على مدار الساعة

لقاء الرئيس: ملاحظات وانطباعات

6 أكتوبر, 2020 - 18:36
داهي محمد الأمين أحمادو / موظف بوزارة الأوقاف الكويتية – الكويت – الثلاثاء 06 – 10 – 2020

أمس بعد صلاة الظهر تواصلت السفارة الموريتانية بالكويت مع مكتب الجالية الموريتانية هنا بالكويت وطلبت منهم تحديد أربعة أشخاص للقاء فخامة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والوفد المرافق الذي جاء معزيا لدولة الكويت.

 

توجهنا لمبنى السفارة في الزهراء ومنه لمكان إقامة فخامة الرئيس والوفد المرافق كنت ضمن 4 أشخاص "بوصفي أحد أفراد" مكتب رابطة الجالية صحبة المستشار بالسفارة.

 

دخلنا قاعة الاجتماع طبقاً لتوجيهات "لبروتوكول" الرئاسي، وبحضور سعادة السفير الموريتاني بدولة الكويت.

 

إضافة لكل من :

السيد: سيد محمد ولد أمجار الذي سبق أن كان وزيراً ومديراً لديوان الرئيس الاسبق سيد محمد ولد الشيخ عبد الله الموظف حاليا بالصندوق الكويتي للتنمية .

ومحمد ولد سيد ولد الشيخ عبد الله ابن الرئيس الأسبق الذي يشغل هو الآخر وظيفة اقتصادي في الصندوق العربي.

 

الإجراء الأول :

أول إجراء كان أن طُلِبَ منا تسليم الهواتف ووضعها خارج قاعة الاجتماع .

 

بعد ذلك بقليل دخل كل من مدير ديوان الرئيس ووزير الخارجية .

 

وبعد حدود 15 دقيقة دخل فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وجلس ورحب بالجميع معطيا الإذن في انطلاق الاجتماع الذي الغرض منه كما قال :السلام والتعرف على أحوال الجالية المقيمة بالكويت .

 

تكلم أعضاء المكتب عن هموم ومشاكل الجالية كان فخامة الرئيس يكتب ويستفسر ويناقش مع أدب وذوق رفيع وصبر على نقاش وصل في بعض مراحله للإزعاج .

 

دام اللقاء حدود ساعتين وخرج عن هموم الجاليات إلى أخطاء التسيير، وعدم بناء الاستيراتجيات على أساس استشرافي وتخطيطي... تم التمثيل برقم العاطلين عن العمل سنة 2000 والذي كان يصل 5 آلاف بينما وصل 2020 إلى عشرات الآلاف دون أن تكون الحكومات متهيئة ومخططة لمعالجات جادة وفعالة.

 

كما طرح السؤال بطريقة أخرى في 2020 كان عدد التلاميذ المتقدمين لامتحان دخول الإعدادية 100 ألف طفل فهل توجد خطة لمعالجة متطلبات هذا العدد بعد 20 سنة من الآن؟

 

تم الحديث عن الصيد البري والبحري وعن تقصير السلطات في ربط اتفاقيات مع دول تحتاج للتخصصات الشرعية واللغوية ودور ذلك في امتصاص البطالة وتوفير فرص تشغيل تجلب المزيد من العملة الصعبة وتطرقنا لمقارنة القصور عندنا بنجاح دول أخرى في هذا المجال...

 

إدارة الجلسة :

كان فخامة الرئيس يدير الجلسة بطريقة أبوية عفوية لا يوجد فيها محظور في ذكر المواضيع ولا مضايقة في الأسلوب ولا ضغط بسبب الوقت..

 

اكتفى مدير الديوان بأرشفة وتوثيق الجلسة كتابةً في دفتر متوسط الحجم مركزاً أكثر على ما يقوله فخامة الرئيس، أما وزير الخارجية فكان لديه دفتر صغير جدا يدون فيه بعض الأحيان .

 

كان الطابع العام للجلسة الصراحة في الطرح والشفافية والتفصيل في الردود مع إحاطة كبيرة ودقيقة من طرف فخامة رئيس الجمهورية بالملفات موضوع النقاش .

 

المعيارية وشمولية الامتيازات الممنوحة للمواطن واحترافية المواطن الموريتاني في الالتفاف على القانون :

في ردود فخامة رئيس الجمهورية على بعض مطالب الجالية .قال بأن أي حق سبق وأن منحته الدولة لأي مواطن على أساس قانوني لن يمنعه منه ولن يكون عقبة في وصوله إليه .

 

بالمقابل أي طلب جديد لا بد أن يتم بسمة "المعيارية" والشمولية الجميع دون تخصيص لبعض وحرمان بعض آخر .

 

وفي التمثيل للالتفاف على القانون قال إن الحكومة وافقت على منح القضاة الحق في جمركة سياراتهم الشخصية لكن طبقاً لمعايير وضوابط وضعتها تفادياً للالتفاف على القانون.

 

قائلاً إن الخوف من الالتفاف يمنع الدولة من اتخاذ الكثير من القرارات التي هي في صالح الجميع .

 

بعض المعلومات المغلوطة والمتناقضة :

الحالة الوحيدة التي تدخل فيها وزير الخارجية هي؛ إعطاء معلومة للرئيس في شأن مطلب الحصول الحصول على قطع أرضية سبق أن تم منحهم 74 من أفراد الجالية في الكويت، تسلم 3 أشخاص وبقي العدد الآخر ينتظر، فكان رد وزير الخارجية متناقضاُ حيث قال مرة إن الموضوع لا أساس له قانوني يمكن أن يبنى عليه، وفي مرة أخرى قال إن لائحة الأسماء حصلت فيها زيادات وإضافات فكان التدخل لا يخلو من تضليل مقصود.

 

عقدة دولة الضد :

وأثناء الحديث عن العلاقات الكويتية الموريتانية ذكر أحد المتدخلين - من غير الوفد الرسمي - أن أثر الموقف من الكويت في حرب العراق أو ما يسمى بدول الضد ما زال يلقي بظلاله على العلاقات وهذه المعلومة للأسف غير صحيحة.

 

فالكويت بعد التحرير شكلت لجنة خاصة بدول الضد لتصفير المشاكل من ثلاث نواب متميزين وصاغوا مذكرة مضامينها رد العلاقات كما كانت قبل الغزو وتم تعميم المذكرة على السفارات بأمر من الشيخ جابر رحمه الله.

 

كان هذا أهم ما دار من نقاش في لقاء رئيس الجمهورية أمس في مكان إقامته بدولة الكويت في زيارة العزاء .

 

حصيلة المتتبع لقراءة وتفاصيل اللقاء يخرج بالأمور التالية :

أن الرئيس الموريتاني رجل مثقف يؤمن بالأفكار ويحسن نقاشها ويفرق بين المصطلحات الدقيقة مثلاً ففي نقاش حول موضوع معين وصفه بكونه يمكن أن يصنف "بالتفاهمات " ولا يرقى لدرجة "الاتفاقات" ويعرف بشكل دقيق مساحة وحدود هذه المصطلحات.

 

الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مؤمن بالتقيد بالقانون مع ما يتيحه من مرونة لصالح المواطن .

 

يعامل موظفيه ومعاونيه بأسلوب أخوي وليس بالأوامر الفوقية فطريقة جلسة مدير الديوان ووزير الخارجية وطريقة الاستفسارات وتبادل الملاحظات كلها تمر بشكل أخوي لا تلحظ فيه أي كدر ولا إحراج .

 

يتميز بذاكرة قوية ما شاء الله وأجوبة استقلالية جاهزة من غير حاجة للاستعانة بمرافقيه. رغم أن الأسئلة التي طرحت لم يكن لديه بها علم فسياقاتها والقائمون بطرحها كل ذلك يدلل على عدم إمكانية طرحها أصلاً.

 

يراعي الظروف ولا يريد الخروج عنها مهما كان حجم المصلحة المرجوة، ففي زيارة التعزية لا يرى من المناسب بحث ملفات تعاون مع الدولة المستضيفة، وإنما يجب الصبر على بعد المشقة والحاجة حتى يكون الظرف أكثر مناسبة.

 

شبه مرحلة التسليم بقلة الموارد مقارنة بكثرة الاحتياجات :

في هذه الجزئية يميل لأسلوب التبرير والاقتناع أن المجتمع قد تطور كثيراً وأصبح منسوب الإقبال على المدارس عالياُ مقارنة بالقديم وتغير كل شيء ففي زمن دراسته كانت النتائج تذاع في الراديو والتلاميذ قلة تستطيع الحكومة توفير الإمكانات لهم من مقاعد ومعلمين ومفتشين وكتب مدرسية... دون عناء أما الآن فقد كثروا ...

 

وأرجو ألا يكون فخامة الرئيس قد وصل لدرجة أنه من المستحيل توفير اللوازم المدرسية والكوادر البشرية .

 

فمرد هذا النوع من الانطباعات التبريرية يرجع لأمرين حسب رأيي :

الأول: التسويق المتعمد المُغَالِط الخاطئ من طرف من تمت استشارتهم، والجنوح للخيار الأبسط ما دام تمريره يمكن بهذه السهولة للقائمين على الشأن العام.

 

السبب الثاني: ضعف القدرة الإبداعية في تحصيل الموارد وعدم ترتيب الأولويات فبدل الإنفاق على المشاريع الاحتفالية بالمليارات كان الأولى أن توجه تلك الميزانيات للتعليم وغيره من الأمور المصيرية عبر خطط مدروسة .

 

الزهد في الظهور الإعلامي وأهمية جودة ما يتم إخراجه :

هذه النقطة مهمة ومطمئنة جداًّ إن تم احترامها من طرف من يتولون المسؤوليات وواضح أنها جزء من سياسة الرئيس ويحرص عليها فحين قلت له إذن معاناة الأوراق يمكن أن نقول للجالية إنها أصبحت من الماضي، قال لي دعنا نتفق على ما تريدون قوله، ولا تقولوا إلا ما تحدثنا عنه.

 

وكان قد وعَدَ خيرا في هذه النقطة، وقال إنهم سيعملون على حلها من خلال مكاتب زائرة معللاً ذلك بقلة الجالية التي هي في حدود 100 شخص، وتحاشي التكاليف المادية الدائمة المرهقة لميزانية المكاتب الدائمة معترفا بأنه حتى وإن كان لا يوجد غير مواطن واحد فيجب على الدولة أن تقوم بما يلزم تجاهه وهذا جيد ومهم.

 

يعزز زهده في الظهور الإعلامي؛ مصادرة الهواتف، وعدم الحرص على التصوير وعالم الأضواء.

 

مع ما في مصادرة الهواتف من تحكم في الحريات وهو الشيء الذي عبر عنه بعض من تمت مصادرة هواتفهم واكتفى البعض بالسكوت.

 

عند الحديث عن الملفات الأمنية والعسكرية ينتابه شعور خاص وراحة وبهجة وطمأنينة ويبدل نوعية جلسته ثم يعود ويربط الملفات بعضها ببعض ويشرح مناطق التشابك والتداخل الدقيق فيها بشكل متواضع دون أن يشعر محدثه أن الجانب الأمني والعسكري قد حاز فيه السبق ولا يرضى أن يشاركه أحد في الحديث عنه.

 

من يخرج من الاجتماع يخرج بأنه كان مع رئيس طيب إلى أبلغ الحدود متواضع جدا يجيد النقاش والحوار صبور على ألا يقاطع محدثه، يدرك أبعاد الكلام، يحيط بملفات الحكم بشكل دقيق، لا يفوته منها شيء، يعرف مرامي وسياسات الدول ولا يقبل أن تكون على حساب سمعة وسيادة الدولة الموريتانية.

 

القرارات الذي أخذها بعض الوزراء لا يتدخل لهم فيها حتى وإن كانت مخالفة لما كان يميل إليه، وقد دلل على ذلك بأمثلة.

 

ما زالت التفاصيل تطبع حديثه.

 

يحتاج لمستشارين غير راغبين ولا راهبين يخلو بهم في بعض الأحيان وينصت لهم ويستمع لهم كما يستمع وينصت للمستشارين الآخرين.

 

يحتاج لأسلوب الحسم في بعض الأمور وخاصة الأمور التي لا تتطلب الكثير من الانتظار أولا تتحمله ويجهر بذلك الحسم ويعلنه ويحدد زمنه هو شخصياً ولا يترك ذلك لغيره.