باتت البيئة اليوم من أهم القضايا، التي تستقطب العالم أجمع؛ بإبراز مدى أهمية البعد البيئي في الدراسات الأمنية من خلال تأمينه من التهديدات البيئية بسبب تطور أبعاد تهديدها للأمن الإنساني وخروجها عن نطاقها التقليدي بسبب الاستغلال المفرط والإهمال للموارد البيئية بغية التأقلم والانخراط مع الحاجات المجتمعية مما جعل أغلب البلدان تعاني من تراجع وتناقص مدخراتها الطبيعية بسبب عدم استخدام تقنيات وسلوكيات صحية صديقة للبيئة لتفادي الانهيار البيئي؛ لذلك فإن الاختلالات البيئية لها أثرها المضاعف بالاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، لأنها بطبيعة الحال تقلص من انعدام ديمومة الأمن الإنساني.
نستطيع أن نأكد في هذا المجال، أن الآثار المدمرة للبيئة بسبب تباين الظواهر البيئية القاسية، ولا سيما أن التسخين الحراري والتغيرات المناخية الذين يشهدان تسارعاً، فمنذ العام 2000 والعالم يكسر أرقامه القياسية في درجات الحرارة، على الرغم من كل الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بصعوبة، فإنها لم تنجح حتى الآن في وقف الانزلاق الخطير في طريق التدمير البيئي؛ لأن كثيراً من الدول تقاوم أو تتباطأ في تنفيذ الخطوات المطلوبة للحد من التدمير البيئي، بسبب ما تحصل عليه من أرباح اقتصادية على حساب الأطراف المتضررة الأخرى.
نحاول تسليط الضوء بإيجاز شديد على جوانب من هذه التغيرات خاصة على الوسط الريفي، وتقديم توصيات مختصرة للسلطات العليا بالبلد لعلها تجد آذانا صاغية، فهدفنا في النهاية هو التحسيس والإشارة إلى مكامن الضعف ونأمل دائما من القيادة العليا أن تستمع لأصواتنا وملاحظاتنا التي نكتب خدمة للوطن فقط.
بالعودة قليلا للتاريخ شهدت موريتانيا على غرار دول الساحل، بفعل التغيرات المناخية، استمرار الجفاف خلال السبعينات والثمانينات. ندرة الأمطار التي تعرض لها الوسط الريفي كان لها انعكاس سلبي في الوسط البيئي والاجتماعي والاقتصادي. أدي إلى نقص الثروة الحيوانية والإنتاج الزراعي، الأمر الذي أدى إلى إفقار السكان في الوسط الريفي مما دفعهم، إلى التقري إما حول النقاط المناسبة (المناطق الرطبة) أو الهجرة الريفية المكثفة إلى المراكز الحضرية الكبيرة.
وبحسب تقرير لإحدى المنظمات الأممية، فإن خسائر موريتانيا من التغيرات المناخية في الفترة 2010 - 2011 فيقول التقرير، "تقدر نسبة تدهور المصادر الطبيعية بحوالي 17% من الناتج الفردي الخام أي ما يقدر بخسارة سنوية قدرها 85 مليار أوقية (327 مليون دولار) حسب الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالبيئة والتنمية المستدامة.
هذه الأرقام قديمة، فإذا أردنا أن نعرف الخسائر اليوم فعلينا ضرب هذا الرقم في 10، لتكون الأرقام مقلقة جدا، فتأثيرات التغيرات المناخية ليست قليلة، خاصة على شعوبنا التي تُعاني من الجفاف، والتصحر والتلوث والفيضانات والحرائق..
هنا لا بد من أخذ هذه الإجراءات بجدية وحيوية لتلافي تبعات هذه التغيرات المناخية، وهي:
- إنشاء وحدات صغيرة لصناعة علف المواشي؛
- إعادة تنظيم واستصلاح مناطق إعادة تثبيت المواطنين ضحايا التغيرات المناخية؛
- التشجير حسب المقاربة التشاركية وبطرق العمل مقابل الأجر والعمل مقابل الغذاء واستخدام اليد العاملة الكثيفة،
- تثبيت الرمال الحية التي تهدد البني التحتية الاقتصادية الاجتماعية في البلد من خلال مقاربات العمل مقابل الأجر والعمل مقابل الغذاء واستخدام اليد العاملة الكثيفة،
- بناء منشآت للوقاية من الفيضانات في المناطق المطرية ومناطق الواحات وشحن الخزانات الجوفية لأغراض التزود بالماء الصالح للشرب وللرفع من قيمة الزراعة،
- إنشاء صندوق خاص للكوارث واعتماد اللامركزية لاتخاذ القرار وكذا لا مركزية الوسائل،
- إعادة تأهيل الوديان لشحن الخزانات الجوفية،
- إعادة تأهيل الوسط الطبيعي والتشجير انطلاقا من رسوم تفرض على الاستغلال المعدني،
- حماية التجمعات والمناطق المهددة بالسيول،
- تعميم تقنية التقطير في مناطق النهر والواحات لصالح المزارعين الصغار وتعاونياتهم،
- التحسين من تسيير المياه الباطنية في منطقة آفطوط (مثلث الأمل)،
- تشجيع حركة المواشي وتسيير المراعي،
- تشجيع وتنمية مهن تنمية المواشي،
- التحسين من التقنيات الزراعية في المناطق المطرية،
- تثمين إنتاج الثمار الطبيعية،
- إعداد وتنفيذ برنامج لمحاربة تأثير الغبار المعدني على الإنسان والنبات والحيوان،
- استبدال المحروقات الخشبية (الخشب الفحم الخشبي) عن طريق توفير الغاز الطبيعي في الوسط الريفي،
- ملاءمة السياسات والبرامج والمخططات الخاصة مع حاجيات السكان المحتاجين،
- تسهيل الاستفادة من الطاقات المتجددة (الشمسية والهوائية).

.gif)
.gif)













.png)