على مدار الساعة

"فيسبوك" منبر  رئيس موريتانيا السابق و"نافذته" من إقامته الجبرية

20 يونيو, 2021 - 12:25
لقطة من بث مباشر للرئيس السابق ولد عبد العزيز ليلة البارحة للرد على الناطق الرسمي باسم الحكومة

الأخبار (نواكشوط) – شكل موقع "فيسبوك" المنبر الأبرز للرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز ولأنصاره، بعد أن فرضت عليه إقامة جبرية داخل منزله في مقاطعة لكصر بولاية نواكشوط الغربية ضمن الإجراءات القضائية المتخذة ضده.

 

واتخذ الرئيس السابق من فيسبوك منبرا له، ودوَّن عليه، كما استخدم البث المباشر للمشاركة "عن بعد" في أنشطة حزب الرباط الوطني الذي أعلن الانضمام له، ودعا أنصاره للالتحاق به.

 

وأعلن ولد عبد العزيز يوم 30 مايو تفعيل حساب باسمه على فيسبوك، وذلك بعد نحو أسبوعين من فرض القضاء عليه إقامة جبرية في منزله، وكلف شرطة الجرائم الاقتصادية بالسهر على تطبيق القرار، وحمل الحساب معلومات دخول باسم: ""jemal.tayeb.

 

ونشط ولد عبد العزيز على فيسبوك مستخدما التدوين والبحث المباشر، رغم أنه سبق وأن هاجم مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك، ورواده، ووصفها بأنها موطن للمعارضة الافتراضية، التي تشكك في الواقع، وتحرفه، كما تهجم على المدونين.

 

نافذة ودعوة

ولد عبد العزيز، عبر عن سعادته في تدوينة بمناسبة تفعيل الحساب بـ"فتح هذه النافذة الافتراضية"، كما رحب بكل الآرء، "وفتح منبر حرية التعبير أمامكم، تجسيدا لما كرسته خلال فترة حكمي للبلاد من احترام للقانون وما ختمت به عند مغادرتي للسلطة من احترام لمقتضيات الديموقراطية وتقديس الدستور".

 

وتمنى ولد عبد العزيز أن يشاركه "جميع الأحرار غير المتلونين من رواد هذا الفضاء في تنوير الرأي، ونبذ سياسات النفاق والتملق والعمل من أجل رفعة موريتانيا وإعلاء الحق وترسيخ قيم ديننا الحنيف وتوطيد وحدتنا الوطنية للدفع بعجلة وطننا العزيز نحو المزيد من التقدم والازدهار، الهدف الذي يجمع كل أحرار هذا الشعب".

 

وخلال نحو 20 يوما ارتفع عدد متابعي الصفحة إلى أكثر من 40 ألف شخص، ليدخل بذلك ضمن الحسابات الخمسين الأكثر متابعة في البلاد.

 

كما حققت مقاطع الفيديو التي نشرها على صفحته مشاهدات معتبرة، فسحجل أحد المقاطع أكثر من 90 ألف مشاهدة، فيما تجاوز آخر 60 ألف مشاهدة،  ونالت تدويناته ومنشوراته تفاعلا معتبرا.

 

مسيرات مباشرة

كما استغل أنصار الرئيس السابق صفحاتهم على فيسبوك لمواكبة سيره على الأقدام باتجاه إدارة الأمن لتوقيع سجل الحضور الذي ألزمه القضاء به ثلاث مرات أسبوعيا.

 

وحققت مقاطع البث المباشر على صفحاتهم لمسيرته مشاهدات كبيرة، وتفاعلا معتبرا مقارنة مع منشوراتهم ومقاطعهم الأخرى.

 

وقد تدخلت الشرطة في آخر مسير له لمنع أكثر من شخيصين من مرافقته، كما صادرت العديد من هواتفهم، بما فيها هاتف الشخص الذي كان يتولى البث المباشر في كل المسيرات.

 

ضرورة وكسر تحكم

الإعلامي أحمد باب علاتي قال في تصريح للأخبار إن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لجأ لمواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا فيسبوك كضرورة بعد أن سدت أمامه كل أبواب الإعلام، كما أنه صحح صورته لديه، وأدرك حجم تأثيره.

 

وأضاف ولد علاتي أن استغلال ولد عبد العزيز للوسائط الاجتماعية سواء فيسبوك أو الواتساب أعطاه دفعا كبيرا، ومنحه منبرا في ظل تحكم مجموعة من الأسر والأشخاص التي تخالفه الرأي السياسي، وتنسجم مع النظام الجديد على الإعلام السمعي البصري.

 

وأردف ولد اعلاتي أنها أيضا تتحكم في المراسلين الدوليين، وهو ما جعل الرئيس السابق في عزلة إعلامية، فرضت عليه اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا فيسبوك.

 

واعتبر ولد اعلاتي أنه ليس أول رئيس يستفيد من مواقع التواصل الاجتماعي في مواجهة الإعلام التقليدي، فقد سبقه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث نجح من خلالها وتجاوز جميع منافسه.

 

وأكد ولد اعلاتي أن ولد عبد العزيز استطاع أن يوجد منبرا، وأن يقيم أداة تواصل، وأ، يستهدف جمهورا من الداعمين له، من الفئات التي الشبابية المتفاعلة مع هذه الوسائط، خاتما حديثه بأن فيسبوك شكل "فرجا للرئيس السابق".

 

 

ليس هذا هو التحدي

أما الإعلامي محمد عبد الله لحبيب فرأى في تصريح لوكالة الأخبار أن التحدي المطروح للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز "القدرة على مخاطبة الجمهور، أو التواصل مع العالم الخارجي"، مردفا أنه "لم يحل شيء دون تواصله مع الجمهور، ولا كانت الرقابة القضائية إجراء للحيلولة بين الرئيس السابق والجمهور".

 

وعدد لحبيب ملاحظات حول سرعة انتشار ما ينشره الرئيس السابق في الفيس بوك، أو ما يعرف في مصطلحات وسائل التواصل الاجتماعي بالنمو السريع للمتابعة والتفاعل مع محتويات الصفحة، أولها أن حجم المتابعين حتى الآن ليس استثنائيا؛ فمن بين نحو مليون مشترك في الفيس بوك بموريتانيا، لا يتابع الرئيسحتى كتابة هذه السطور سوى نحو 40 ألف متابع.

 

وأضاف: "مع أن المفترض أن كل مستخدمي الفيس بوك الموريتانيين يعرفون الرئيس السابق، وأغلبهم يفترض أن يصله افتتاحه حسابا على هذه المنصة".

 

وأشار لحبيب إلى أن هذا التفاعل "شيء مألوف ومتوقع جدا بالنظر إلى شهرة الشخص وإثارته؛ فأي شخصية بحجم رئيس سابق تنضم إلى هذه الوسائط تتلقى عشرات الآلاف من المتابعة والتفاعل في ظرف وجيز. أما إذا كانت هذه الشخصية متابعة قضائيا، وتلاحقها التهم الثقيلة قضائيا، فمن الطبيعي أن تتضاعف أرقام المتابعة والتفاعل مع ما تنشر".

 

وأردف أن هناك أمثلة كثيرة يمكن الإشارة إليها، ولعل المتابعين لهذه الوسائط محليا يتذكرون نمو صفحة الوزير السابق سيدي محمد ولد محم في أيامها الأولى.

 

وأكد ولد لحبيب أن خاصية البث المباشر التي يعتمدها الرئيس السابق كواحدة من أهم أدوات التعبير لديه تجلب متابعين، وهي من أكثر أنواع التعبير جذبا للمتابعة في الفيس بوك، لافتا إلى أن المحك، وما يبحث عنه الرئيس السابق ليس كثرة المتابعين، بل كثرة المؤيدين، أو من يمكن أن يقنعهم ما ينشره على حسابه في الفيس بوك، مضيفا أن يعتقد أن هذه ستكون نقطة الضعف الأكبر لخطاب ولد عبد العزيز عبر منصة فيس بوك.

 

وقال ولد لحبيب إن ملاحظته الخامسة هي أن أي إثارة تصنع متابعين، وأي يبث مباشر يجلب متابعين، لكن المؤيدين يحتاجون إلى من يقنعهم بأن ما يقوله صحيح وفي الموضوع. فمن يتابعون بث ولد عبد العزيز يتوقعون أن يجيب على أسئلة تتعلق به شخصيا، وبملفات يتابع فيها، وبملفات تتعلق بفترة حكمه للبلد، لا أن ينقد لهم أوضاعا يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عنها؛ فلم يمض على تسليمه للسلطة ما يمكن أن تسوء فيه الأوضاع إلى الدرجة التي يصورها.

 

ورأى ولد لحبيب أن "نقطة الإثارة قد تتلاشى سريعا وتصبح المنصة مكانا لطرح الأسئلة التي لا يريد الرئيس السابق أن يجيب عنها، وهي مصدر ثروته، وملفات التسيير المظلمة في حقبته".

 

وختم ولد لحبيب ملاحظاته بالقول إن "مؤيدي الرئيس السابق يقدمونه على أنه رجل قوي، ورئيس سابق ما زال قادرا على التأثير، وهذا يتنافى مع صورة المدون الضحية، أو الناشط الافتراضي التي يقدم بها ولد عبد العزيز نفسه في الفيس بوك، وردم الهوة بين الصورتين لن تسعف فيه مائة إعجاب مائة تعليق مختلطة على أحد المناشير، أو آلاف المتابعة لبث مباشر".