على مدار الساعة

أي دور للغاز الطبيعي في الاقتصاد الوطني؟

18 فبراير, 2019 - 17:36
محمد كابر ولد النينين - خبير معلوماتي باحث في الاقتصاد الرقمي

بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على نبيه الكريم
يعتبر الغاز الطبيعي من الثروات المعدنية التي حبا الله بها البشر وهو ذو طبيعة هيدروكربونية ويوجد مرتبطا بالنفط وتوجد منه أحيانا حقول غير مرتبطة به، وهو أهم مصادر الطاقة النظيفة.

 

تتصدر روسيا متبوعة بإيران ثم قطر احتياطي العالم من الغاز الطبيعي، وقد ارتفع الطلب العالمي عليه خلال العقود الأخيرة.

 

وفي بلادنا بدأ التنقيب عنه منذ العشرية الأولى لتأسيس الدولة إلا أن أنشطة الاكتشافات اكتنفها شح المعلومات وفي نهاية التسعينات بدأ الأستراليون في التنقيب في عرض البحر، وتم شحن أول شحنة بداية 2006 من البترول إلا أن الإنتاج توقف العام الماضي، وقد قررت كوسموس أنرجي وبترش بتروليوم البدء في تطوير حقل آحميميم بين موريتانيا والسنغال على اوف شور الذي تقدر احتياطيه بأكثر من 15 ترليون قدم مكعب أكثر من 450 مليار متر مكعب بطاقة إنتاجية أولية 2,5 طن من الغاز المسال سنويا تبدأ في العام 2022 إن شاء الله إلى أن يصل أكثر من 10 آلاف طن.

ومن أجل ضمان أكبر استفادة من هذه الثورة فإن الدولة لا بد لها من بنية تنظيمية وتشريعية قوية ومرنة، إضافة لتكوين أكثر 500 إطار في مختلف المجالات وخاصة قانونين جيولوجين وجيوفزائين ومهندسي بترول وغاز وإدارة نظم معلومات الطاقة والجغرافيا واقتصاديين...

ويبنى الاستثمار على تقاسم المنافع وعدم شعور أي من الطرفين بالحيف أو الغبن أو المغالطة.

ويتطلب استقرارا سياسيا وعدالة ووئاما اجتماعيا.

 

ويمكن أن نتناول هذا الموضوع من زاويتين:

أ. المكاسب المادية والقيمة المضافة الاقتصاد الوطني:

1. عائدات الاستغلال الضريبة وتقاسم الأرباح ويتطلب جني الأرباح المقسمة بالتساوي بعد احتساب تكاليف الإنتاج جني موريتانيا في مراحل الانطلاق ما بين 150 – 200 مليون دولار سنويا، وبارتفاع وتيرة الإنتاج تصل إلى أكثر من 1 مليار دولار، وهو ما يتطلب سياسة تسويقية قوية وخبرة في سوق الغاز وأسعاره التي تختلف لا يكاد يتفق عليها موردان، عكس البترول.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية يتم تسعير الغاز حسب مركز هنري هوب حسب المليون وحدة حرارية بريطانية، إلا هذا المعيار يخضع للظروف الأمريكية البحتة والعرض والطلب الأمريكي والظروف الجوية ولا يراعي المعايير العالمية.

 

أما في شرق آسيا فإن أغلب المصدرين يربطون عقودهم ببرميل النفط، أي أن كل برميل نفط يقدر 5.8 مليون وحدة حرارية بريطانية. وهذا يعني أنه إذا كان برميل النفط 58 دولارا يكون سعر 1 مليون وحدة حرارية بريطانية يعادل 10 دولارا.

فيما تتخذ أوربا متوسطا بين الاثنين، نظرا لأنابيب الغاز الروسي المسيطرة على سوقها.

 

وهذه الثلاثة هي أكبر أسواق الغاز الطبيعي، مما يتطلب مرونة وخبرة من أجل تفادي ما وقع بين ببا البريطانية وجمهورية غينيا الاستوائية أو أنابيب تزويد الإمارات من حقل سلمان في إيران.

 

2. تنمية السوق الداخلي: إن تحول البلاد من اقتصاد استخراجي إلى تحويلي، وخاصة الحديد والنحاس والصيد البحري ومياه الزراعة لا بد له من توفير الطاقة اللازمة بكمية كافية وبأسعار معقولة، وقد بنت موريتانيا محطة غاز تصل طاقتها إلى 360 ميغاوات، وبعد تأكد كميات الغاز يمكن أن تزيد سعتها مما يقلل من الاستيراد ويوطن الموارد الطبيعية.

3. خفض البطالة: ينظر إلى هذا القطاع باعتباره قادرا على خلق أكثر من 8000 وظيفة بين دائمة ومؤقتة.

4. النمو الاقتصادي: لا شك أن سيرفع نسبة النمو الاقتصادي، ويشجع المقاولات الوطنية في مجال السلع والخدمات.

 

ب. المخاطر والمعوقات التي من أهمها:

1. التلوث البيئي الذي يعرض الثروة السمكية للخطر، ويقضي على التنوع البيولوجي لثروتنا البحرية التي تعد من أهم ثرواتنا الطبيعية، وقد حققت العام الماضي رقم أعمال قارب 1 مليار دولار، ويدعم الخزينة بأكثر من 65 مليار أوقية قديمة دون احتساب الضرائب.

2. الفساد الإداري والمالي: وهو أكبر عائق للاستفادة من أي ثروة طبيعية، ويجعل الثروات لا تقتضي بالضرورة نشأة تنمية، وقد نشاهد الظاهرة المرضية الهولندية.

 

ختاما، أرجو من الله أن يحفظ بلادنا، ويمن علينا بالعافية والتوفيق، وأن يكون هذا الرافد الاقتصادي مصدر رخاء وسكينة اجتماعية واقتصادية، وأن يولى أمورنا خيارنا.

حفظ الله موريتانيا ورعاها.