تلك الجولة التي وقفت فيها بجنب المسؤولين في الدولة بجميع فئاتهم من وزراء وأمنيين ونواب وقضاة، وجميع أنواع العسكريين بمختلف قطاعاتهم ورتبهم.
وبذلك تذكرت ما يلي :
أولا: أن هؤلاء الآن شبه عدم، مثل الأحجار وآلات التعريف بأسمائهم المكتوبة فوق أضرحتهم.
ثانيا: أنهم توفوا وهم مسلمون كما نرجو لهم؛ والمسلم يدرك أنه كان في الدنيا يسمع ما له بعد موته عند لقاء ربه.
يقول تعالى عن مصير الإنسان بعد الموت مباشرة {كلا إذا بلغت التراقي} أي الروح {وقيل من راق} إلى قوله تعالى {والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق}.
وتفصيل المصير بعد ذلك في قوله تعالى {أفمن كان مومنا كمن كان فاسقا لا يستوون}؛ فالأول في جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون، وأما الآخرون {فمأويهم النار كل ما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها}.
ونظرا لمقابلة هذا المصير بين حالتين لا ثالث لهما، فلا بد أن يلفت نظر الفكر: هل لهؤلاء شبه موجود في جميع أعمالهم من امثالهم في هذه الدنيا يمكن أن يتذكر فتنفعه الذكري.
والجواب طبعا أن امثالهم الآن ينتظرون بفارغ الصبر تجديد تعيينهم في الحكومة المنتظرة، وإن نوعهم من كل فئة لا تنتظر الا الترقية في مهنهم، هذا يستوي فيه السلطة التنفيذية والتشريعية التي تفرح الآن بما أتا ها الله من (النجاح)، وكذلك السلطة القضائية أيضا التي تتهيأ لاجتماع المجلس الأعلى للقضاء لترقيتهم في التلقي للفصل في حقوق المسلمين.
وكل مثل هذه السلط الثلاثة وأعوانهم موجودون في مقبرة لا حراسة عليهم ولا حراك ولا أي شيء إلا ما خفي علينا من المصير المفصل أعلاه: بعضه لا غنى عنه وبعضه لا صبر عليه إلا أن المحقق ان هذا المصير ناتج عن العمل في الدنيا الذي بين الله للإنسان في كتابه خيره وشره ممثلا لمقدار التأثير في ذلك بمثقال الذرة.
والآن حان أن ننتقل إلى أهل الدنيا الذين ما زالوا أحياء ينتظرون التعيين عن قصد وينتظرون في أي وقت مصير أمثالهم في مقبرة لكصر من غير مبالات به، مع أن الله الآن ابتلى زملاءهم فظهر أيهم أحسن عملا، وحالا هم الآن يعيشون تلك النتيجة.
ونظرا لهذه الحقائق فأنا أدعو جميع الموريتانيين إلى الانتباه لذلك المصير لنبدأ جميعا كل واحد منا الانتفاع بما وهب الله له من قدرة عمل لينتفع منه هذ الشعب المسكين الذي حلقت به ديمقراطية الغرب تهذيبا في الإنشاء عندهم تنعم بها شعوبهم في الدنيا.
أما نحن فينحدر بنا سوءها والتطبيق الفوضوي العسكري لها عندنا لنتلافى جميعا آثار هذا التدمير المخطط للشعب من غير أن يشعر هو ولا سلطته بذلك نتيجة اتباع كل مسؤول لما يحلو له من الفعل الأحادي من موقعه المشترك بينه وهذا الشعب الطيب المسلم كله.
وأول ما سنبدأ بندائه أصحاب الكلمة المنطوقة والمكتوبة بالقلم من مدونين ومفكرين وأصحاب مواقع الذين سخروا سلاحهم لهذا التدمير المشار إليه فأفسدوا للكلمة معناها وقيمتها وهدفها إلى أخره وسلكوا في ذلك طريق شركة الروس العسكرية "فاغنر" فأي دولة أرادت إهانة شعبها بالقتل خارج القانون تستدعيها لذلك بمقابل.
فإذا كان المسؤولون فيهم من أفسد فكل مسؤول مفسد يوجد وراء فساده سلاح فتاك اسمه الصوت والقلم، فعلينا جميعا أن ننظر في ما تنقله المواقع يوميا فكم نجد من كاتب ومفكر يرقص لسانه وقلمه على نغمات ضرب مفسد لمسؤوليته فحولها إلى غير وجهتها.
فالجميع يدرك سلبية وميوعة التسيير في جميع مرافق الدولة والبداية الفعلية لهذا بدأت من سنة 92 إحضار الساحقة الديمقراطية تتبعها الماحقة سفارة إسرائيل.
ومن ذلك التاريخ والسلم تبنى للنزول فقط حتى وصلنا هذه السنة.