على مدار الساعة

وثيقة التكتل وتقدم: انقلاب انتخابي على رئاسيات 2024

2 سبتمبر, 2023 - 08:23
عبد الناصر بيب

خرج حزبا تكتل القوى والديمقراطية واتحاد قوى التقدم من انتخابات 13 مايو بنتيجة صفرية، أحلتهم دار البوار رغم أربع سنوات من الارتماء في أحضان السلطة، والابتعاد عن هموم المواطن وتطلعاته التي كانت شغلهم الشاغل في الميدان وعبر الإعلام، وبناء الحواجز والخلافات مع المعارضة ليخلو لهم وجه ولد الشيخ الغزواني ونظامه، فكانت النتيجة أن المسيرة نحو السلطة تتطلب المزيد من النزول نحو القاع.

 

لم يكن الحزبان وحدهما من واصل النزول نحو منحدر القاع، فنظام الرئيس محمد الشيخ الغزواني رغم استثماره في جو خدعة التهدئة ومسار الحوارات التي تتوقف من جانب واحد، وحوار الداخلية وإشراك المعارضة في تشكيل المستقلة للانتخابات كل ذلك كانت نتيجته إجماع من المعارضة وجزء كبير من الموالاة على تزوير انتخابات الثالث عشر من مايو، فنظام ولد الشيخ الغزواني يدرك أن ثلثي أعضاء البرلمان وكل رؤساء المجالس الجهوية، والغالبية العظمى من العمد والمستشارين لا تمنح الشرعية ولا المشروعية، لذا فالمخرج من إشكالية اللا شرعية يؤرقه في وجه انتخاباته الرئاسية، ويوحي بتصاعد الأزمة السياسية.

 

التقت إرادة الحزبين مع الرئيس محمد الشيخ الغزواني في العمل على وثيقة تعيد الاعتبار للهدنة التي سئمها الناس، من أجل الحصول على امتيازات معنوية ومادية مقابل منح نظامه على طبق من ذهب ماض سياسي حافل بالتضحيات ورمزية تاريخية لكبار قادة الفعل المعارض الصادق في البلاد، لتكون شماعة يعلق عليها حواراته القادمة وانتخاباته من أجل الحصول على مصداقية لمأموريته الثانية.

 

الموجع في الأمر أن التقاء إرادات هذه الأطراف على حد تعبيرهم، لم تقتصر على تخلي الحزبين عن مواقفهم النضالية المبدئية، بل تجاوزته لشيطنة أي فعل معارض قد يقوم به غيرهم، متناسين أنهم دفعوا في السابق ثمن الشيطنة، والقبول بتمكين المفسدين من كل الأنظمة، ومصادرة الحريات وتدجين الأحزاب والنخبة، مستندين في ذلك إلى تحليل جيوسياسي سطحي لا يعبر عن تشخيص دقيق للصراع في المنطقة، ولا عن حالة التصادم الاجتماعي الداخلي، ولا عن سوء الحكامة وغياب الأمل، وغيرها من العوامل التي هي المحرك الحقيقي للنزاعات في المنطقة.

 

وحقيقة الأمر، أن الوثيقة أو المسودة الهزيلة على الأصح، عبارة عن محاولة مفضوحة لتثمين مأمورية ملها الناس وعانوا فيها من فشل سياسة النظام الفاقد للبوصلة والعاجز عن الخروج من عباءة سلفه، كما يراد لها أن تسهم في التهيئة لحملة سابقة لأوانها لمأمورية ثانية، والتسليم بنجاح ولد الغزواني مسبقا، وإلا فلماذا ملحق من سبعة عشر نقطة فشلت أربع سنوات في تحقيق أي تقدم فيها، ستتحقق خلال شهرين؟!

 

مؤسف أن تكون خاتمة مسيرة ثلاثة عقود من مصارعة الأنظمة العسكرية عبارة عن شيطنة للمعارضة والمساهمة في تمكين عسكري فاشل وعاجز، فهو لعمري أشبه بقصة المثل الشعبي القائل: "صام اسن وأفطر اعل اجرادة".