على مدار الساعة

للإصلاح كلمة: تعليق على تعليق التشاور الذي بني على شفا جرف هار فانهار (لمصلحة الشعب..)

7 يونيو, 2022 - 02:37
الأستاذ محمدو بن البار

من المؤسف في موريتانيا أن السياسيين فيها عندما يريدون أن يكتبوا تعليقا يكثرون مجاملة الدولة حتى تذوب فكرتهم عن مقصدها. وهذه ليست علامة النصح فالنصح يكون بتوضيح الحقيقة كما هي.

 

فهذه الحكومة تريد أن يكون شعبها من الذين أنعم الله عليهم بالهدوء والسكينة وتتجاهل أن الشعب فيه المغضوب عليهم وفيه الضالون.

 

والجميع حدد الله لمعاملته نصوصا هي الكفيلة بضبطه على المحجة البيضاء أو إكراهه عليها حتى الموت إن استحق ذلك.

 

ولكن هذه الحكومة جعلت نفسها مثل (مفرية) غيلان مية حيث يقول:

ما بال عينيك منها الماء ينسكب *** كأنها من كلى مفرية سرب

 

أي السقاية المثقوبة من كل جهة.

 

فالحكومة لا خطوط حمراء عندها لأي قول أو فعل أو دعاية مغرضة ولو كانت تمردا إلى آخره.

 

فطريقة تماسك الدولة معروف لدى الجميع واتفقت عليه دساتير موريتانيا كلها، وملخصها أن لا لون فيها ولا شريحة: فكما قال القرآن {ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة} إلى قوله: {وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون}.

 

فكذلك تساس الدول على هذه القاعدة، فسياسة هذه الديمقراطية الحمقاء البادئة من معاوية وحتى اليوم بنيت على التجارة الربوية للإنسان.

 

أعطني صوتك نعطيك من مال الدولة ما شئت، وقل ما شئت وافعل ما شئت، ولو كان فعلا تمرديا، ولا تمرد أكثر تدميرا للدول من دعوى العنصرية، فمن سلكها أو لم يمنعها إن ظهرت فما هي غايته بالقوانين؟

 

فقوانين الله في الإنسان يقول فيها تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة}.

أما القوانين الاجتهادية فيضعها أهلها وهم عمي لا يرون لونا ولا يسمعون لغة بمعنى أن عمايتها أقرب للعدالة.

 

وهذه الطريقة هي التي سلكها الباني الأول لموريتانيا بنيانا مرصوصا على القواعد الدولية، فلا وصف للمواطن إلا بما في بطاقة تعريفه.

 

هذا البنيان هو الذي حطمه الجيش عند أول هجوم له على كيان الدولة كما نتذكر في أول تصرف رئاسي عسكري له في المدنيين عندما دعا لاجتماع مبني على مكونات جهوية ولونية إلى آخره.

 

حتى إنه في أيام المختار سمى الولايات بالأرقام فأصبح أهلها يحبون وتهوى أنفسهم كل من يحمل ذلك الرقم المشترك، ولكن جاء الجيش - أعوذ بالعادل من عدله - فحطم الرقم القياسي لإنجازات الأب المؤسس الجامع لكل أبناء الولاية، وأرجع موريتانيا إلى أسماء المستعمر لولاياتها حتى سماها على الأسماء الشخصية المحدود الداخل تحت مسمياتها من أبنائها، وكذلك مسميات الجغرافية المعروف سكانها أصلا وينصرف إليهم الاسم تلقائيا.

 

والآن نعود إلى سبب تعليق التشاور، وهو نفسه السبب الذى ذكره الرئيس في خطاب المدرسة الإدارية، وهو ضعف إرادة الدولة تنفيذيا من الوزير الاول إلى الإداري الأخير، وكذلك تشريعا بنوع النواب الذين يدخلون في التشريع مكفنين في اللوائح، وعند ما تنزع عنهم أكفانهم تحت قبة البرلمان يقولون: نحن جاء بنا شعبنا على رقابه حتى وصلنا إلى هنا!

 

{كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا}.

 

فالشعب يعرف من أين جاءوا، وما هو ثمنهم، ومن استلمه خارج البرلمان، وابتلى بهم الشعب في قبة البرلمان بلاء سيئا يرجو الشعب أن لا يتكرر.

 

فهذه الحكومة كما قلت - ويمكن أن يكون عن حسن نية - تركت ظهرها مكشوفا لأصحاب الأغراض الشخصية لتحمل على ظهر الدولة بعد ترويضها بالمقابلات والعطاءات السخية من مال الدولة ويتفرقان وكلهم يغنى على ليلاه.

 

فالدولة تحسب ذلك ولاء، وصاحب الأغراض يحسبه انتصارا له وتأييدا ضمنيا لأفكاره المدمرة.

 

والدولة تعلن على جميع الأمواج أنها ستنفذ كل مخرجات هذه الأفكار الهدامة.

 

وهنا أصبحت الموالاة والمعارضة دولة واحدة (بلغة المحاظر) فلا الموالاة تعرف خصوصية موالاتها، ولا المعارضة تعرف من تعارض، وتحتسب الدولة أنها تحسن صنعا.

 

وعندما اجتمع الجميع على مائدة الحوار وانقشع الغبار علمت الدولة ومصلحوها المحاورون أنها كانت تركب حمارا لا فرسا يفسر عملهم معها قوله تعالى: {يحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} إلى آخر الآية.

 

وأخيرا، فما الرأي في الموضوع: أقول إن الحق في الموضوع في ظني هو قوله تعالى: {وقل الحق من ربكم} الخ الآية.

 

والعودة إلى الإسلام بوحدة تسميته للمسلمين "المسلم من سلم المسلمون.." إلى آخر الحديث، وتحريم كل لقب لم ينطقه الإسلام أن يسمى به مثل القبيلة والأسرة والأهل والأقارب والمسلمين.

 

فعمر رؤساء الديمقراطية إن قصر (٥) سنوات، وإن طال لا يتجاوز عشر سنوات إن لم يأت أجل الله الذي لا يؤخر.

 

ولذلك فليعلم الرئيس أنه ليس رئيسا في هذه المدة لدولة انتهت من تربية نفسها على الديمقراطية على لغة الصوفيين، وأصبح كل وزير وحتى كل رئيس وكل مواطن يعرف ما له وما عليه، لكنه رئيس أمة جعلها أصحاب الأغراض الفاسدة سياسيا وماديا وعنصريا إلى آخره، أمة بدل زعماء حركاتها نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.

 

ولم يلقوا من الدولة أي رادع حتى أصبح كل عنصري أو موال للعنصرية يهددهم بقارعة تصيبهم أو تحل قريبا من دارهم، إلا أنه ما زال في المواطنين - ولله الحمد - من كل لون كرامة ونخوة وسماعا للحق.

 

فأمثال بلار المختار ما زالوا موجودين ولله الحمد بوطنيتهم واعتزازهم بموطنهم العربي ومواطنيهم مثل صل عبد العزيز وبا عبد العزيز ومثل كويتا وكمرا صيد بوبو فى السونكيين.

 

أما لحراطين فاستحى من كلمتها لأني:

أولا: تربيت في بيئة لا تعنى كلمة الحرطان عندها أسبقية رق، بل هم شعب مشائخ تقليديون يتوارثون المشيخة مثل مشيخات لون قبيلتهم الآخر، بمعنى أن المشيخة هنا الإمارات بمعنى الإمارة باصطلاح آخرين، ولكن أطلق عليهم هذا الاسم المميز بالاسم فقط، ولذا فالموجود منهم من منطقتنا الآن في الدولة لم يحصل على ذلك بإعلان العنصرية بل العكس، فقد عقلوا وتركوا أنواع المواطنين يعيشون في أكناف بيوت آبائهم في حياة هي أروع تعاون الأرحام والقرابة.

 

أما من سبق عليه رق، فقد تخلص الجميع من ذلك قبل دعوي من يروج لبقائه.

 

وقد انتظموا في قرى مستقلة أو متداخلة مع أصحاب الأرحام معهم نسبا ورضاعة إلى آخره للتعاون المتبادل كل فيما يخص ما يحسن من العمل.

 

وهنا كم نعلم في نواكشوط من زعماء عرب لونهم أسمر سجنوا وعذبوا على تمسكهم بعروبتهم حتى أرغمتهم الدولة على قبول هذه التسمية الجديدة لأنها أصبحت لا تعتبر في الوظيفة ولا كثرة الشعبية إلا لمن جعلها شعارا مدثرا بالعنصرية والنداء بها.

 

فلو ذكرت هؤلاء العرب السمر بالأسماء لامتلأت الصفحات ولكن سمعت من وصفهم بتولية الأدبار وأظن أنه يعنى ولو الأدبار في معركة العنصرية المقيتة عند كل الشعب إلا من اتخذها ثراء غير مشروع تباركه الدولة عن قصد أو جهل أو عدم تقدير للمسؤولية.

 

وهنا فليسمح القارئ (بكتابة هذه الفذلكة): فمن سمع أول تسمية لطلب المساواة في الحرية التي كان وما زال يقودها الزعيم مسعود بن بلخير وزملاؤه مثل عاشور بن صمب إلى آخر أولئك الزعماء لو تتبعت أسماءهم لامتلأت الأوراق، فرحم الله موتانا وموتاهم ومنهم محمد بن الحيمر، وأطال الله في عمر الأحياء منهم مثل الأستاذ اسغير بن امبارك.

 

وهنا أحرف قليلا بيت الفرزدق بقوله:

أولئك إخوتي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يوما يا فلان (اكتب أيها القارئ من المخاطب هنا) المجامع

 

وقد أسموها (اخوك الحر) الآن، فلينتبه جميع الموريتانيين لهذه التسمية: عذبة اللفظ الممتلئة لطفا وقرابة (وهي طلب الحرية مع الأخوة في عنوان واحد) قارنوا بينها والتسمية الأخري (تيار الانبعاث الانعتاقى).

 

فنحن الآن نعيش آثار هذه المسميات اسم عمل بمسماه من الأهلية والقرابة (انظروا شعب البراكنة في هذا الصدد، وحي تفاريتي)، وبالمقابل انظروا شوارع نواكشوط وصفحات المواقع، فسوف تري ولاسيما من الأعوان الملتزمين بدفع تيار الأمواج الانعتاقية لتدمر في طريقها الأخضر واليابس.

 

وعلى كل حال فلا بد من الخروج من عنق الزجاجة إلى رحابة الانتماء الإسلامي وكفى. وطريق ذلك موضحة في طريقه المستقيم، يقول تعالى عن قول نبيه شعيب: {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).