على مدار الساعة

جالياتنا والطاقات المهدورة

13 نوفمبر, 2021 - 10:58
محمذن العيد احميدة ـ مترجم وموظف حكومي بأستراليا

كل الدراسات العالمية تؤكد على أهمية الجاليات المغتربة فى العالم وقوة مساهماتها فى اقتصادات الدول - خاصة تلك التى هي فى طريق النمو. فلا خلاف عند أهل الإختصاص فى أن دولا تقدمت اقتصاداتها و زاد الرفاه وارتفعت مستويات المعيشة فيها بسبب مساهمات مواطينيها المغتربين من خلال مشاركاتهم المقصودة وغير المقصودة فى تحريك الإقتصاد ورفع أسهم بلدانهم فى الأسواق العالمية.

 

صدرت دراسة عن المنظمة الدولية للهجرة ودائرة المغتربين العرب بجامعة الدول العربية تبين خصائص وظروف الجاليات وفقا لمناطق تواجدهم, وذلك لأهمية المناطق التى يتواجد فيها هؤلاء المغتربون والتأثير الإيجابي لذلك فى عملية التنمية فى بلدانهم الأصلية.

 

كانت هذه الدراسة تحت عنوان: "تعزيز المساهمات الإيجابية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتحولات الديمقراطية في أوطانهم الأصلية", وهي تلخص السلوك الإقتصادي للمهاجرين والمتقاعدين العائدين, والأسباب الأساسية فى عملية الهجرة فى المغرب العربي حيث تشكل الإستثمارات من معاشات التقاعد وادخار العائدين والمتقاعدين الطاقة الأساسية للتنمية الإقتصادية فى المغرب العربي.

 

و رغم أن الدراسة ركزت على المغرب والجزائر وتونس فقط, فإنها تعد ثمرة نستطيع الإستفادة منها فى موريتانيا حيث إن حال أولئك المهاجرين من تلك الدول لا يختلف عن حال الجاليات الموريتانية فى العالم ويدعم ذلك الرأي أن حال الجاليات فى كل العالم تتشابه مع اختلافات طفيفة لا تكاد تذكر. فكل الجاليات عندها المشاكل نفسها فى البلدان التى يعيشون فيها من قبيل الأمن وربط أبنائهم بالدين والثقافة والوطن الأصلي, كما يشتركون محنة فساد اخلاق أبنائهم الذين ولدوا في ثقافات مختلفة يتعلمون فى المدارس ماهو مرتبط بثقافة تلك الدول وعاداتها وتقاليدها التى لا تتوافق مع ما يتلقاه الأبناء فى البيت وفى  المسجد, مما يخلق انفصاما فى الشخصية ويضع الطفل فى دوامة تدور به بين هاتين الثقافتين المختلفتين حتى يكاد يضيع.

 

ولكن هنالك مشكلة قد تكون سببا لهذا الإنفكاك من الثقافة والتقاليد وحتى من الدين أحيانا, هذه  الثقافات والتقاليد التى يصبو كل مغترب إلى التمسك بها و توريثها لأبنائه.

 

ورغم أن التحديات كثيرة إلا أن تفرق هذه الجاليات وعدم توحيد جهدها وترتيب بيتها من الداخل والسعي إلى الإستفادة من القدرات الثقافية والمهنية والإقتصادية لها هي الأسباب الأساسية.

 

وهكذا بدأ الوعي بأهمية إنشاء إطار يوحد وينظم الجاليات الموريتانية فى العالم لتُجمع الجهود وتُوحّد الآراء وتوضع الأهداف والآليات المنظمة التى تحقق تلك الأهداف للجاليات بصورة خاصة وللوطن بصورة عامة.

 

 بموجب ذلك برزت فكرة انشاء إطار يجمع مختلف مكاتب الجاليات الموريتانية في العالم وقد جاءت تلك الفكرة استجابة لحاجة المغتربين الملحة لها، ورغبة من لدن السلطات العليا في البلد في التعامل مع شريك فاعل، يكون ممثلا حقيقيا للموريتانيين في الخارج.

 

تم عقد اجتماعات بين مجموعة من المغتربين من بلدان شتى بواسطة الوسائط التكنلوجية, وبعد مشاورات مكثفة تم الإتفاق على ولادة " أتحاد مكاتب الجاليات الموريتانية فى العالم"  الذى اعتمد في نظامه الأساسي أهادفا أساسية تلخص كل المراد من اتحاد كهذا:

 * توحيد الجاليات الموريتانية المتواجدة فى العالم تحت راية واحدة تتشارك فيها كل الأطراف وتتعاون من أجل ما يخدم الجاليات ووحدتها ويخدم الوطن و يزيد من تقدمه ونهضته الإقتصادسة والعلمية.

*العمل على تقوية الروابط الوطنية بين أبنائها وبث روح التعاون والتعاضد بين مختلف مكوناتها أينما كانت.

*السهر على تمثيل الوطن أحسن تمثيل عبر تأطير افراد جالياتنا وإبراز الوجه الحسن لأمتنا سلوكا نابعا من التمسك بحضارتنا الجامعة للقيم العربية والإفريقية المحكومة بتعاليم ديننا الإسلامى الحنيف.

 

وقد سعى هذا الإتحاد نحو شراكة مستديمة مع القطاعات الحكومية وكذا مختلف الفاعلين الوطنيين والهيئات الإقليمية والدولية والمهتمين بالمغتربين من اجل تحقيق أهدافه والدفاع عن مصالح الجاليات واشراكهم في تنمية البلد بصورة عامة.

 

رغم أن المهمة صعبة والطريق طويل ومحفوف بالمخاطر والتحديات فإن الإتحاد قد حقق أهدافا متعددة تمثلت فى توحيد جاليات كثيرة فى بعض البلدان, كما أنه يحضر الآن للمؤتمر الأول للجاليات الموريتانية  فى العالم بالتشارك مع السلطات فى البلد ممثلة فى وزارة الخارجية و التعاون والموريتانيين فى الخارج, هذا المؤتمرالذي سينعقد فى الربع الاول من السنة القادمة 2022م.

محمذن العيد احميدة

مترجم وموظف حكومي

أستراليا / نفمبر 2021