على مدار الساعة

الســرقة الكبرى..؟

24 أبريل, 2017 - 14:39
محمد يسلم الشيخ

عرفت عملية السطو الأخيرة على البنك الموريتاني للتجارة الدولية ردودا واسعة من الرأي العام، ومتابعة من الإعلام المحلي، رغم ما صحابها من غموض، وظلت الأجهزة الأمنية تعمل بصمتٍ علها تجد خيوطا عن مرتكبي الجريمة، في ظل عجزها التام عن فك اللغز، وبعد مضي حدود أسبوعين من البحث توصلت للمجرمين، عارضة لهم في الإعلام ومعيدة لتمثيل الجريمة في وضح النهار وفي نفس المكان وبنفس الطريقة،  فازداد الاهتمام أكثر خاصة أن من بين أفراد المجموعة من كان يُربأ به عن فعل كهذا من حيث المرتبة المهنية والعلمية.

 

غير أن الناظر للواقع الوطني يدرك أن جريمة البنك الموريتاني للتجارة الدولية ليست إلا تمثيلا مصغرا لسرقة كبرى أبطالها يمجدون في الإعلام ومحميون بالأجهزة الأمنية والعسكرية، فقد احتلت بلادنا المرتبة 142 عالميا بين الدول الأكثر فسادا من أصل 176 دولة شملهم مؤشر مكافحة الفساد لسنة 2016، فكنا في ذيل العالم العربي متصدرين طبعا على الصومال وسوريا..؟

 

وقد ذكرت وسائل إعلام في 2015 أن عمليات التفتيش التي قامت بها وزارة المالية خلال السنتين الماضيتين ضبطت عمليات اختلاس واختفاء مبالغ مالية في 90% من الإدارات التي تم تفتيشها، بالإضافة إلى اختلاس أكثر من 12 مليار أوقية، مع أن ما يعلن عن اختلاسه أقل بكثير مما أختلس، كما أن تشابك المصالح والضغوط الاجتماعية والسياسية التي يشكلها محيط المتهم تحول عائقا أمام متابعته، حيث إن هناك من تم إيقافهم بشكل فوري، فيما تأخرت قضايا بعض المتهمين إلى أن تمت تسويتها بعيدا عن القضاء، وما حادثة سماد سونمكس عنا ببعيد.

 " ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه" القاعدة التي نخالفها.

 

هذا فضلا عن الفساد والرشوة في القضاء والأمن والخدمات العامة، والتي ذكرها البنك الدولي من خلال استطلاع لرأي مؤسسات وشركات عاملة في البلاد.

 

زيادة أيضا على تأخير تسليم المنشئات في آجالها أو إعادة تدشينها مرات عديدة، أو ظهور التشققات على بعضها قبل استلامه.

 

ليس هذا فقط بل إن تعيين المتهمين باختلاس المال العام في مناصب سامية ومن السجن مباشرة تقريبا كان هو الأول من نوعه في تاريخنا، وأيضا هو آخر ما توصلت إليه الإبداعات البشرية في محاربة الفساد.؟!

 

كل هذا وزيادة لم يحرك الرأي العام ولا شرطتنا الباسلة ولا "اخرامز الطافلات" حتى.

 

وفي انتظار صحو الضمير ووعي المواطن تبقى جريمة السرقة الكبرى "سرقة وطن بأكمله" تحتاج لإعادة تمثيل وفضح في وسائل الإعلام وتطبيق صارم للقانون.

 

وأختم بأدب أحمد مطر وبه أُعرف  لَص بلادي:

بالتمادي..

يُصبِحُ اللصُّ بأَورُبا مُديراً للنَوادي

وبأمريكا، زَعيماً للعصاباتِ وأوكارِ الفساد

وبأوطاني التي مِن شَرعِها قَطعُ الأيادي

يُصبِحُ اللصُّ . .  زعيماً للبلاد!