على مدار الساعة

 للإصلاح كلمة: تسير في ظل شخصية وخطاب المترشحين محمد وسيد محمد

6 أبريل, 2019 - 14:33
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح تريد في كلمتها الآن أن تحاول أن تسير في ظل شخصية وخطاب المترشحين محمد العسكري وسيد محمد المدني بدل أن تحاول المقارنة بين الشخصيتين والخطابين ـ لتباعد ما بين مهنتيهما في التشخيص والتحليل ـ فالشخصيتان كل واحد منهما اختار مهنة أفرغ فيها حدة شبابه وفكره وقوته الإنتاجية، أما الخطابان فلا يصح مسابقتهما لعدم انطلاقهما من أرضية واحدة ـ وعليه فالذي يصح التعليق عليه شخصية كل واحد منهما بمفرده وكذلك الخطابين وعلى القارئ الموريتاني الذكي وأكثرهم قراء وأذكياء أن يستخلص صلاحية كل منهما للمهنة الموحدة التي تنتظرهما إذا نجحا.

 

ونظرا إلى أن محمد العسكري هو أول من بدأ للجماهير ترشحه بخطابه الشامل المؤثر الذي قاله في الوقت المناسب وبلهجة مناسبة فإني سوف أبدأ السير في ظل حياته ولا أعرف منها إلا ما يعرفه المواطن العادي الذي يسمع بعضا من حياة المواطنين عندما يكونون في الأماكن العمومية العليا ـ مع أن أقرب مهنة يمكنني أن نعرف فيها شيئا من حياته هي إدارته للأمن الوطني ـ  تلك الإدارة التي ترك فيها سمعة حسنة عامة لا تقل عن تزكية الإجماع لكل مسؤول أعطاه الله خلق القيادة تواضعا وسخاء وذكاء وفهما فكل هذه الأوصاف أجمع العاملون معه في تلك الهيئة أنها هي أوصاف هذا الرجل التي جاءهم بها وقسم عليهم فيها العمل والعدل بذلك الخلق العالي الذي لا اعوجاج فيه واستمر على تلك الصفات المصحوبة بتلك الأخلاق حتى ودعهم آسفين على فراقه وفراغ الكرسي الذي يعينهم من شخصيته.

 

هذه الشهادة لا شك أنها ترفع من قيمة الرجال ألا وهي رضى المجموع عن قائده في جميع المعاملات التي تصدر منه تجاه مرؤوسه، زيادة على أن هذه الشهادة تتوافق مع ما يسمع عند المجتمع من الأخلاق الفاضلة أو بمعنى أعم فتح كفة الخير للمعاملات مع الجميع وغلق كفة الشر عن الجميع كذلك.

 

أما عن خطابه فلا شك أن الخطاب عند صدروه جاء فوق المستوى وكاد المترشح أن يتنبأ فيه بما ينتظره المجتمع من شخصية فبين موفقة المطلوب منه تبيينا تاما ولولا ما تبعه في الأيام الموالية من النزول مع الدرج التي ركب منها على مصعد الخطاب الذي كانت وجهته به مطاولة الفرقدين فلولا ذلك لكان يكفيه ذلك الخطاب من صوت (الغوغائيين ومبادراتهم) ليوصله إلى كرسي النجاح مباشرة ـ لكن مع الأسف فبعد ذلك الخطاب الذي ظن فيه المواطنون أنه محمد موريتان تلك الصفة التي أرشده إليها الشاعر الموريتاني على الاتصاف بها في قوله:

 

واتفقد من يومك قائد *** عنك محمد موريتان

مانك محمد بن زايد *** ولا نك محمد بن سلمان

 

ويظهر أن الشاعر قصر عن "تافلويت" أخرى وهي أولا نـك محمد عبد العزيز فما إن سكت صداء الخطاب التاريخي المستقل وهو ما كان يرجوه أغلب الموريتانيين حتى جاء خطاب وداع مجلس الوزراء الذي تحطم على حروفه كل ما جاء في خطاب الاستقلال لشخص المترشح وقبول جميع الموريتانيين لشخصه منفردا وابن أبيه والجميع يعرف أصله ونسبه الخ.

 

فقد كان خطاب وداع الوزراء بمعنى "مساحة عريضة" تدك قوة حروف الخطاب وتزيل أي معنى فيه استقلالي لتضعه تحت أسنان تحطيمهما لكل حرف وجملة وكلمة مؤثرة يمكن للمجتمع أن يركن إلى مضمونها ففهم المواطنون الذين يحملون معهم قلوبهم وآذانهم وبصرهم لاستعمالها فيما خلقهما الله له وهو الانتفاع بها ـ بأن الخطاب مكتوب لحملة المترشح فقط وانتهت صلاحيته وقبل أن تنتهي أيام الحداد على فراغ الخطاب من مضمونه تحت الوطأة الراسخة لخطاب القلب أمام الرئيس لوداع الوزراء حتى تكشف للجميع المستقبل الذي كانت تريد موريتانيا أن تحرر منه ألا وهو ملك اليمين الكامل الذي لا ينتظر عتقا ولا تدبيرا ولا محررا ولا كتابة لجميع ما يطلق عليه اسم موريتانيا للرئيس الحالي بدءا:

أولا: من كبار شرفاء القبائل وقادتها التقـليديين ورجال أعمالها المنتفعين بالطرق الملتوية.

ثانيا: جميع خيراتها الصادرة منها برا وجوا وبحرا والتصرف فيها مباشرة بدون المرور على المؤسسات التشريعية فتحديد الدستور لصلاحيات الرئيس تعني الرئيس المدني لا الرئيس العسكري لأن التحديد مخالف لتكوينه الذي ذهب عنه بعيدا.

ثالثا: إغلاق أي مرفق لحياة المساكين والأرامل واليتامى بدون أي شعور عاطفي على المتضررين وبدون أي مبرر عـلني.

 

وقبل انتهاء تعداد مظاهر هذا الملك التام أصرح بأن الرئيس الحالي مقابل اعتقاد هذا الملك فعل لموريتانيا كل ما في وسعه لما يفعله المرء من إصلاح منزله الخاص به من رقي وتعمير وسمعة الخ ولكن باسمه الخاص وبدون أي معاون يشار إلى مساعدته في هذا البناء، أما النتيجة فاختص بها من يريد ـ ولذا فإن كل من لم يقبل هذا الملك فهو أجنبي على موريتانيا (قيادة العسكر).
 

إن هذه الوضعية التي يفهم الموريتانيون كنهها من خلال هذه الأسطر أعلاه كان الجميع يظن أنها ستنهي بانتهاء المأمورية الثانية وكان الموريتانيون يظنون أنه بانتهائها ينتهي حكم العسكر الذي لا يقبل الشراك في الحكم وتلك تعاليم مهنتهم لا لوم عليهم إذا طبقوها فاللوم على من صوت لبقائهم إلا أنه بظهور المرشح محمد العسكري وغموض شخصية تسييره وعلاقته مع من هو أعلى منه رتبة ظن المواطنون أنه عسكري يحمل أخلاق المدنيين المعتدلين في الحكم وكأنه هو أقسم على هذه الفكرة بخطابه التاريخي ونكاد أن نقول: "الذهبي" ولكن حروفه لم يجف مدادها حتى استحال، وهنا نكاد نقول برونزي.

 

فمن تتبع هذه المسرحيات الجديدة من المبادرات الذكران والإناث مجتمعين ومتفرقين والقبائل بل والولايات متفرقين ومجتمعين وكل هذا قبل الحملة وقبل إيداع الترشح وهذا معناه أن كل من لم يكن هذا اتجاهه فعندما تشرع الحملة فسيباح حريم الأجانب على موريتانيا وهو كل من يحمل عقلا وسمعا وبصرا ينتفع به.

 

ومن هنا أخاطب الولايتين المزورتين اللتين بدأت فيهما أرضية المسرح والتلقي رجلانا وركبانا وهما ولاية الترارزة والبراكنة لأقول لهما أيها الولايتين أين عقولكما وأبصاركما ـ فبعد ما كنتم تنعتون بأن ميلاد موريتانيا انطلق منكما مؤتمر ألاك ورئاسة المرحوم برحمته الواسعة المختار بن داداه فإذا كان المترشح امتدادا لحكم محمد بن عبد العزيز تتقدموا للمترشح باسم عزيز فقط وقدموا له إنجازاته فيكم وعلى جميع المستويات وعلى رأسها وحدة الكلمة إلى آخر الانجازات وإذا كان هذا لشخصية المترشح نفسه فهو الآن لم يصدر منه إلا الخطاب (المطيور فيه) وبقي من الزمن ما تثبتون له ولاءكم الخاص له أو أن ولائكم للحاكم ومن أين جاء؟

 

هذه نبذة عن ما يفهم هن شخصية المترشح التي رأسها وهو الخطاب من ذهب ووسطها كما سمعتم عند وداع الوزراء والمبادرات والزيارات في الطائرة العسكرية إلى آخره أما آخره فـننتظر الحملة وعلى الموريتانيين أن يكتبوا تعليقا كما يقول فيسبوك.

 

أما شخصية الثاني وخطابه وهو سيد محمد المدني فإنه أول وزير اختير للوزارة الأولى بعد دخول ديمقراطية العسكرية الفوضوية موريتانيا ولا شك أنه بظهوره على الملأ آنذاك لم ينقل عنه في العمل والمعاملات إلا خيرا.

 

وهنا استشهد بشهادة سمعتها بأذني من مدير لإحدى المؤسسات الكبرى ساعة سماعنا لإبدال سيد محمد ولد ببكر بوزير أول انطلق هذا المدير على وجهه وهو يردد على طول صوته مخاطبا لمعاوية من بعيد فيقول: يا معاوية إن استطعت أن تطيح بسيد محمد بن ببكر فلا تستطيع أن تطيح بعبارة سيد محمد بن بكر (وخيرت) وصار يمشي هائما ذهابا وإيابا ويكرر هذه العبارة فهو لا شك أنه أعلم بسيرته آنذاك مني فأنا لا أراه إلا إذا صافحته في الزيارات التي يقوم بها تارة للولايات.

 

أما خطابه فقد علم منه الجميع أنه يعرف مشاكل هذا الوطن فردا وجماعة وهيئات وكل ما يسكن داخل موريتانيا.

 

وباختصار فإنا نعلم جميعا أن الحكم العسكري لا حاكم فيه إلا شخص واحد اللهم إلا أن بعض الأشخاص في الوزارات أو الإدارات يعطيه الله تفضلا منه أخلاقا يعامل بها الناس أغلى وأفضل من الحكم الذي لا يريد صاحبه إلا المادة وقد أوضح الله دعاءه في حياته وهو {ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق} وعليه فإني أهنئ الموريتانيين في هذه الناحية بالذات وهي فضية الأخلاق التي وجودها جبلية أو أقول خلقا يعطيه الله لمن يشاء.

 

وصاحب الخلق لا يصدر منه إلا ما يمليه عليه ذلك الخلق الذي تفضل عليه به ربه {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.

 

هذان الرجلان أيهما نجح كرئيس لموريتانيا فعلى الجميع أن يهنئ نفسه على هذا النجاح فكل واحد منهما أعطاه الله خلقا جبليا طبيعيا لا يتركه يعامل المواطنين مهما كانوا إلا طبقا لذلك الخلق.

 

وذلك هو السبب الذي جعلنا نقول للولايات سواء منها من انتهت زيارتها أو الأخريات أن عليهم أن ينتظروا بهذا الاحتفال الزيارة الأولى لهذا الرجل إذا نجح فعندئذ يكون للعقلاء أصحاب السمع والبصر النافعين ما يقولونه بالدليل.

 

إن هذين الرجلين (ولا أزكي على الله أحدا) أعطاهما الله من الخلق الطبيعي الذي سوف يحجزهما مهما كانت الظروف وتحت أي ضغط أن يتركا كثيرا من الأيتام والأرامل للضياع بنزع ما كانوا يتلقونه من إنفاق من المحسنين ولو كان يديره فرعون وقارون وهامان وجنودهما ولو كان الضغط عليهما من أمثال هؤلاء.

 

فكما يعلم الجميع فإن المرضعة المحكوم عليها بالرجم شرعا لا ترجم إلا إذا استغنى عنها رضيعها فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لمن لاحظ عليه أن يقبل أبناءه وقال له عندي كثير من الأبناء لم أقبل واحدا منهم فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم: لا أملك لك من الله شيئا إن نزع من قلبك الرحمة.

 

فقضية الخلق الجبلية الطبيعية هي التي يمكن فيها مقارنة أو مسابقة ما أعطاه الله لهذين الرجلين من الخلق الطبيعي الذي هو أول ما يوضع في الميزان وبوجوده يسهل قيادة الجميع لأن الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} الخ الآية.

 

وخلاصة هذا المقال هي:

أولا: المرشح العسكري خطابه الترشحي كاد أن يكون ذهبا إلا أنه طبخه بعد صدوره في فرن الاتحاد من أجل الجمهورية ليحوله إلى سلعة يصفها الموريتانيون بالمغشوشة.

ثانيا: نفس المترشح أعطاه الله من الخلق إذا نجح سوف يكون خلقه موجها له في معاملة المواطنين بالعدل والإنصاف.

ثالثا: المرشح الثاني في جميع حياته المهنية لم يؤثر عنه إلا خيرا أما خطابه فهو كالعسل لا يعرف أحسن أوله أو آخره وحتى الآن لم يصدر عنه ما يغير تلك الحلاوة الطبيعية مع أن خطابه يساعده تحرره من أي مؤثر عليه قبل النجاح وبعده.

 

وعلى كل حال فإن جميع ما في الدنيا عبر عنه المولى عز وجل في وصفه للدنيا في قوله تعالى {يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب}.