على مدار الساعة

مُقْتَرَحٌ بِإِرْسَاءِ آَلِيًاتِ "التًسِيِيرِ التًشاَرُكِيِ" للمَالِ العَامْ

15 مايو, 2017 - 11:33
المختار ولد داهي - الأمين العام لوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني

تُوَزِعُ النصوص القانونية والتنظيمية الناظمة لتسيير الأموال العمومية ببلادنا صلاحيات تسيير المال العام بين آمر و"مراقب قَبْلِي" ومنفذ للصرف ومفتش داخلي ومفتش خارجي "بَعْدِي" للصرف ولو تم احترام توزيع الصلاحيات هذا واضطلع كُلٌ بمأمورياته أدقَ وأنظفَ اضطلاع لكان ذلك ضامنا وكافيا لنظافة وطهارة تسيير المال العام.

 

لكن فعل "العشريات الشهباء" المتمثل في ترسيخ "ثقافة سيبة المال العام" أو "ثقافة مال السيبة" وسياسة "اللامساءلة" لا زال يعيق جهود الإصلاح ومحاربة الفساد الإداري والمالي التي تم اتخاذها خلال السنوات الأخيرة رغم تحقيق بعض المكاسب "المحسوسة" و"غير المحسوسة" التي أعادت للمال العام شيئا من الهيبة والحرمة و"مكانة الذِمَارِ".

 

وسبيلا إلي مزيد ضبط تسيير المال العام وسد الثغرات والنواقص التي لا زالت "تفاجئ" الرأي العام الوطني من حين لآخر أقترح أن يتم إدخال مبدإ "التسيير التشاركي" للمال العام إلي تقاليد تسيير الموارد العمومية ذلك أنه من المجرب أنه كلما تعدد شركاء التسيير كلما عَسُرَ ونَدُرَ التحايل وسهلت وكثرت فرص اكتشاف الخروقات والانحرافات.

 

ويمكن تعريف "التسيير التشاركي للمال العام" بأنه: "مجمل الإجراءات والمبادرات التي من شأنها إشراك جميع موظفي وعمال  قطاع وزاري معين عبر الاطلاع بصفة دورية خلال السنة المالية على الحصيلة المفصلة لصرف الموارد الميزانوية ضف إلى ذلك ضمان إطلاع الجمهور والعموم على التقارير المفصلة للتنفيذ الفصلي والسنوي للميزانية".

 

والتسيير التشاركي للمال العام  يمكن التنظير له باعتباره نوعا من ما أصبح يعرف "برقابة المواطن علي الشأن العام" (Contrôle Citoyen de l’Action Publique-CCAP) الذي مكن بعض منظمات المجتمع المدني العاملة في مجالات تعزيز الشفافية من الولوج إلى المعلومات المتعلقة بتصور وتنفيذ السياسات العمومية.

 

ولأن المقام (مقامي العلمي) والمقال (الحجم المعتاد لهذا المقال شبه المنتظم) لا يسمحان بسبر غور مفهوم وآليات التسيير التشاركي للمال العام فسأكتفي باقتراح إجراءات إن تم اعتمادها ببلادنا فقد تشكل أساسا لولوج مفهوم "التسيير التشاركي للمال العام" للقاموس الإداري والمالي باعتباره نوعا من رقابة جميع الموظفين على تسيير الموارد المالية الممنوحة للقطاعات الوزارية التي يتنسبون إليها:

 

أولا: عرضُ الحصيلة الفصلية لتنفيذ الميزانية على الجمعية العمومية للموظفين: ويقصد بهذا الإجراء أن يحرص الآمر بالصرف بكل قطاع وزاري علي عقد جمعية عمومية يدعى لها كل الموظفين المنتسبين للقطاع الوزاري على اختلاف رُتَبِهِمْ ومَرَاتِبِهِمْ وتكون مناسبة لتقديم عرض تفصيلي حول التنفيذ الفصلي للميزانية والاستماع إلى ملاحظات وتوجيهات جميع المشاركين؛

 

ثانيا: نشرُ التقارير الفصلية للتنفيذ الميزانوي على وسائط ورقية ورقمية: ومن شأن إجراء من هذا القبيل أن يعزز فرص ولوج الجمهور والعموم إلى الحصيلة الفصلية لصرف الموارد المالية المخصصة للقطاعات الوزارية وكذا تمكين المواطن العادي الذي هو الممول العمومي الرئيس دفعا للضرائب أن يتأكد من  الصرف القويم والمستقيم لأمواله؛

 

ثالثا: انتخاب "مراقب ذاتي مستقل" من بين موظفي القطاع: ويقصد بهذا الاقتراح أن يتم سنويا أو كل سنتين انتخاب أحد موظفي القطاع بغية تكليفه بمهمة "مراقب ذاتي مستقل" يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال الرقابة والسهر على احترام الإجراءات النظيفة لتسيير الأموال العمومية المرصودة للقطاع واليقظة كل اليقظة اتجاه شبهات الفساد ويجدر أن يتم اختيار المراقب الذاتي المستقل من بين أرفع أطر القطاع رتبة وأكثرهم تجربة وأنظفهم سيرة...