على مدار الساعة

للإصلاح كلمة موجهة للسلطة التنفيذية وأعضاء الحوار السياسي إذا انعقد

4 أبريل, 2021 - 11:27
الأستاذ محمدو بن البار

كلمة الإصلاح تعرف جيدا أن موضوع هذا المقال الموجه للمعنيين يسمى طبعا حبرا علي ورق لأن رب الدار وهو الرؤساء والوزراء هم الضاربون للدف وأن الراقصين على ذلك هم النواب ورؤساء جميع المؤسسات العامة والخاصة، فالكتابة إليهم تعد مضيعة للوقت.

 

فموضوع المقال التنبيه على استمرار جريمة الاستعمار لهذا الشعب في الميدان اللغوي الثقافي المخالف للدستور.

 

فبعد 60 سنة ما زال مكتب الرئيس والوزراء والنواب يعملون باللغة التي كان يكتب بها المستعمر فكأن المجال الثقافي لا يشمله الاستقلال كما يشمل المجال السياسي والاقتصادي، فوجود علم خاص ونشيد خاص وخاتم خاص يكون مثله وجود لغة خاصة في الاستعمال الرسمي للدولة بمعنى أنما يصدر عن الرؤساء أو كل كتابة رسمية سيكون عليها خاتم الدولة يجب أن تكون باللغة الرسمية.

 

هذا هو الموقف الوطني الرسمي، أما الآخر فهو انقلاب بسلاح السلطة على الشعب وقد استمر وتوسع من أول انقلاب إلى يومنا هذا وربما إلى غد لا قدر الله.

 

هذا لا يدل إلا على جهل السلطة الحاكمة بلغة الوطن التي يظهر العمل بها الاستقلال الثقافي، فإن استمرار هذه الجريمة الثقافية على أيدي السلطة التنفيذية وضد الدستور مع أنه لا عذر فيها ماديا أو وطنيا أو أخلاقا إلا جهل لغة الوطن وتقديم لغة المستعمر عليها – ومن المفارقات التي توضح أصالة هذا الشعب عن غيره من الشعوب أن غالبية الشعب له ثقافة عالية بلغته الوطنية بالرغم من فرض لغة المستعمر عليه في المكاتب والمنهج الدراسي، وأن أقلية حاكمة لا ثقافة لها إلا ما تعلمت من لغة المستعمر التي تنعت بالجهل المركب المعروف معناه.

 

ولذا فإن جميع المشمولين في ملف الفساد من الرئيس والوزراء ومدراء المؤسسات لم يفعلوا ما نسب إليهم إلا باللغة الفرنسية، وهذه السلطة لا يمكنها أن تعتذر بأن عندنا في هذه الدولة جالية فرنسية مثل إقليم "كبك في كندا".

 

فنحن هنا في موريتانيا نبدأ من ميلادنا متساوون في الوطن والدين والأمية في جميع اللغات، ومتساوون كذلك في بداية التسجيل المدرسي لا علم لنا إلا ما تعلمنا في المدارس النظامية من لغة المستعمر ولكننا بجميع شرائحنا تعلمنا في محاظرنا جميعا التي يشمل انتشارها فينا جميع شرائحنا وألواننا، وعليه فإني أقترح هذا الاقتراح الذي يشمل نفعه الموريتانيين أحياء وأمواتا وبعد التقاعد وانتهاء النشاط الأول قبل الموت - مع علمي أن هناك من سيستنكره كاستنكار وجود الله الواحد الأحد واتخاذه إلهه هواه وأضله الله علي علم وختم علي سمعه وقلبه وجعل علي بصره غشاوة – ولكن هذا سوف يقول في الآخرة: {قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل}، وما جاءت به الرسل لا يعرف بغير مضمون هذا الاقتراح.

 

أما الاقتراح فهو إنشاء وزارة لمدرسة محظرية ابتدائية تبدأ من السنة السادسة للطفل بدل الثامنة للنظام الفرنسي وتكون إجبارية - من غابو إلي فصالة إلي انجاكو وكل مدينة أو قرية يؤخذ معلمين من وسطها المحظري إلا إذا لم يوجد يحول إليها معلم محظري من المواطنين وتكون الدراسة قرآنية مع جميع العلوم العربية حتى سنة الطفل التاسعة يدخل السنة الأولي من التعليم الثانوي الذي يقتصر جميعه علي ثمان سنوات مفرقة أو مجتمعة تؤخذ بعدها الثانوية العامة التي تخوله دخول الجامعة.

 

هذا ويمكن أن تكلف وزارة الشؤون الإسلامية بإدارة المدرسة المحظرية هذه، أما اللغة الفرنسية فتبدأ مع الدراسة الثانوية إلى آخر شهادة ولكن كلغة نطقا وكتابة.

 

 

أما دراسة العلوم فوجودها الآن بالفرنسية هو الذي جعلنا أمة من الجهل في النظام التعليمي، فالعلوم يجب أن يكون أستاذها يشرحها بلغة الوطن ويعطي مثالا من علوم الوطن ونباتات الوطن وكيمياء وفيزياء الوطن إلى آخره، فهل رأيتم مدرسة فرنسية تدرس في فرنسا العلوم بالعربية.

 

وعلى كل حال فليعلم من يعمل في موريتانيا بشهادته الفرنسية ولا يعرف إلا هي ما يلي:

أولا: أن الشعب يصفه بالجهل ولو كان حاملا للدكتوراه لأنها دكتوراه أجنبية لغة وموضوعا في الوطن، لأنه لا يعرف شيئا عن تاريخ وأدب وطنه ولم يأخذ علوم وطنه "مثال واحد" يقول أطباء موريتانيا إنهم لا يعرفون عن خصائص لبن الإبل شيئا لأنها ليست في أوربا ولا يهتمون بتركيبة ما يصدر عنها لحما ولبنا.

 

ثانيا: الدفاع عن الاستمرار في الدراسة باللغة الأجنبية هو استعمار مقنع كمن يحتل بيت غيره ويفرض أنه منزله، بمعني أن الراتب عليها وحدها أكل سحت صاحبه جاعل الربا الحرام مكان البيع الحلال كما قال الله: {إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا}.

 

ثالثا: إن العمل بهذا الاقتراح يجعلنا أمة واحدة بلغة دينها وسيحمده جميع المواطنين وتتكافأ به الفرص – وأنا أدرك أن أصحاب الأصالة في الشرائح جميعا سيرحبون به إذا لم يتدخل شياطينهم الفرنسيين لغة مثل شيطان شريحة البيظان بلونيها الفرنسي، واسمحوا لي بالتعبير بالشياطين لأنه التعبير القرآني عندما قيل للمشركين {اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا} فقال الله: {أو لو كان الشيطان يدعوهم إلي عذاب السعير}، ولم يقل ءاباءهم، ولكن عندما يدخل كل طفل على بيت أهله وهو يحفظ القرآن وعلومه والعلوم العربية المبينة لمعاني القرآن فسيحمد القوم السرى.

 

هذا الاقتراح من رفضه فسينعته الله بقوله: {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا} وأقول أنا:

 

أمرتهم أمري بمنعرج اللوي فلم يستبينوا الرشد إلي ضحى الغد

 

وغدا هنا بعد الموت.

 

كل ما تقدم يعني الضاربين للدف من رؤساء ووزراء، أما الراقصون عليه وهم النواب الذين فضحوا أعضاء السلطة في عشريتها الماضية، وافتضحوا هم بكتابة تقريرهم بلغة فرنسا، وفرنسا فرنسيون وهم مسلمون، بمعني أنهم لم يتذكروا وطنيتهم هنا كما أنهم لم يتذكروا سيادة هذا البلد، فلو تذكروا سيادتهم لبدأوا بإعادة العلم والنشيد ومجلس الشيوخ إلى آخره.

 

فهم لم يتذكروا إلا الفساد المادي، أما الفساد السيادي فلم يتذكروه وهو أولي بالتذكر، فتغيير جميع رموز السيادة بالمادة 38 من الدستور هو أعظم جريمة سيادية احتقر بها الشعب الموريتاني فتغيير الدستور بها والدستور يقول الباب الثاني عشر في تغيير الدستور، وهذه المادة تعني استشارة الشعب في الأزمات الطارئة التي لا يحكمها نص فتكتسب قوة العمل بها بهذا الاستفتاء، فكان على النواب أن يبدؤوا بدعوة خبراء الدستور كما استدعوا خبراء الصفقات وكان على الرئيس أن ينفذ قرارهم فورا بإعادة السيادة لموريتانيا.

 

وأخيرا، فإني أقول للجميع إن قضية العمل في المكاتب بالفرنسية هو عمل يهدم السيادة كهدم رفع علم أو عزف نشيد غير وطنيين وقد حان أن يرفع هذا الظلم عن جميع الشرائح، ولا تترك مجموعة قليلة من المتفرنسين وفرضها على الشعب تلبيسا على جهلهم المعرفي ولو بلغوا أعلى شهادة فيها فهي مثل وجود راحلة مثبتة فوق حمار أو رجل يلبس ملحفة أو امرأة عليها الدراعة إلى آخر كل أنواع الشذوذ عن الأصل.

 

فعلى المواطنين أن يرفعوا حناجرهم ضد هذا الاستعمار الثقافي اللغوي والرجوع إلى لغة القرآن لغة الجميع في الدنيا والاخرة {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.