على مدار الساعة

مفاهيم تصحيحية حول وثيقة الحوار الوطني

3 سبتمبر, 2023 - 16:19
المهندس الهادي ولد أجيون - مسؤول الإعلام / اتحاد قوى التقدم - أوروبا

المبادرات السياسة هي تعبير عن رفض الجمود في محيط أحداث متسارعة ومتغيرة، فالتاريخ البشري يؤكد ضرورة المبادرات بصورة مستمرة رفضا للخمول السياسي وسعيا لإيجاد حلول لقضايا متجددة ومتشعبة وسدا للباب أمام الذين يحسبون أنهم على شيء بينما هم ليسوا على شيء.

 

فبعد عشرية من الجفاء والهجوم الممنهج على أحزاب عريقة لها تاريخ مشرف وباع طويل من المبادرات السياسة التي هي الطريق الوحيد لإيجاد حلول توافقية للمشاكل التنموية والسياسية والاجتماعية، أعلن النظام الحالي القطيعة مع سياسة الجفاء وفتح أبواب الحوار مع جميع الأطراف.

 

وبما أننا في حزب اتحاد قوى التقدم نجعل من الحوار عقيدة سياسية وطريقا لحلحلة جميع القضايا التي من شأنها أن تحصن البلد في وجه الاضطرابات وتحسن من حياة المواطن اليومية، سجلنا بارتياح كبير هذه السياسة الجديدة ودخلنا في مسار طويل من أجل الدخول في حوار شامل توضع فيه جميع الحظوظ الشخصية والمكاسب الحزبية على جنب، وتكون المصلحة العامة هي الموجه الوحيد لتحركاتنا.

 

وبعد فشل المحاولة الأولى والتي كان سببها أطراف من المعارضة ومن النظام على حد سواء، جعل اتحاد قوى التقدم والتكتل على عاتقيهما إيجاد صيغة جديدة لحوار يخرج البلد من الجمود السياسي، ويشكل مسارا لحل المشاكل الهيكلية، ويسد الباب أمام قوى الظلام التي دائما ما ترى في الحوار تهديدا لمصالحها، لذلك ارتأى حزبا قوى التقدم والتكتل أن تبقى مبادرتهما بعيدة عن الإعلام حتى لا تُفشل كسابقتها.

 

كانت هذه الخطوة موفقة إلى حد كبير، واستطاعت ترجمة المبادرة إلى وثيقة ترسم الخطوط العريضة لحوار شامل.

 

مباشرة بعد الحصول على موافقة النظام كان من الطبيعي التوجه إلى أطراف المعارضة الأخرى سعيا منا لنيل موافقتهم، وعرضت الوثيقة على جميع الأحزاب المعارضة، وكانت جميع الردود إيجابية، لكن تفاجأنا بعد ذلك بتصريحات إعلامية لقيادات في هذه الأحزاب تهاجم الوثيقة دون أن تكلف نفسها قراءتها، ونقد مضامينها، واقتراح بدائل كما يفعل كل سياسي يحترم نفسه.

 

فتحت هذه التصريحات الباب أمام المراهقين السياسيين والمدونين الشعوبيين للهجوم على شخصيات وطنية ذنبهم الوحيد السعي للخروج بالبلد من حالة الجمود السياسي وقطع الطريق أمام كل ما من شأنه خلق جو مشحون في محيط إقليمي مشتعل، حتى وصل الأمر بالبعض إلى اتهام الرئيس محمد مولود والرئيس أحمد داداه بالسعي وراء المناصب والمصالح الشخصية، وهذا لعمري لم يكن لهما بخلق وهما في شبابهما فكيف بهما اليوم!

 

قد يقول قائل كيف لحزبين سياسيين غير ممثلين في البرلمان أن يتصدرا المشهد السياسي ويقودان المبادرات، لهؤلاء أقول إن الانتخابات بطبيعتها لا بد لها من فائز وخاسر، وإن الحزب الذي نجح اليوم ليس بالضرورة هو الذي سينجح غدا، لكن يبقى الثابت الوحيد هو صمود الحزب وقدرته على طرح بدائل واقتراحات من أجل أن يجعل حياة المواطن أفضل.

 

في الختام، أرجو من شبابنا (وحتى من قوانا السياسية المختلفة) أن يتعلموا فن الاختلاف في الرأي دون تجريح أو إساءة للطرف الآخر مهما كان ذلك الاختلاف، فالحياة لا بد من وجود الاختلاف فيها، فليس كل الآراء تكون موحدة أو متفقة مع بعضها البعض.