على مدار الساعة

"التلاميذ الحمالون"... عطلة صيفية من نوع خاص

17 سبتمبر, 2010 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) - لم أختر هذه المهنة، وبوسعي القيام بما هو أفضل منها. لكنها الظروف". هذا ما يؤكده محمد فال (1993-بوغي) وهو يعتمد على عربته اليدوية الصغيرة والتي تدر عليه دخلا يوميا يتذبذب ما بين 200 و2500 أوقية.

يشكل محمد فال جزء من مجموعة من تلاميذ المدارس الذين ترغمهم الظروف المعيشية الصعبة على استغلال فرصة العطلة الصيفية والعمل مؤقتا كحمالين على عربات يدفعونها بأيديهم مقابل أوقيات معدودة يدفعها زبائن محلات بيع الجملة في سوق المواد الغذائية في العاصمة نواكشوط.

قدم محمد فال إلى العاصمة نواكشوط من "دار البركة" في منطقة بوغي جنوب موريتانيا. وهو يستغل الفراغ من الدراسة لتحصيل مال يسير يساعد به والديه. في السنة الدراسية "أعود إلى الاعتماد عليهما. أساعدهما الآن حسبما أستطيع، وفي النهاية لا يمكن للمرء أن يكافئ إحسان والديه مهما فعل" كما يقول.

ويشكو محمد فال من قسوة العمل المتمثل في حمل الأثقال على عربته وإيصالها إلى حيث يقرر الزبون الذي يطلب غالبا إيصاله إلى حيث يتمكن من الحصول على سيارة أجرة، وتحدد المسافة وكمية البضائع مقدار التعويض الذي يتلقاه العامل.

ويؤكد محمد فال –وهو تلميذ في الإعدادية- أنه لن يتخلى عن الدراسة كما يفعل العديد من التلاميذ من أبناء الطبقات الأكثر فقرا. "رغم الظروف، سأواصل الدراسة. رأيت زملاء لي غادروا مقاعد المدرسة ولم يحصلوا على شيء" كما يؤكد.
لكن محمد فال قلق من تأثير ممارسة هذه المهنة الشاقة على تحصيله الدراسي الذي يتمسك به. "سأعود إلى الفصل من السوق، فيما سيعود زملاء لي وقد استغلوا العطلة لتقوية مستوياتهم، أو على الأقل أخذوا قسطا من الراحة. تصوروا الفرق!" كما يقول.

ورغم المصاعب التي يواجهها الفتى في حمل الأثقال ومعاناته من آلام في الصدر وبنيته الجسمية الضعيفة فهو يصر على النهوض صباحا والانتقال من الرياض، أقصى مناطق نواكشوط جنوبا، إلى سوق العاصمة، يحدوه الأمل في تحصيل مال زهيد يساعد أبويه.

ولا يختلف حال محمد فال عن حال عبد الجليل وهو تلميذ متجاوز إلى السنة الثانية من الثانوية (الشعبة العربية). التحق عبد الجليل بالمهنة منذ شهر فقط وهو يشكو من قسوتها ولكنه يهوى الاستقلال الذي توفره بعيدا عن تدخلات الآخرين.

فتش عبد الجليل عن عمل يدعم به دخل أسرته بعد فترة بحث لم يجد بدا من اصطحابه عربته الصغيرة ودخول السوق.

ويشكو عبد الجليل من الدخل الزهيد الذي تدره المهنة لكنه يشكو على نحو خاص من تصرفات البلدية التي يستغرب إقدام ممثليها –كما يقول- على تدمير عربات زملائه حين يتركونها ليلا.

ويتحدث الفتى عن ما بين 30 إلى 40 فتى في عمره قادمين جميعا من منطقة "دار البركة" قرب "بوغي" جنوب موريتانيا، وجميعهم يمارسون هذه المهنة مستغلين إغلاق المدارس. "نحن لسنا أميين، بل تلاميذ ويمكننا القيام القيام بأعمال غير بدنية إذا وفرت لنا" كما يقول.