على مدار الساعة

للإصلاح كلمة: توضح طريق الهدى للحاكم المسلم إن أراد الله به خيرا

17 يوليو, 2019 - 18:14
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

كلمة الإصلاح دائما عندما تريد أن تكتب كلمتها في أي موضوع تتعرض لها حقيقة الدنيا طلبا لإبداء تلك الحقيقة المفروضة على الإنسان موضوع الكتابة.

 

فالمسلم حقيقة هو الذي يعرف أنه هو نفسه مهما كانت منزلته فإن إنسانيته هي موضوع كل ما جاء في القرآن مخاطبا به الإنسان: الذي هو الموضوع الوحيد للقرآن أصالة.

 

وملخص ما جاء في مصير الإنسانية هو ما قاله مؤمن آل فرعون لقومه في قوله تعالى {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار...} الخ الآية.

 

ونتيجة هذا الملخص هو ما خاطب به رب العزة هذه الإنسانية بادئا "بمن" العامة على كل إنسان في قوله تعالى {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.

 

والناطقون بالعربية المخاطبون بدلالة ألفاظها يدركون أن كلمة "زحزح" تعنى هنا تغيير مكان الممتنع عن التحرك عن مكانه بعمله الخطأ، وزحزح عنه بقوة التوفيق من الله، كما أن كلمة "ادخل الجنة" لفظ يعبر عن تدخل فاعل ليتصرف في المفعول به وهو قوة الهدى المدخلة للجنة امتـنانا من الله.

 

والمتأمل في هذه الآية يدرك أنها تحمل معنى آية أخرى نرجو من الله أن يكون الجميع يراها في سمت وأخلاق وتصرف المترشح الناجح الجديد: ألا وهي قوله تعالى مخاطبا لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لأسرى بدر: {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا من ما أخذ منكم ويغفر لكم} ومعلوم أن الغفران لا يكون إلا للمؤمن.

 

ولا شك أن المسلم الموجود الإيمان في قـلبه يتيقن أن وصوله إلى الحكم هو بمثابة أسر له فيصبح متحملا لجميع الحقوق وعدله فيها هو الذي يفك إسره يوم القيامة عندما يأتي إليها مغلولا كما في الحديث.

 

كما أنه في الدنيا شبه مأسور فهو ممنوع من الاتصال بكامل رعيته ولا سيما من هم أولى بمسؤوليته عنهم: وهم الضعفاء من الشعب: يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من راع يسترعيه الله رعية يموت عنها يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة".

 

وعليه فإن المترشح الجديد سيستلم العمل من زميله ورفيق دربه في الدنيا كما يقولون لخمس سنوات فقط، وقد كان رفيق دربه مكث في الحكم ضعف هذا الزمن وزيادة وصال وجال وزار العالم وترأس المؤتمرات إلى آخره حتى ملأ ملفه الأخروي الذي سيقرأه أمام العالم جليه وخفيه حلاله وحرامه وهو ليس معه من ذلك الملف الآن إلا حطاما من الدنيا يراه بعينه ولا يستطيع أكثر من ذلك أو ذكريات تدينه عند البعض في الآخرة وترفعه عند البعض في الدنيا.

 

ومع هذه النتيجة البائسة لا شك أنه يتوق الآن بفارغ الصبر إلى يوم يترشح فيه بعد مأموريتكم الأولى مباشرة أو تتنازلون له أثناء الأولى لا للبقاء أبدا طيعا ولكن ليزداد الملف ضخامة ليكون موضوع خطاب الله له معنى آخر يقول فيه تعالى {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}.

 

وبناء على هذه الحقائق السيد الرئيس المنتخب الجديد نؤكد لكم نحن خبراء الساحة المجهولين عند المسؤولين عنها والله: لا نريد أن نكون معلومين عند أي مسؤول في الدنيا إلا أن الله ألزمنا بكتابة ما نعتقد أنه ينفع الناس لأنه من مطلق العلم والله يقول {والذين أوتوا العلم يعلمون أنه منزل من ربك بالحق} وفي آية أخرى {ولا نكتم شهادة الله} إلى آخر الآية.

 

السيد الرئيس،

إن علمنا هنا فيه أنكم سوف لا تجدون أمامكم أركان دولة فاعلة على الساحة كما في الدول الأخرى، فالإدارة الإقليمية المسؤولة مباشرة عن أمن كل فرد من أفراد المواطنين ورجال الأمن التابعين لها عادة لهذا الغرض انفصلت تماما عن تلك العلاقة التي كانت تجمعهما من غير أي بديل وبقيت المسميات فقط مكانها.

 

فوزير الداخلية والوالي والحاكم النائبون عادة في الأمن والهدوء والسكينة عن الرئيس سلب منهم فعلا مضمون تلك النيابة تدريجيا عند رئاسة العسكريين وآخر تلك المسؤولية أجهز عليه هذا الرئيس المنتهية ولايته المنتظر لأخرى وأخريات حتى يأتيه وعد الله الذي لا يخلف وعده.

 

فهذا الرئيس الذي لا شك أنه أنقذ جزءا من موريتانيا التي كانت كلها على وشك السقوط عند انقلابكم معه على الرئيس السابق العسكري ـ ولكنه جعل موريتانيا ذبابة نصفها دواء ونصفها داء فالذي داوى منها نواقص الجيش وما أكثرها طلبا للأمن الخارجي وكذلك العلاقة الدبلوماسية بما فيها سمعة موريتانيا الدنيوية، وكذلك قـلم أظفار رجال الأعمال (الأول) الذين أفسدوا موريتانيا بالتهرب من الضرائب والتعويض عن ذلك بالإنفاق على الدولة من خيراتها حتى كادت تسقط إلا أن هذا الرئيس أبدل أظفار رجال الأعمال التقليديين برجال أعمال لهم أظفار صناعية يمدونها مع أظفاره هو إلى جميع خيرات البلد برا وبحرا وجوا للتعامل معها خارج الخزينة العامة.

 

أما جناح الذباب الذي تركه يحمل الداء فهو عامة الفقراء بما في ذلك أمنهم: الأمن الداخلي حيث قلم أظفار الأمن العمومي بنزع المرور الذي هو العمود الفقري عادة للشرطة في الأمن العمومي زيادة على إنهاء معنوياتها بعدم الاكتتاب والترقية وانفصالها شبه النهائي مع إدارتها الإقليمية إلى عهد قريب جدا فقد طرأ شيئا ما.

 

السيد الرئيس القادم بإذن الله،

باختصار شديد، فإن هذا الرئيس بالرغم من قوته الشخصية وشجاعته على إقدام ما يريد فعله إن خيرا فخيرا الخ، فإنه أدار هذه الدولة كما ذكرنا سابقا بإدارته الخاصة التي قد تصيب وقد تخطئ ومن أحسن ما أصابت فيه ما أحدثه من الناحية الإسلامية التقليدية كقضية رواتب الأئمة وإذاعة القرآن والجامعات الإسلامية إلى آخره مع أن هذا لا يعنى شيئا بجانب الفعل الشخصي المباشر لفعل ما أمره الله به واجتناب ما نهى عنه فلذلك حسابه الآخر.

 

أما أسوأ ما أخطأ فيه ونرجو لك من الله ابتعادك عنه هو إدماجه لنفسه من غير أي دواع وجدها في شعبه مع أولئك الخليجيين الذين ابتلاهم الله بفاحش الغنى بخيرات شعوبهم ونفاذ بغضهم القلبي للإسلام القرآني المسالم المعبر عنه بقوله تعالى {قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}.

 

فهذا الرئيس ليس عنده من المثال في كره أولئك المسلمين إلا كمن وجد أعمى عنده عصى فأوقفه أمام بريء وقال له: اضرب وبعد الضرب بدأ المجرم قائد الأعمى يشرح للأعمى أن هذا مجرم عمل وفعل وقتـل وشرد والواقع أن القائد للأعمى هو الفاعل لذلك كله، مع أن رئيس موريتانيا لا يعنيه من ذلك كله إلا الخطأ في التصرف مع من معه من الإسلاميين المعروفين عند الجميع عبادة وأكلا وشربا ونوما وكلاما ونطقا أي معروفين على الساحة في كل شيء بمعنى أن سيرتهم المسالمة معروفة كمعرفة الرئاسة للحرس الرئاسي.

 

فلولا أن في موريتانيا أشخاصا ثقافتهم فصلوها عن مكان العقل فيهم وتركوها كسائمة الإبل تبحث عن مكان الأكل في أي مكان بثقافتها المبتورة عن أبزارها الإسلامية المعقمة عن الوقوع في أعراض الناس لما كان في موريتانيا تسمية ينفصل فيها مسمى عن مسمى باسم الإسلام. ومن جهة أخرى فإن أسوأ ما حدث في موريتانيا وتفاحش كثيرا هو هذا الاصطفاف الذي أحدثه هذا الرئيس وقسم به موريتانيا أولا إلى ولايات كل ولاية معروف من تقرب منها من الرئيس وأشاد بما بذله ولو ببغاويا ومن تقرب إليه ولو خوفا على ماله إلى آخره.

 

كما أننا أصبحنا جنوبا وشمالا وغربا ووسطا ولكل نصيب حسب ولائه مع أن أول رئيس مدني وعلينا أن نحمد الله دائما على أن أتاح لنا تلك البداية برئاسته لنا جعل مكان السكنى أرقاما متسلسلا ابتداء من واحد.

 

فلا اسم لأي ولاية يميزها عن الأخرى تمييزا له تاريخ يعيدنا إلى الماضي بما فيه من مسميات بعضها وضعها الاستعمار.

 

فهذا التمزق بالجهات وإظهار الولاء بأسمائها والاحتجاج كذلك حتى وصل ذلك إلى الشرائح ومع قـلتنا كدنا أن نـتـفكك تحت ظل هذا الحكم المنتهي المنتظر بهذه الدعايات الطارئة.

 

وبناء على ذلك السيد الرئيس فإني أقترح عليكم ما يلي:

 

مسح الطاولة كلها أي الدولة من هذه المسميات الموالاة ـ المعارضة ـ الأحزاب ـ المجتمع المدني ولا تتركون إلا المؤسسات الإسلامية والثقافية الروابط والمعاهد والجامعات وتعيدون أسماء الولايات للأرقام فقط وتشكلون كثيرا من اللجان وتختارون لها رجالا مثقفين أمناء ألسنتهم طاهرة من لحوم البشر وأيديهم من ماله وتعهدون إليهم بما يلي:

  1. لجنة للأمن الداخلي تشرف على عمل الولاة والحكام تحت رعاية الداخلية وما يتبعها من قوات الأمن عادة وتحملون كل حيز إداري مسؤولية ما يقع فيه من الجرائم وما فيه من الفقراء يحتاج للمعونة العاجلة الخ.
  2. لجنة الأحزاب السياسية لتعيد تشكليها من جديد وتسمع إديولوجيتها واهتماماتها لتكون معروفة ومعقولة داخل الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
  3. لجنة المجتمع المدني لابتداء منظماته من جديد بما فيها لجان حقوق الإنسان.
  4. لجنة متابعة الشرائك العامة المعـدنية بما فيها اسنيم لتـقـدم للإعلام العام نتائج عملها وتبحثها مع الشعب الموريتاني كل ثلاثة أشهر.
  5. لجنة الاقتصاد وما يمكن استيراده وجمركته وما يمكن أن لا يجمرك لتخفيض الأسعار الخ.

 

وعلى كل حال السيد / الرئيس فإن موريتانيا لا تحتاج إلى هذه المسميات التي تصرف فيها ميزانية الدولة من غير أي مردود شرعي مثل: جميع المؤسسات الدستورية بل تحتاج إلى رئيس جديد مثل المختار بن داداه ـ رحمه الله ـ يرأسها كلها لا جهة فيها ولا قبيلة ولا شريحة ولا حزب إلا حزب يشملها كلها ولا نفاق ولا تملق ولا نصيب لهؤلاء من مال الدولة على هذا التملق والنفاق.

 

وفي الأخير فإني لا أشك في أنكم تبحثون عن أوصاف المسلمين في القرآن وأقرب من وصفهم الله من عباده ذكر أن لهم وصفا كاشفا عنهم في قوله تعالى {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما عميانا}.