على مدار الساعة

التلفزة الموريتانية... ما لا ترصده الكاميرا.. ويشكل حقيقة المشهد

30 سبتمبر, 2023 - 19:40
سعيد ولد حبيب - كاتب صحفي

سواء عين مدير أو أقيل آخر تظل التلفزة الموريتانية حالة محيرة، ومحطة من المحطات التي تحتاج للدراسة والتمحيص في سجل الإعلام العمومي وما يثيره اليوم من جدل وإشكالات في ظل التحولات التقنية الهائلة والسياسية والاجتماعية العميقة.

 

ولعل ما نشاهده أحيانا من ارتدادات ما هو إلا رأس جبل الجليد من جملة تراكمات في الجسم والعقلية.

 

فالقناة الموريتانية التي انبجست منها باقة قنوات أخرى أصبحت اليوم عبئا ثقيلا يتحمل كثيرون بعض حمولته والعجز عن تسويته، وذلك منذ أن اعتبرت القناة التلفزيونية مظنة تشغيل مثل شركات الماء والكهرباء وغيرها من القطاعات الحكومية وشبه الحكومية.

 

أدركت ثلاثة مديرين للقناة منذ أن التحقت بها عام 2013.

 

وتوصلت لمجموعة خلاصات منها:

أن المدير العام لقناة الموريتانية يدخلها دخول الفاتحين بعقل يتفجر أفكارا واستعدادا للعمل، ثم ما يلبث أن يصطدم بواقع صعب يجعله رهينة بين أيدي أجندات وأشخاص بعضهم يرى، وبعضهم لا يرى، وعند تحليل أسباب ذلك تقفز إلى الذهن معطيات متضاربة ومتداخلة تتركز على حدود جبهتين:

- جبهة من خارج القناة تمثلها الاتصالات والوساطات والضغوط والفوبيا الشديدة من الإقالة تلك الفوبيا التي تتخمر لدى البعض حتى تتحول لشجاعة اتجاه التسيير والدخول في متاهة أخرى للخروج بنصيب من تلك الكعكة التي لا يمكن الظفر بشيء منها دون مشاركة البعض من داخل المؤسسة.

- جبهة داخلية.. وهي مجموعة قيم وتصورات وشخوص تترصد الوضع وتعمل بكل ما أوتيت من أسباب التسخير والتأثير لتعطي انطباعات بقياس رأيها في الناس فتهول من فلان وفلان والعكس صحيح وتخلط أوراق المدير وتشتت ذهنه حتى تشد وثاقه في المسلخ ليكون كبش فداء

 

لاعب جديد

ووسط هذا الموج المتلاطم ظهرت شبكات التواصل الاجتماعي وما تقوم به من دور سلبي وإيجابي في التعبير عن واقع العمال وظروف العمل لتدخل في منظومة التأثير على صناع القرار في القناة، وأي إدارة يلمسون لديها خوفا أو طمعا في التلميع فإنها ستسقط رهينة لهم وما يترتب على ذلك من معارك جانبية غالبا الفيصل فيه الترضية بالمال..

 

المحتوى الضعيف والرسالة المشوشة

إن طلب المستحيل سوء أدب مع الخالق.. كيف لمؤسسة منشغلة بمثل هذه الأمور أن تجد فرصة لتقديم محتوى يليق.. اللهم إلا نادرا.

 

رغم كل الموارد والجهود تبقى الصورة الأخيرة أو الكلمة الأخيرة والمغزى من التلفزيون كوسيلة إعلام غائبا.. ذلك أن الرؤية الاعلامية للرسالة المطلوبة ظلت مشوشة، هل كان ذلك بتوجيه من السلطة أم بفعل صعود هرمون الرقيب الذاتي وسيطرته حتى أصبحت التلفزة ملكية أكثر من الملك؟

 

ولماذا لا نستفيد تلقائيا من الرسالة القادمة من أعلى حين فتح الرئيس أبوابه للقاء الطيف بمختلف تناقضاته، أليس في ذلك من الإشارات ما يمنحنا على الأقل فرصة أخذ المبادرة والانفتاح إعلاميا على مختلف الأطراف، ثم القيام بمجهود مماثل لإنتاج مواد بنفس استقصائي ليس الهدف منه كشف عورات بعض القطاعات وإنما تسليط الضوء على النواقص لمعرفة الخلل وتصحيحه..؟

 

لماذا نظل ندور في حلقة مفرغة لنبرر حالة "النستلوجيا" التي لا نريد إلا أن نحافظ عليها ?

  

المطالب العمالية والاجتماعية  

في التلفزيون الموريتاني غلب صوت المطالب الاجتماعية والعمالية خلال العقدين الماضيين على أي إصلاح حتى بات عدد العمال الذين لا يملكون عقودا أكثر من ضعف العمال الرسميين وهذه معضلة مزمنة إذ كلما جاءت إدارة زادت الأزمة تعقيدات، فإلى متى يظل هذا الملف في ردهات الإدارة دون حل ينهي هذه المعاناة؟

 

 الشاشة قبل العمارة  

اليوم، وقد تقرر تعيين مديرة عامة للتلفزيون، فإنني أرجو لها التوفيق، وأتمنى أن تكون على دراية تامة بكل هذه الملفات، وأن تركز على المحتوى لا المبنى، فالمشاهد يريد الشاشة قبل العمارة..