميتم به وقاكم شرّ المنون، شرّ المفسدين المُخرِّبين!

 

سيِّدي الرئيس؛ قد يقول قائل هذا فتى ليس يفقه ما يقول، ولو أنه احتكَّ ب "أهل الإدارة" وتعمّق "لى سيركوي" لأدرك أن الوعيَ المزعوم محض خمول، وأن البناء المنشود حوله لن يحولْ، ولو فكّر قليلاً لما قال ولما سمع ممن يقول، فذاك أدعى إلى كسبه جزءًا من نهب الثروات والاستمتاع بالحياة الحسنة في ظاهرها، على اعتبار أن الظاهر هو المهم والأهم فقط!

 

سيِّدي الرئيس؛ أُجزم لكم أن "الرأي العام" غدى ذا تأثير مشهود؛ ودواليك الفساد أضحت تستشعر قيمته، وقد شوهد ذلك إبّانَ حملتيْ وزير الصحة الحالي، ووزير التجارة والسياحة سابقاً وزير المياه حاليا، فلقد رأيتُ المتأثرين من حملتيهما يتصنّعون التشجيع "رغماً عن أنوفهم"! وليس ذلك إلا لأنهم التمسوا صدق الجهود واستماتة أصحابها في تنفيذها بلا هوادة ولا مهادنة...فمثل هذين الوزيرين يشحذ همم  "الرأي العام" ويعززهما دعمكم "سيَّادة الرئيس" فلا تتاح أدنى فرصة للقول فيهم إلا بدليل قطعي، وبالمقابل يؤكد على باقي الوزراء والمدراء العامِّين ضرورة انتهاج نفس المسار وأحسن، وإلا فلا نامت أعينُ الجبناء؛  تقولون لهم لا مكان لكم فارجعوا !!!

 

تأكدوا سيِّدي الرئيس أنكم حينما تأخذون بعين الاعتبار أهمية هاتين المعادلتين فستمضي البلاد قُدماً وينتعش الوطن بمقوماته ومكوناته، وأنكم حين تُهملون دور "الرأي العام" وتتركون للمسيرين الحبل على الغارب حرصاً على ودّهم الجافي، أو صوناً لحماهم الحافي فإنكم بذلك تقضون بأنفسكم على وعودكم "التعهدات"، وتخيِّبون الآمال فيكم، وبين هذا وذاك تذهب المصلحة الوطنية مهبّ الريح…!!!

 

ولا يعني اعتبار موقع "الرأي العام" أو تموقعه المطلوب تجاهل السلبيات التي قد تصاحبُ المقصود، والتي ستبذُلُ قصارى جهدها في سبيل تسفيه كل تلك الجهود، والافتراء على المُصلحين،،، فهذه الفئة يجب أن تُفعّل في حقها مسطرة النصوص المؤطرة لآلية الاستفادة من المادة الإعلامية وتطبّق بشكل حرفيٍ كلما توفرت الأسباب، دون النظر إلى أي اعتبار آخر…!

 

فالله الله سيّادة الرئيس الوطن بحاجة إليكم، الوطن بحاجة إليكم، الوطن يناديكم...! فلَبُّو: أجل!.