على مدار الساعة

موريتانيا: دعاية سياسية على الجدران في زمن "الفيسبوك" و"تويتر"

21 يونيو, 2010 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) - في بلد مثل موريتانيا اختصرت الحياة السياسية فيه فترة طويلة في ثنائية "النظام الدكتاتوري والمعارضة السرية" ليس من المستغرب أن تزدهر أنماط العمل السياسي السري وخاصة كتابة الشعارات المناهضة للنظام على الجدران لكن الأغرب أن هذه الوسيلة لا زالت شائعة حتى بعد الانفتاح السياسي وبعد انتشار أحدث وسائل الإعلام ومن بينها الشبكات الاجتماعية التي استغلت في أنحاء متفرقة من العالم في عدة أزمات سياسية مشهورة.

ومع أن هذه الوسائل الحديثة استغلت بطريقة أو بأخرى في الأزمات السياسية في موريتانيا فإنها لم تقص الكتابة على الجدران فالذي يمر من شوارع نواكشوط لن تخطا عينه "مانشيتات " عريضة هنا أو هناك بعضها يعبر عن أحدث الخلافات السياسية، وبعضها من "بقايا صراع" سابق قديم أو حديث.

 

تاريخ على جدران

 

أطراف كثيرة لجأت إلى هذا الأسلوب عبر تاريخ الصراع السياسي منذ الكادحين ونظام الرئيس الأسبق المختار ولد داداه مرورا بصراعات مجمل الحركات السياسية السرية مع الأنظمة العسكرية التي خلفته في الحكم والتي اعتبر أحد ناشطيهم أنه لولا أن التطور العمراني لمدينة نواكشوط قضى على كثير من البنايات التي "دون" عليها ذلك الصراع لظلت تزين الشوارع وتروي للأجيال الشابة "صفحات من التاريخ الممنوع".

ورغم التحول الديمقراطي فإن كتابة الشعارات السياسية المناهضة للأنظمة على الجدران لم تختف بل ظلت تعاود كلما احتقن الوضع خاصة منذ إقامة نظام ولد الطائع للعلاقات مع إسرائيل.

حاليا لا زالت شوارع نواكشوط تحتفظ بالكثير من هذه الكتابات التي تعبر عن مختلف الأحداث والآراء السياسية فشعارات "لا للتطبيع" "لا للعلاقة مع الصهاينة" " لا لزيارة شالوم المشؤوم" المناهضة للعلاقات مع إسرائيل تتجاور مع الشعارات المنددة باعتقال السجناء السياسيين وحل الأحزاب خلال حكم ولد الطائع.

وتحتفظ هذه الشوارع بكتابات أخرى تعبر عن التحولات السياسية بعد سقوط نظام ولد الطائع سواء في الدعاية الانتخابية "انتخبوا فلان، المرشح الأمثل، مرشح الشباب" أو في التعبير عن خلافات سياسية "لا لانقلابات " لا لنظام الحرب الأهلية " " لا لجبهة الفساد" كما تحضر في هذه الكتابات المطالب الاجتماعية "صبر الحراطين قد نفد" " لما ذا حرمان الحراطين كصحافة في تلفزة موريتانيا العنصرية".

الأزمة بين النظام الحالي وبعض رجال الأعمال في ما عرف بملف البنك المركزي قبل أشهر كانت أحدث "مواسم الكتابة على الجدران" حيث انضمت شعارات "أطلقوا سراح رجال الأعمال " إلى شعارات "أطلقوا سراح الضباط" و"أطلقوا سراح سجناء الرأي" وحتى "أطلقوا سراح الطلاب" لتدون جميعها التوزيع العادل للسجن عبر الأنظمة.

 

من المحو إلى "الهجوم"

 

تعامل "الرقيب" السلطوي مع هذه الكتابات كان مختلفا حيث يجند أحيانا كل طاقاته لمحو هذه الكتابات وخاصة في الأوقات الحرجة "أتذكر – يقول أحد "كتاب الجدران" - تلك الحملة المحمومة التي قام بها نظام ولد الطائع لمحو الكتابات المناهضة لزيارات وزير الخارجية الصهيوني سلفان شالوم إلى نواكشوط قبيل الإطاحة به فقد كان لا بد للنظام من القيام بذلك لأن حملة الكتابة المصاحبة للرفض الشعبي العارم والمظاهرات الضخمة غطت حتى الطريق الذي سيسلكه الوزير الصهيوني بل إنها وصلت لمركز السرطان الذي كان سيدشنه رغم الحراسة المشددة)

لكن السلطة أو بعض أنصارها يلجئون أحيانا للهجوم ولا زالت جدران نواكشوط تحتفظ بكتابات مناهضة لمعارضة نظام ولد الطائع، أما النظام الحالي فإن أنصاره هم الأنشط في "الكتابة المضادة" ضد المعارضة وخاصة الجبهة الديمقراطية التي عارضت انقلاب السادس من أغسطس.