على مدار الساعة

يوم اعتراف مجلس الأمن بمغربية الصحراء..

3 نوفمبر, 2025 - 09:46
محمد يسلم يرب ابيهات - medyesyar66@gmail.com

إنه يوم عصيب على دعاة الزور والبهتان، يوم عسير على مروجي الأباطيل طيلة خمسين سنة، يوم عبوس على محبي المغالطات والصيد في المياه العكرة، يوم قمطرير على أعداء الوحدة الترابية للملكة المغربية الشقيقة.

 

ولكنه يوم فتح، يوم نصر، يوم عزة وكرامة لكل صحراوي مغربي أصيل، لم يعقّ يوما أمه ولا أباه، ولم يتنكر يوما لأصله، وموطنه وربعه، وأرض آبائه وأجداده، من المغاربة البررة، الأحرار؛ أبناء وأحفاد الشجعان الأبطال، الذين قاتلوا، وجاهدوا المحتل الإسباني والفرنسي، والبرتغالي، بكل بطالة وبسالة؛ ورووا بدمائهم الزكية كل شبر من الساقية الحمراء ووادي الذهب؛ مقبلين لا مدبرين، لنيل الشهادة دفاعا عن الوطن، والأمة، والملة.

 

نعم، إنه يوم فتح وشموخ، يوم عزة وكرامة، يوم إحقاق للحق، وإزهاق للباطل؛ يوم اعترف فيه العالم كله، بمغربية الصحراء التي لم تحتج يوما إلى إثبات هويتها المغربية لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد؛ فقد ظلت، وستبقى مغربية الأصل، والحاضر، والمآل؛ تفخر بمغربيتها، وتعتز بانتمائها إلى مغرب الحضارة، مغرب العلم، والرقي؛ وبوتقة انصهار الأمازيغ والعرب والطوارق؛ مغرب الأمن والأمان، ورائد النماء، والتقدم، والازدهار، بلا منازع، في العالم العربي، وإفريقيا.

 

فإذا كان لأحد على وجه الأرض أن يفخر، ويعتز، ويتيه كبرياءً على أهل الأرض، فهو الانسان المغربي الصحراوي الأصيل، الذي أرادت له قوى الزيغ، والتيه، والانحراف، أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؛ فرفض، وأبى، وظل متمسكا بمغربيته.

 

فالمواطن المغربي في الأقاليم الجنوبية للملكة، عليه أن يعي المرحلة، بكل أبعادها، ويواصل السير بخطى ثابتة وراء قيادته الملكية الرشيدة، حتى يسهم في تعزيز المكاسب، في مجالات التنمية المختلفة، لكي ينعم بالتقدم، والرقي؛ ويشارك في ورش البناء والتشييد؛ ويسهم في تحقيق ما عجزت عنه الكثير من الأمم والشعوب.

 

إن لغة النماء، والعمران، والبناء والتقدم، والحداثة والتحديث المستمر، التي تكلمت بها المملكة المغربية، طيلة خمسين سنة في أقاليها الجنوبية، أخرست كل لسان، وبرهنت على أن معيار الخيرية الوحيد هو العمل الصالح، وأن ما ينفع الناس، يمكث في الأرض، وأن الزبد يذهب جفاء.

 

فأيهما أفضل، في معيار المنطق السليم، والعقل المميز: خمسون سنة من البناء والعمران والتقدم والرقي، أم خمسون سنة من المعاناة، والتشرد، والتيه، والبؤس، والشقاء خارج الوطن؟

 

أيهما أفضل، الذي بقي، أو عاد إلى حضن وطنه معززا، ومكرما، ينعم برعاية دولة حديثة، راقية ووازنة عالميا؛ يعيش على أديمها في أمن، وأمان، حرا طليقا، معبرا عن آرائه، ومشاركا في تدبير وتسيير شؤون الأمر العام لبلده، بلا مضايقة، ولا مصادرة، ولا إقصاء؟ أم الذي تم استغلاله كورقة "سياسوية" وهو مسلوب الحرية داخل مخيمات لجوء، سببتها "آراء زيغ طائشة"، "متهورة وغير حاسبة للعواقب"؛ لم تحسب حسابا في يوم من الأيام، لما يتكبده أبرياء، يعيشون في العراء، ولم تفكر يوما في أنها قد زجت بذوي الرحم والقربى، في أتون "مغامرة"، قُصِدَ من وراءها "تدويل" صراع مفتعل، لا ناقة للأبرياء فيه ولا جمل؟ أيهما أفضل، المغربي الصحراوي الأبي، الذي حصل على شرف المساهمة في تقدم بلده، وعاش خمسين سنة يرى بأم عينيه، ما تشهده ربوعه، وموطن آبائه وأجداده، من تقدم ونماء، اقتصادي، واجتماعي، وثقافي؛ أم الذي "عق وطنه" واختار عن سبيل الرشد، سبيل "الغي والزيغ"؛ فعاش التعاسة، والشقاء في العراء، وراح ضحية صراعات إقليمية ودولية، وعانى مرارة "الاستغلال" السياسوي البغيض، الذي مارسته جماعة تعيش ويعيش ذووها في أرقى الفنادق في المدن الأوروبية، تاركة الأبرياء في العراء؟

 

أيهما أفضل، الشاب المغربي الصحراوي الأبي، الذي تعلم في وطنه، وعلى أرض آبائه وأجداده، فنال الشهادات الجامعية، ونهل من معين العلم والمعارف الحديثة، التي أتاحتها له منظومة تربوية من أرقى نظيراتها في العالم؛ وتحصل على شرف التوظيف، أو العمل الحر، وتسنى له الأخذ بزمام المبادرة، في كل المجالات الحياتية المتاحة لأقرانه؛ أم الذي لم يدرس، ولم يتعلم، وبقي على جهله، مطوّحا من كوبا، إلى إسبانيا، إلى أوروبا الشرقية، إلى موريتانيا، إلى "تيندوف" في رحلة سيزيفية، عبثية، لا معنى لها، ولا جدوى؟

 

أيهما أفضل، ربوع عيش كريم، شهدت لمّ الشمل، وصلة الرحم، ونعمة العيش مع الأسرة مجتمعة، والحاضنة الاجتماعية متواصلة، على أرض الآباء، والأجداد، في مغرب العز والشموخ؛ أم مصير الأسر التي عانت شتات الشمل، وعانى أفرادها، حرقة التيه، والتشرذم، والتمزيق، والعيش في العراء؟

 

فللذين لا يعلمون، وللذين يتجاهلون، والذين هم مكابرون، تتحدث الوقائع، والحقائق عن نفسها، لتقول بأفصح منطق، وأقوى برهان: لقد عاش المغربي الصحراوي، منذ نشأته، في حله وترحاله، في الساقية الحمراء، ووادي الذهب؛ وعلى مدى القرون الماضية، صحراويا، مغربيا، أصيلا، يعتزّ ببيعة أجداده، ويحافظ عليها.

      

وها هو الشعب المغربي بأكمله، ينعم اليوم بإنجاز عظيم، جاء تتويجا لدبلوماسية رشيدة، قادها ويقودها جلالة الملك، تمثلت في اعتراف مجلس الأمن، بأن أي حل لهذه القضية، لن يتم إلا من خلال مقترح الحل المغربي المتمثل في "منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية". 

 

وإذا كان من نصح يسدى في هذا المقام، أو رأي سديد يدلى به، من محب مشفق، وصديق صادق الود للمغرب، فهو التأكيد على أن "ما بعد 31 أكتوبر 2025 م، لن يكون كما قبله" و"أننا على مشارف حلّ قضية الصحراء بعد 50 عاما" وأنه "حان وقت المغرب الموحد من طنجة إلى لكويرة الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وحدوده التاريخية".

 

فعلى جميع من يدعي الانتماء إلى الصحراء، أن يرجع إلى أرض وطنه، معززا مكرما. وليكن شعار المرحلة لهؤلاء: "صحراوي مغربي وأفتخر!".