على مدار الساعة

ما قبل الحملة

17 يناير, 2024 - 19:25
عبد الفتاح اعبيدن - كاتب

من المفترض أن تشهد مرحلة ما قبل الحملة انطلاق حملة تمهيدية لتخفيف الضغط على الشعب، عسى أن تكون الكتلة الناخبة أكثر ارتياحا واستعدادا لخوض انتخابات فعالة وإيجابية، لكن رغم المدة القصيرة التى تفصلنا عن يوم الاقتراع الرئاسي، فإن الأجواء في بعض ملامحها لا تبدو أجواءً انتخابية، فما القصة و ما اللغز فى هذا الركود الذى قد يدل إما على اليقين المطلق بنجاح مرشح السلطة و غياب أو ضعف المنافسين، و إما أن يدل أيضا على عدم إدراك خطورة تحولات السياسة والانتخابات بوجه خاص، لأن موريتانيا ليست بمنأى أو معزل عن التقلبات السياسية والمجتمعية وتأثير العوامل الداخلية والخارجية، بمختلف أوجهها.

 

لأن منطق المصلحة الانتخابية الصرفة يفرض على المهتمين انتخابيا ضرورة التحرك فى هذه الفترة بالذات، تمهيدا ودفعا للساحة الوطنية نحو المشاركة في المشهد الانتخابي الرئاسي المرتقب.

 

وإنه جدير بكل الجهات المعنية بدعم ترشح الرئيس للمأمورية الثانية أن يضعوا الدولة والمجتمع في ظروف مشجعة للتصويت لصالح السيد الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، فمهما تكن أهمية و تنوع المنجزات، فالوضع الاجتماعي وارتفاع الأسعار وبعض المصاعب هناك وهناك، واستمرار هجرة الشباب ووجود هجرة أخرى معاكسة وبعض التحديات في قطاع التنقيب وقطاع الصيد وبعض مشاكل الزراعة والملكية العقارية التقليدية و كذلك التحديات التى تواجه الطبقة المتوسطة، عموما وخصوصا مشكلة التشغيل، وبعد الإدارة عن المواطن، التى بات الرئيس يلح على أهميتها وضرورتها كل مرة (تقريب الإدارة من المواطن)، وأزمة تنفيذ المشاريع واحترام الآجال، وعدم المبالغة فى أسعار المقاولات.

 

كل هذا وغيره يستدعي ربما إعادة جدولة التعهدات، للوقوف على ما تم إنجازه من تلك التعهدات، و التخطيط لتنفيذ ما بقي، والاعتراف ببعض المصاعب، لكسب المصداقية وفتح المجال للآفاق الحملاتية والعملية المنتظرة في المأمورية الثانية، بإذن الله.

 

ولعله مما قد ينفع المرشح القوي المرتقب، محمد ولد الشيخ الغزواني، في سياق المعالجات الاستعجالية، ضرورة التنبه للبعض من المسؤولين الكبار، ممن يرفض استقبال المواطنين الضعفاء، ولا يقبل حتى في هاتفه حظا من الوقت للضعفاء، ويعترض بصراحة حتى على مجرد تكرار الاتصال الهاتفي به، نفيا لمسؤوليته عن الناس أو الاستعداد نسبيا، و لو من حين لآخر لحل بعض أوجه معاناتهم. 

 

إن بعض الشخصيات الحكومية حين لا يقبل الإنابة عن الرئيس في حل بعض المشاكل ومع تجاهل ما يدعو له دائما فى مجالس الوزراء من ضرورة تكريس قرب الإدارة من المواطن، فذلك يعني ضرورة استبداله، ضمن تعديلات وزارية تهدئ خاطر الرأي العام و تضغط على بعض الديناصورات لسماع توجيهات الرئيس غزواني لصالح منحى تقريب الإدارة من المواطن.

 

و يروي البعض من المحظوظين بدخول القلاع المحصنة، أن عينك قد لا تقع في قاعات انتظار بعضهم إلا على سمسار محل ثقة أو مقرب ذي صلة دم أو مصاهرة بوجه خاص، ومن سواهم قد ينتظرون أشهرا أو أعواما ليصل لهم الدور عسى أن يلتقوا بصاحب الأبواب الموصدة، و هذا طبعا مناقض لدعوات الرئيس غزواني المتكررة للعمل على تقريب الإدارة من المواطن.

 

و لعل مثل هذه الظواهر إلى جانب الغنى الفاحش السريع لبعضهم، هو ما يفسر مثل تلك الشائعات والتمنيات مستمرة التداول لدى بعض المواطنين لحصول تغيير وزاري جزئي أو واسع.

 

فلا تكاد تمر أسابيع حتى نسمع عن شائعة تغيير وزاري، على حد قولهم، مرتقب أو حتى وشيك!.

 

ولعل ما قبل الحملة، أو الحملة التمهيدية، و هي فعالة و مهمة، بحاجة لإجراءات استعجالية ومتنوعة، للتغلب نسبيا على بعض التحيات، ولو جزئيا.

 

ومن مصلحة المعنيين بالشأن العام طول التأمل وبعد النظر وسعة الصدر طبعا، وما سوى ذلك لا يصلح للمغالبة، والنزال قادم، ومهما كان بسيطا في نظر البعض، فهو يتطلب الإعداد والاستعداد والحزم.