على مدار الساعة

لهذه الأسباب يكون إضراب المدرِّس عِنادا مبينا!

19 أبريل, 2024 - 18:08
الكاتب اشريف محمد يحيى

   ..يا نقابيي التعليم ما لكم تكأكأتم على الوزارة كتكأكؤ شرطة الشغب على ذوي وقفة سلميّة يطالبون بحقوقهم المشروعة.. افرنقِعوا عنها، واقرأوا ما سأكتبه لكم:

  ..والحقّ يقال؛ لا معنى لاستمرار صَرف "علاوة الطبشور" لمدرّس لا يستنشقُ غبار تلك المادّة السّامّة في كلّ حصّة، ولا يُمِرُّ طبشوره الهشَّ على وجه سبّورة شاحبة، أثقلته النّدوب حتى تفسّخَ، وسْط حجرة مترهّلة التجهيز متهالكة البنيان!

  ولا معنى لاستفادته من "علاوة الخطر" وهو يرفل في أعطاف الحماية والحصانة، ويتفيأ مِن ظلال الانقياد؛ حوله تلامذة ودودون مطيعون، لا يقدّمون بين يديه، ولا يسبقونه بالقول، وهم لأوامر يبتدرون، إن أشار حبسوا أنفاسهم مصيخين، وإن نبَسَ أطرَقوا كأنّما على رؤوسهم الطّير.. فإذا خرج من قسمه -أو من ساحة المدرسة- استقبلَه حُسن المعاملة، فألفى حاضِنة مبجِّلة، ووَسَطا مقدِّرا، وسنَدا رسميّا متفانيا في التعاطي الإيجابيّ معه، وتوفير مستلزمات عمله ويوميات حياته المعيشية قبل أن يطلبَها! 

   ولا معنى للتّسخّط من حمارّة القيظ في عزّ اعتدال الطقس وميله إلى البرودة.. إذا ما مُدّد العام الدّراسيّ بشهرٍ أو بعضِ شهر !

    ولا معنى للمطالبة بـ"تحسين ظروف السّكن" وكلُّ مدرّس قد شُيّد له منزل فخم بالمواصفات التي تناسب طبيعة مُبتعَثه التدريسي، وجُعِل مواجها لمدرسته، ليس بينه وبينها إلّا عَرْض زُقاق يكاد يضيق عن استيعاب سيارته الرسميّة الفارهة!

    ..وقد كان فيمن قبلَكم قومٌ يَشتَرونَ الشّقوةَ ويتمنّون انتقالَ النّعمة، حتى بلغ من نكدهم وسوء ما جنوا على أنفسهم، أن سألوا الله أن يُباعِد بين أسفارهم.. وعلى ذِكر مباعَدة السّفر؛ لا معنى لصرف "علاوة البعد" لمدرِّس يأتيه رزقه رغدا في إحدى نِقاط ريف الدّاخل التي أحيطت -كلُّها- بمستلزمات الرّفاهية الكريمة، والعِيشة الرّاضية، وعمّتها خِدمات المرافق العامة، من ماء زُلال، وكهرباء جيّدة، وتغطية اتصالات قويّة، وشابِكة صَبيبُها سريع.. فهو يتقلَّب في أثواب التّرَف، مطمئنا على اطّراد حصوله على علاواته المستحَقّة، كاملة غيرَ منقوصة ولا مقطوعة، غنيّا بها عن صَرف راتبِه السّمين في شؤون سكنه اليومية بمنزلِه الأنيق وسوقِه العامر!

    فلا أُلفينَّ أحدَكم -اليوم- يتناسى ما هو فيه مِن نعيم وظيفيّ مقيم، وسعادة تدريسيّة غامرة، ويلتحق بركب المتسخِّطين الكَنود، الذي يرفُض العافية والرخاء، ويبحث عن التعاسة والشّقاء.. وقد نصحتُ لكم وأُعذِرتُ فيكم، فانظروا أين تضعون رؤوسكم، والسّلام..!