على مدار الساعة

قمة المناخ كوب 30 بين أمل المواجهة وألم التغير المناخي

12 نوفمبر, 2025 - 18:10
محمد عينين أحمد - رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة

يُتابعُ العالم أخبار قمة مؤتمر الأمم المتحدة المناخ "كوب 30" ((COP30 التي ستنعقد في الفترة من 6 إلى 21 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري في مدينة بيليم الأمازونية - بالبرازيل، قمة المناخ أو قمة الأطراف تُعقد بشكل دوري منذ 1992 بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لمواجهة تغير المناخ، الهدف من هذه القمم هو التوصل إلى اتفاق حول كيفية الحد من الاحتباس الحراري، وخفض انبعاثات الغازات غازات الدفيئة، ودعم المجتمعات المتضررة بالفعل من آثار المناخ.

 

نحاول في هذا المقال التوفق عند أبرز محطات قمة المناخ، وقراءة تداعيات التغيرات المناخية على بلدنا وكيف نواجهها مع توصيات للحد من تلك التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

 

كانت قمة باريس - قمة الأطراف 21 للمناخ في العام 2015، نقطة تحول مهمة، حيث اتفقت الحكومات على إبقاء الاحتباس الحراري العالمي أقل بكثير من درجتين مئويتين، والسعي إلى بلوغ 1.5 درجة مئوية، وهو حد عالمي لا يجب تجاوزه لتجنب نقطة التحول الحرجة. لكن الأرقام توحي بتجاوز هذه النسبة وأننا نتجه إلى تسجيل 2 درجة مئوية في أفق العام 2100.

 

شهدت قمة الأطراف الـ27 في شرم الشيخ بمصر 2022، تطورا جديدا طال انتظاره حيث أُنشئ صندوق الخسائر والأضرار، الذي يهدف لمساعدة الدول الأكثر تضررا من الكوارث المناخية. صحيح أنه ما زال دون الأمل المطلوب لكنها خطوة مهمة نحو الاعتراف بالمشكل وتمويل حل لها.

 

وضعت قمة الأطراف بدبي بالأمارات العربية المتحدة يدها على الداء لأول مرة في القمة 28 في العام 2023، حيث أشار قرار لأول مرة إلى ضرورة الحد من استخدام الوقود الأحفوري كأول مصدر لانبعاثات الغازات. رحبنا حينها كخبراء ونشطاء، وطالبنا قادة العالم الالتزام بالتخلص التدريجي الكامل والسريع والعادل من سبب أزمة المناخ، الوقود الأحفوري.

 

أما قمة المناخ العام الماضي الـ29 في باكو الأذربيجانية، فقد طرحت قضية تمويل المناخ، وسط تعهد الحكومات بتمويل جديد، لكننا في منظمات البيئة نعتبر بأنها نتيجة غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى حجم آثار المناخ.

 

في بلدنا موريتانيا ظهرت تأثيرات التغير المناخي بشكل جلي وكبير فالفيضانات الكارثية التي تسجل كل عام والتي تؤدي إلى تدمير مساحات زراعية كبيرة، ففي 2024 شهدت قرى الضفة نزوح وتشريد مئات العائلات، وشهد نفس العام تدميرا للمساحات الزراعية وإتلافا لآلاف الأطنان من محاصيل الأرز في الضفة، قدرت الخسائر طرف بعض المزارعين المهنيين، بحوالي 215 ألف طن من الأرز الخام بقيمة تفوق 30 مليار أوقية قديمة.

 

لا تتوقف التأثيرات على الفيضانات بل ارتفاع درجات الحرارة اليوم في بداية نوفمبر وما زالت الحرارة مرتفعة في نواكشوط، وكذا ارتفاع معتبر للحرارة هذا الخريف مما يصاحبه من أمراض، وضربات شمسية، وتأخر موسم الأمطار، وكثافتها أحيانا، ما نسميه عدم انتظام التساقطات المطرية، التي كانت على مدى شهري أغسطس وسبتمبر ويوليو، لكننا نرى في الأعوام السابقة تراكمها تقريبا في نهاية شهر أغسطس وبداية شهر سبتمبر.

 

إن أزمة المناخ تعد من أبرز التحديات البيئية التي تواجه البلاد في العقود الأخيرة، نظرًا لموقعها الجغرافي في منطقة الساحل الإفريقي وشدة تعرضها للتقلبات المناخية.

 

ومن أبرز التأثيرات المناخية، ما يلي:

  1. التصحر وتدهور الأراضي ما يتسبب في فقدان الغطاء النباتي وتراجع المساحات الصالحة للزراعة والرعي،
  2. الجفاف المتكرر وقلة الأمطار: نلاحظ أن موريتانيا تعاني من تقلبات مطرية كبيرة، حيث تتناقص معدلات الأمطار، ويؤدي ذلك إلى نقص المياه ويؤثر على التنمية الحيوانية حيث يؤدي إلى نفوق المواشي،
  3. ارتفاع درجات الحرارة: نلاحظ ارتفاع درجات حرارة المدن والمناطق الأخرى، مما يزيد من معدلات التبخر، ويقلل من الموارد المائية السطحية والجوفية القليلة أصلا،
  4. الفيضانات الموسمية التي تشهدها المدن حيث شهدت هذا الخريف أحياء من مدينة كيهيدي فيضانات أضرت بالممتلكات والبنى التحتية،
  5. التأثير علي الأمن الغذائي: وهي نتيجة للجفاف والتصحر، تتراجع المحاصيل الزراعية والمراعي، مما يؤثر على الأمن الغذائي للسكان الذين يعتمد أغلبهم على الزراعة والرعي.

 

وفيما يلي بعض النصائح المهمة لواجهة هذه الظاهرة والتقليل من تأثيراتها السلبية: 

  1. التشجير ومكافحة التصحر، ومن ذلك دعم مشروع السور الأخضر الذي يهدف لإنشاء حزام من الأشجار عبر دول الساحل للحد من زحف الصحراء،
  2. إدارة المياه بشكل مستدام ففي كل خريف تعصف أزمة مياه حادة بالعاصمة، ففي هذا العام بلغ سعر برميل من الماء 4 أطنان حوالي 20 ألف أوقية في المتوسط، وأحيانا يزيد على 30 ألف أوقية، نتيجة شح المياه، لمواجهة هذه الأزمة التي تكررت في عامها الثاني، لا بد من بناء سدود صغيرة، ومن الاستثمار في البحيرات الصغيرة، لتجميع المياه،
  3. تعزيز الطاقة المتجددة: نوصي هنا بالاستثمار في الطاقة الشمسية والرياح لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. فموريتانيا تمتلك إمكانات كبيرة في مجال الطاقة النظيفة يمكن أن تسهم في التنمية المستدامة.
  4. التخطيط البيئي والتوعية: وأهم مجالاته:
  • إدماج البعد البيئي في السياسات الوطنية للتنمية،
  • توعية السكان بأهمية المحافظة على الموارد الطبيعية،
  • تشجيع المبادرات المحلية في حماية البيئة.
  1. التعاون الدولي والإقليمي:
  • المشاركة في الاتفاقيات الدولية حول المناخ (مثل اتفاق باريس)،
  • الاستفادة من الدعم التقني والمالي من المنظمات الدولية (كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة).

 

حاولنا المشاركة في هذا المؤتمر عبر التطبيقات الإلكترونية لكننا لم نتمكن من ذلك لإيصال الصوت البيئي الموريتاني، والمطالبة بإنصاف بلدنا الذي يستحق علينا أن نضع تجربتنا وخبرتنا رهينة لتنميته واستدامته.

 

نتمنى أن يتوصل قادة العالم للوصول إلى خطة واضحة وجدول زمني لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري، وتقديم هدف التمويل المناخي البالغ 300 مليار دولار أمريكي (المتفق عليه في كوب 29) الذي يعد غير كافٍ أبدًا، وتعزيز تقديم التمويل العام على شكل منح. ونتمنى أن تتدفق الاستثمارات الدولية نحو المشاريع التي تساهم فعليًا في مواجهة تغيّر المناخ، وليس نحو التقنيات غير المثبتة والخطرة، مثل التقاط الكربون من الهواء مباشرة مثلا.