على مدار الساعة

التصوف: الطريق المستقيم

6 يناير, 2022 - 09:52
أ.الهادي بن محمد المختار النحوي

اطلعت على مقالين للأستاذ الفاضل محمدو ولد البار ضمن سلسلته المفيدة "للإصلاح كلمة"، أولهما اختار له عنوان الإسلام الصوفي أما الآخر فاختار له الصوفية الموريتانية.

 

وبما أن الأستاذ عفا اللـه عنا وعنه أخرج أهل التصوف من الصراط المستقيم، حسبما فهمت مما كتب، فسأبين في هذه الفقرات رأيا مغايرا لما ذهب إليه الأستاذ معززا كلامي بنماذج من أقوال بعض أئمة الصوفية والعلماء المحايدين فضلا عن أقوال أئمة المدرسة السلفية محاولا مع ذلك تقديم تأصيل شرعي للمسائل التي انتقد الأستاذ أو أنكر على أهل التصوف.

 

وقد اخترت من النقاط التي أثارها الأستاذ أربعة مسائل هي : هل للعبادة الصوفية أصل في القرآن؟ ومسألة تبليغ الرسول صلى اللـه عليه وسلم ومسالة تعظيم المريد للشيخ وأدب المريد مع الشيخ ومسألة الهدية، وتركت مسائل أخرى ربما أعود إليها بإذن اللـه فيما بعد.

 

وقبل ذلك أود أن أنبه إلى الملاحظات التالية:

أولا : أنني أتابع من وقت لآخر سلسلة "للإصلاح كلمة" التي يكتبها الأستاذ الفاضل محمدو ولد البار وهي مفيدة وناصحة وجادة في مناقشاتها التي تهم القارئ سواء بأبعادها الدينية أو الاجتماعية أو السياسية.

 

ثانيا : نحا الأستاذ منحى المفاصلة والإلغاء إذ قرر منطوقا ومفهوما الفصل بين "الطريق المستقيم" وبين التصوف وهذا منهج يسهل مهمة من يناقشه لأنه بهذه الطريقة أخرج القوم من الطريق المستقيم وربما أخرجهم من الملة وسد الباب بذلك أمام أي نقاش..

 

ثالثا : أنني استغرب أن يطرح إنسان موريتاني عادي هذا الطرح فكيف بمثقف ومفكر واعٍ يعرف أن مجد هذه البلاد وتراثها العلمي والثقافي والفكري ما شيده ، إجمالا، إلا علماء أجلاء كانوا معظمهم صوفية وإن حاد عن نهجهم من حاد فلم يصل الأمر إلى  حد التشكيك في تمسكهم بالصراط المستقيم أحرى إخراجهم منه.

 

رابعا: أقر الأستاذ الفاضل أن  "للمسألة طقوس متشعبة لا يفهمها إلا القوم كما هو اصطلاحهم لأنفسهم" ومع ذلك فهدف الأستاذ بارك الله فيه حسب فهمي المتواضع كما ذكرت آنفا هو إثبات أن طريق  الصوفية يختلف عن الصراط المستقيم، وليت الأستاذ وفقه الله أدرك مغزى كلمة حجة الإسلام الغزالي في هذا السياق :" إن رد المذهب قبل فهمه والاطلاع على كنهه هو رمي في عماية".

 

خامسا: كنت أود أن ينهج الأستاذ منهج الناصح المنصف المشفق فيعترف لأهل التصوف بما لهم من خير وحسنات وينبه بحكمة إلى ما عندهم من أخطاء وهي موجودة كما هو الحال عند كل طوائف المسلمين.

 

سادسا : أن كاتب هذه السطور ليس ناطقا باسم التصوف وما يكتب إنما يعبر عن وجهة نظره الشخصية أما أهل التصوف ففيهم من العلماء والمفكرين والمثقفين والكتاب من هو أولى بالرد على الانتقادات التي توجه للتصوف.

 

سابعا : كاتب هذه السطور يعترف بأن التصوف شابه الكثير من الانحراف عن منهج القوم الأصلي ولا يلزم نفسه بالاستماتة  في الدفاع عن أخطاء بينة، ولكن حال التصوف عموما هو جزء من الحالة العامة للأمة التي تعاني من أزمة حضارية وفكرية كبرى ولا تسلم أي مدرسة من مدارس المسلمين اليوم من التلبس ببعض مظاهر تلك الأزمة.

 

وسأشرع الآن في ذكر بعض المسائل التي تعرض لها الأستاذ الفاضل محمدو ولد البار تمهيدا لمحاولة الرد عليها معترفا بأن بضاعتي العلمية مزجاة:

 

الاستشكال الأول: هل للعبادة في الصوفية أصل في القرآن؟

تساءل الأستاذ: (ومن هنا أعود مرة أخرى إلى الإسلام والصوفية لنطرح هذا السؤال: هل العبادة التي في الصوفية عندها أصول في القرآن؟)

 

هذا سؤال مشروع لأن الأصل أن نعرض أي أمر على النصوص الشرعية للتأكد من وجود أصل شرعي له أو أنه لا يصادمها، وبما أن الأستاذ أجاب بما يفهم منه أنه لا أصل للتصوف في الشرع حيث يقول وفقه اللـه: "لأنهم جمعوها وحدها – يقصد الطرق الصوفية - عن عموم الدين بل خصصوا لها اتباعا متميزا عن الطريق المستقيم كما يفهم من استقراء توجهاتهم وأركان صوفيتهم".

 

من حق الأستاذ أن يقف من التصوف الموقف الذي اقتنع به ومن حقه أن ينتقدهم خاصة إذا كان النقد بناء وعلى سبيل النصح ولكن أيضا من حقه علينا أن نذكره ونذكر غيره بما قال أهل التصوف عن منهجهم وكذلك ما قاله المنصفون من علماء الأمة وخاصة الذي يختلفون اختلافا عقديا جذريا مع التصوف.

 

ونبدأ هنا بأقوال بعض علماء ومشايخ التصوف لنعرف منهم إن كان منهجهم من الشرع أو خارجا عنه.

 

قال الإمام الجنيد عن التصوف: «التصوف اجتناب كل خلق دني، واستعمال كل خلق سُنِّيّ، وأن تعمل لله ثم لا ترى أنك عملت».

 

وقال أيضا: «الطرق كلها مسدودة على الخلق، إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبع سنته، ولزم طريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه».

 

وقال أيضًا: "علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، ومن لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدى به".

 

ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني: "إن علم التصوف عبارة عن علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة. فكل من عمل بهما أنقدح له من ذلك علوم وآداب وأسرار وحقائق تعجز الألسن عنها، نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من الأحكام حين عملوا بما علموه من أحكامها... فمن جعل علم التصوف علما مستقلا صدق، ومن جعله من عين أحكام الشريعة صدق".

 

ويقول الشيخ احمد التجاني:

.“إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع، فإن وافق فاعملوا به، وإن خالف فاتركوه”

ويقول الشيخ إبراهيم نياس:

"أما من ينتسب إلينا ويرتكب شيئا من مخالفة الشريعة المطهرة الشريفة باقتحام المحرمات أو ترك المأمورات فأشهد الله وأشهدكم أني بريء منه".....

 

وهذه نماذج من أقوال العلماء المنصفين المحايدين أو على الأقل الذين لم يشتهروا بأنهم من أهل التصوف

 

قال الشيخ تاج الدين عبد الوهاب السبكي رحمه الله تعالى: في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم" تحت عنوان الصوفية: (حياهم الله وبياهم وجمعنا في الجنة نحن وإياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعبا ناشئا عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المتلبسين بها، بحيث قال الشيخ أبو محمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حد لهم. والصحيح صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة... ثم تحدث عن تعاريف التصوف إلى أن قال: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويستنزل الغيث بدعائهم، فرضي الله عنهم وعنا بهم).

 

ويقول القاضي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن التصوف:

(هو علم تعرف به أحوال تزكية النفوس وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية).

 

ويقول ابن خلدون في كتابه "المقدمة": فصل علم التصوف: "هذا العلم -التصوف - من علوم الشريعة الحادثة في الملة وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف والعبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها...".

 

ويقول الشيخ يوسف القرضاوي:

(...ومن هنا ظهر هؤلاء الصوفية ليسدُّوا ذلك الفراغ، الذي لم يستطع أن يشغله المتكلمون ولا أن يملأه الفقهاء، وصار لدى كثير من الناس جوع روحيّ، فلم يشبع هذا الجوع إلا الصوفية الذين عنوا بتطهير الباطن قبل الظاهر، وبعلاج أمراض النفوس، وإعطاء الأولوية لأعمال القلوب، وشغلوا أنفسهم بالتربية الروحية والأخلاقية، وصرفوا إليها جُلَّ تفكيرهم واهتمامهم ونشاطهم. حتى قال بعضهم: التصوف هو الخُلق، فمن زاد عليك في الخُلق فقد زاد عليك في التصوف. وكان أوائل الصوفية ملتزمين بالكتاب والسنة، وقَّافين عند حدود الشرع، مطارِدين للبدع والانحرافات في الفكر والسلوك..

 

ولقد دخل على أيدي الصوفية المتبعين كثير من الناس في الإسلام، وتاب على أيديهم أعداد لا تحصى من العصاة، وخلّفوا وراءهم ثروة من المعارف والتجارب الروحية لا ينكرها إلا مكابر، أو متعصب عليهم.

 

والحقيقة أن كل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك، والحكم هو النص المعصوم من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى اللـه عليه وسلم. فنستطيع أن نأخذ من الصوفية الجوانب المشرقة، كجانب الطاعة لله. وجانب محبة الناس بعضهم بعضًا، ومعرفة عيوب النفس، ومداخل الشيطان، وعلاجها، واهتمامهم بما يرقِّق القلوب، ويذكِّر بالآخرة. نستطيع أن نعرف عن هذا الكثير عن طريق بعض الصوفية كالإمام الغزالي)..

 

أئمة السلفية ينصفون أهل التصوف

قد يقول قائل أو يجادل مجادل بأن الذي مر علينا هو من كلام مشايخ التصوف الذين يطعن المخالف في حكمهم على التصوف أو كلام بعض العلماء الذين ربما جاملوا أو تأثروا بالتصوف فمالت إليه عواطفهم وهذا يجعل هذه الشهادات غير موضوعية تماما.

 

ولكن ماذا نقول إذا كان إنصاف أهل التصوف يأتي من أئمة المدرسة السلفية المعروفة بشدتها على التصوف منهجا وانتسابا.

 

نستعرض فيما يلي بعضا من أقوال الأئمة ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد الأمين الشنقيطي في التصوف:

يقول ابن تيمية عن أهل الصوفية:

(الصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب. ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه. وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم: كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق. مثل: الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره).

 

وقال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين:

(أنهم (أي الصوفية) كانوا أجل من هذا وهممهم أعلى وأشرف إنما هم حائمون على اكتساب الحكمة والمعرفة وطهارة القلوب وزكاة النفوس وتصحيح المعاملة …)

وقال أيضا :(التصوف زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبها لتستعد لسيرها إلى صحبة الرفيق الأعلى، ومعية من تحبه، فإن المرء مع من أحب).

وقال ابن القيم أيضا في كتابه طريق الهجرتين:

(ومنها أن هذا العلم (التصوف) هو من أشرف علوم العباد وليس بعد علم التوحيد أشرف منه وهو لا يناسب إلا النفوس الشريفة). وقال أيضا في مدارج السالكين:

(الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، وكذلك التصوف).

 

كلام الشيخ محمد الأمين الشنقيطي عن التصوف:

قَالَ مُقَيِّدُهُ (الشنقيطي)- عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ:

(قَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «مَرْيَمَ» مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى الْحَقِّ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ مِنَ الْعَمَلِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِذَلِكَ عَالَجُوا أَمْرَاضَ قُلُوبِهِمْ وَحَرَسُوهَا، وَرَاقَبُوهَا وَعَرَفُوا أَحْوَالَهَا، وَتَكَلَّمُوا عَلَى أَحْوَالِ الْقُلُوبِ كَلَامًا مُفَصَّلًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، أَوِ ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ، أَوِ ابْنِ عَسْكَرٍ أَعْنِي أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، وَكَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ حَكَمُ الْأُمَّةِ، وَأَضْرَابِهِمَا، وَكَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ، وأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ، وَالْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمَنْ سَارَ عَلَى مِنْوَالِهِمْ، لِأَنَّهُمْ عَالَجُوا أَمْرَاضَ أَنْفُسِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَحِيدُونَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمْ أَشْيَاءٌ تُخَالِفُ الشَّرْعَ.

فَالْحُكْمُ بِالضَّلَالِ عَلَى جَمِيعِ الصُّوفِيَّةِ لَا يَنْبَغِي، وَلَا يَصِحُّ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَالْمِيزَانُ الْفَارِقُ بَيْنَ الْحَقِّ، وَالْبَاطِلِ فِي ذَلِكَ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَّبِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَهَدْيِهِ وَسَمْتِهِ، كَمَنْ ذَكَرْنَا وَأَمْثَالِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِالضَّلَالِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ الضَّالُّ.

نَعَمْ، صَارَ الْمَعْرُوفُ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَزْمِنَةٍ كَثِيرَةٍ قَبْلَهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ، أَنَّ عَامَّةَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ التَّصَوُّفَ فِي أَقْطَارِ الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ دَجَاجِلَةٌ يَتَظَاهَرُونَ بِالدِّينِ لِيُضِلُّوا الْعَوَامَّ الْجَهَلَةَ وَضِعَافَ الْعُقُولِ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، لِيَتَّخِذُوا بِذَلِكَ أَتْبَاعًا وَخَدَمًا، وَأَمْوَالًا وَجَاهًا، وَهُمْ بِمَعْزِلٍ عَنْ مَذْهَبِ الصُّوفِيَّةِ الْحَقِّ، لَا يَعْمَلُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَاسْتِعْمَارُهُمْ لِأَفْكَارِ ضِعَافِ الْعُقُولِ أَشَدُّ مِنِ اسْتِعْمَارِ كُلِّ طَوَائِفِ الْمُسْتَعْمِرِينَ. فَيَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهُمْ، وَالِاعْتِصَامُ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى أَيْدِيهِمْ بَعْضُ الْخَوَارِقِ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ:

إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَطِيرُ … وَفَوْقَ مَاءِ الْبَحْرِ قَدْ يَسِيرُ

وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ حُدُودِ الشَّرْعِ … فَإِنَّهُ مُسْتَدْرِجٌ أَوْ بِدْعِي

وَالْقَوْلُ الْفَصْلُ فِي ذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا)، فَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ كَمُتَصَوِّفَةِ آخِرِ الزَّمَانِ فَهُوَ الضَّالُّ. وَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ مُوَافِقًا لِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي.

نَرْجُو اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا وَإِخْوَانَنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّا يُزِيغَنَا، وَلَا يُضِلَّنَا عَنِ الْعَمَلِ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الَّتِي هِيَ مَحَجَّةٌ بَيْضَاءُ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ)..

تفسير سورة طه من كتاب (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) للشنقيطي

 

الاستشكال الثاني: يقول الأستاذ محمدو البار وفقه اللـه:

(وتلك الأصول هل فسرها النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل إذا كان فسرها يكون تفسيره فيه كفاية أو يمكن الزيادة عليه من جنسه ؟)

 

هذا النوع من الأسئلة تعودنا عليه من بعض أصحاب المنهج الظاهري الذين يتوقفون عند ظواهر بعض النصوص ظنا منهم بأنهم يتمسكون بالكتاب والسنة ولا يحيدون عنهما وإن كانوا أحسنوا المقصد وسلمت نياتهم فإنهم ضيقوا واسعا وظلموا غيرهم بقصد أو بغير قصد.

 

وهذا المنهج الاستدلالي يهدف غالبا إلى إسكات المخالف ومحاصرة أي فهم أو رأي يخالف اختياراتهم في النصوص الشرعية.

 

وإلا فإذا سلمنا منهجهم هذا فسنوقع الأمة في حرج شديد ويكون مآل منهجهم هذا إلغاء وظيفة العلماء في الاجتهاد الذي تحتاج إليه الأمة مع تغير الأحوال والزمان.

 

أنسي هؤلاء أن مصادر التشريع ليست الكتاب والسنة فقط بل فيها الاجماع والقياس وغير ذلك من المصادر التي قررها أهل العلم.

 

وإذا سلمنا بمنهجهم الاستدلالي هذا فسنقول مثلا هل بلغ لنا الرسول صلى اللـه وسلم الاجماع أو القياس او الاستحسان أو المصالح المرسلة؟

 

وهل تحدث صلى اللـه عليه وسلم عن علم الجرح والتعديل أو عن علم الأصول ..؟

 

يقول شيخنا الشيخ الخليل النحوي في كتاب المسائل العشر:

(ومن تصور أن يكون المقصود بالحديث والآية – (ما تركت شيئا يقربكم من الجنة ويباعدكم عن النار إلا قد بينته لكم)، ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)) – أن يلقن النبي صلى اللـه عليه وسلم مثلا جميع ما يمكن أن ينفع العباد من الصلوات والأذكار، أو من أصناف عمل البر، ويعلمهم بأجره على وجه التحديد ، فإنه سيتهم جميع الأمة بالطعن في أمانة البلاغ، وبالابتداع في الدين، فإن علماء الملة لم يزالوا خلفا عن سلف يتفننون في ألوان الصلوات على النبي وفي صنوف تحميد اللـه في مقدمات كتبهم وغيرها ولم يقل لهم أحد "لو كان خيرا لسبقونا إليه" ، فإنهم فعلا قد سبقوا إليه إن لم يكن بعينه فبجنسه وأصله).

 

وهكذا الحال بالنسبة لأبواب الخير الكثيرة ومنها التصوف الذي ربما لم يذكر لفظا في النصوص، ولا مشاحة في الاصطلاح، لكنه وارد تحت عدد من أصول وقواعد الشريعة وعموماتها ومن ذلك معنى الإحسان كما ورد في حديث جبريل المشهور وغيره من النصوص الشرعية التي استنبط منها أهل التصوف عملهم ومنهج مدرستهم. 

 

الاستشكال الثالث: تعظيم الشيخ حتى يكون كالميت بين يدي غاسله

ورد في مقال الأستاذ محمدو:

(يقولون هم إن الله هو الفاعل حقيقة ولكن بكمال اجتهاد هذا التلميذ وعلى رأسها شدة تعظيمه لشيخه حتى يكون كالميت بين يدي غاسله حسب تعبيرهم).

 

ليست هذه النقطة بدعا في الانتقادات الموجهة للتصوف فلطالما أثارها خصومه ذما لأهله ومنهجهم، ولعل ظاهرية منتقدي التصوف أنستهم أساليب اللغة في التعبير وما فيها من مجاز واستعارات وكنايات.

 

فهل يتصور هؤلاء المنتقدون مثلا أن المريد الصوفي إذا جاء لشيخه ينام ولا يتحرك ويكون كالميت بين غاسليه ويبقى على تلك الهيئة طول حياته فلا يذهب إلى صلاة ولا إلى تعلم ولا يقضي شؤون حياته الاعتيادية.

 

المسألة ببساطة هي الأدب مع الشيخ وهذا الأدب يفيد المريد أكثر من شيخه، إذ أن المريد عندما يأتي لشيخه فإنه يبحث عن معالجة أمراض نفسه وإصلاح قلبه وهو لا يذهب إلا لمن يرى فيه الأهلية لذلك وهذا منهج سار عليه كثير من العلماء والصالحين على مدى قرون طويلة منذ صدر الإسلام إلى يوم الناس هذا.

 

فهل يريد إخوتنا الذين ينتقدون هذه المسألة، هل يريدون من المريد أن يضرب كفه في كف الشيخ أو يضع رجلا على رجل أو يرفع صوته أو يشترط عليه أسلوب التعامل؟.

 

فهل إذا جاء طالب علم إلى أستاذ في القرآن أو الحديث مثلا فهل يمكنه أن يستفيد من غير أدب ومن غير التزام بمنهج الشيخ؟

 

ولكن السؤال الأهم هو هل لهذا الأدب أصل في الشرع وفي عمل الصحابة والسلف الصالح:

 

فكيف مثلا كانت حال الصحابة في مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام؟ كانت صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير.

 

قال عروة بن مسعودٍ الثقفي لأهل مكة: أيْ قومِ، والله لقد وفدتُ على الملوك، ووفدت على قيصر، وكسرى، والنجاشي، والله إنْ رأيتُ ملِكًا قط يعظِّمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم محمدًا، والله إنْ تنخَّم نخامةً إلا وقعت في كف رجلٍ منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحدُّون إليه النظر تعظيمًا له. 

 

وروى البخاري - في الأدب المفرد - عن أنس بن مالكٍ: إن أبواب النبي صلى الله عليه وسلم كانت تُقرَع بالأظافير.

 

هذه الآثار توضح بجلاء جانبا من أدب الصحابة مع رسول اللـه صلى عليه وسلم وهم بذلك يعلمون للأمة الأدب مع الأكابر. وهذا المنهج جسده أيضا السلف الصالح بأقوالهم وأفعالهم.

 

كان السلف يقدمون الأدب على العلم

وسوف نذكر بعض أقوال سلفنا الصالح في ضرورة تقديم تعلُّم الأدب قبل طلب العلم.

 

قال سفيان الثوري: كان الرجلُ إذا أراد أن يكتب الحديث تأدَّب وتعبَّد قبل ذلك بعشرين سنةً؛

 

وقال الحسَن البَصري: كان الرجلُ لَيخرُج في أدب نفسِه السنتين، ثم السنتين.

 

وقال ابن وهبٍ: ما نقَلْنا مِن أدب مالكٍ أكثرُ مما تعلمنا مِن علمه. 

 

وقال ابن المبارك: قال لي مخلد بن الحسين: نحن إلى كثيرٍ من الأدب أحوجُ منا إلى كثيرٍ من الحديث.

 

وقال عبد الله بن المبارك أيضا: إذا وُصف لي رجلٌ له علم الأولين والآخرين لا أتأسَّف على فَوت لقائه، وإذا سمعت رجلًا له أدب النفس أتمنى لقاءه، وأتأسَّف على فَوته.

 

وقال أيضا: مَن تهاوَن بالأدب عُوقب بحرمان السُّنن، ومَن تهاون بالسُّنن عوقب بحرمان الفرائض، ومَن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة.

 

هذه الآثار والأقوال توضح لنا أهمية الأدب عند الصحابة والسلف وأنهم قدموه على العلم، ولعل المسألة تتضح أكثر إذا استحضرنا الحوار الذي دار بين سيدنا الخضر وسيدنا موسى عليهما السلام.

 

قال موسى عليه السلام: ((هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)) فجاء رد الخضر عليه السلام:

 ((إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ﴿67﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا)).

 

وبعد ثلاث ملاحظات من سيدنا موسى عليه السلام كان الرد حاسما من الخضر: ((هذا فراق بيني وبينك)). وفسر له أسباب الأفعال التي أنكرها موسى عليه السلام.

 

هذه القصة التي وردت في القرآن الكريم يمكن أن يأخذ منها من كان صاحب نظر أن منهج الصالحين يحتاج إلى أدب وخضوع وصبر.

وما أدرانا فلعل هذا التذلل والانكسار بين يدي الشيخ هو مصدر العزة والكرامة للمريد، يقول الإمام الغزالي :( إن نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته ولو أنه استقام لما رمى).

 

الاستشكال الرابع: الهدية والكسب المادي

ورد في مقال الأستاذ: (من الخصائص أن الشيخ ينتهي من البحث عن الكسب المادي اعتمادا علي الكسب من الدين لأن من لوازم التلميذ وإن كان غير مصرح بها أن يقدم شيئا يسمى هدية عند حضوره لزيارة شيخ الإمداد الروحي).

 

انتقد الأستاذ محمدو سلمه اللـه كما انتقد غيره الهدية التي يقدمها المريد لشيخه ولعل سبب ذلك الانتقاد هو استصحاب قاعدة : ولكن عين السخط تبدي المساويا ، وإلا فإن الأصل رد المسألة للشرع لمعرفة حكم الهدية.

 

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقبلُ الهدية ويُثيبُ عليها» (رواه البخاري). 

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أُهـديـت إلـيَّ ذراعٌ لقبـلتُ، ولو دُعيتُ إلى كُراعٍ لأَجبتُ» (رواه البخاري)، والمقصود ذراع الشاة، والكراعُ ما دون الرُّكبة إلى الساق من نحو شاةٍ أو بقرة.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا تحابوا».

 

قال الحافظ ابن عبد البر: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية وندب أمته إليها، وفيه الأسوة الحسنة به صلى الله عليه وسلم. ومن فضل الهدية مع اتباع السنة أنها تورث المودةً وتُذهب العداوة].

 

هذه نماذج من الأحاديث تؤصل لمشروعية الهدية فهذا كان نهج النبي صلى اللـه عليه وسلم فقد كان يقبل الهدية ويهدي لأصحابه عليه الصلاة والسلام، وقد تنافس الصحابة رضوان الله عليهم في الهدية للنبي صلى اللـه عليه وسلم وفي مقدمتهم الخليفة الصديق رضي اللـه عنه ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال أبي بكر)، فبكى أبو بكر وقال: “وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله”.

 

وما دامت الهدية مشروعة وكانت من منهج الصحابة رضوان اللـه عليهم فما المانع من حصولها بين المريد وشيخه؟.

 

نعم نقول إن الأفضل للشيخ ولغيره أن يعمل من كسب يده ونقول انطلاقا مما نعرف أن بعض المشايخ يعملون ويكدون كسبا بأيديهم وبوسائل الكسب المشروع وحتى إن كان بعضهم يتلقى الهدايا فإنهم أيضا يوزعون ما أهدي على من ارتبط بهم أو لم يرتبط بهم من المحتاجين والمساكين ويقدمون لهم الرعاية وسد الاحتياجات الحياتية المختلفة.

 

وأقول أخيرا إن الانتقاد سهل والإنصاف عزيز والصوفية تتعرض باستمرار الانتقادات تصل حد التكفير أو الإخراج من "الصراط المستقيم" كما ورد في سلسلة الأستاذ محمدو ولد البار نفع الله به، والنتيجة الطبيعية لمقاربة الأستاذ محمدو هي أنكم يا أهل موريتانيا ويا أيها الشناقطة فإن أسلافكم الذين بنوا لكم هذا المجد العلمي والثقافي لم يكونوا على الصراط المستقيم.

 

لست مغفلا ولا متعصبا لأغمض عيني عما شاب التصوف من هنات وانحراف عن منهج القوم الصحيح لكن ذلك لا يعني أيضا إغفال ما قدم السادة الصوفية ويقدمون من خدمات جليلة للأمة والدين عناية بالقرآن الكريم وحفظه ونشرا للعلم وتربية وتزكية للنفوس وجهادا ضد الغزاة ونفعا للبلاد والعباد في كافة نواحي الحياة.

 

وبناءً على ما ذكرنا أرى أنه لا يمكن إخراج أهل التصوف من الصراط المستقيم لا سبرا ولا تقسيما مع اعترافنا بأن فيهم الظالم لنفسه لكن فيهم أيضا المقتصد والسابق بالخيرات مثل غيرهم من طوائف المسلمين.

 

وأختم بكلمة لشيخنا الشيخ محمد الحافظ النحوي في كتابه الحق اليقين في بساط العارفين:

“وأملي أن أقدم فيه لشباب الأمة ولسائر المسلمين منهاجا متكاملا يوصل بحول الله تبارك و تعالى إلى صفاء العقيدة، كما استوحاه مشايخ التصوف من الكتاب والسنة إذ استمدوا منها أسمى القيم و المثل والأخلاقيات لتزكية النفس البشرية. والأمة طبعا بحاجة إلى التزكية

 

” ومن الظواهر السلبية في مجتمعاتنا الإسلامية اتساع الخرق بين الطوائف الإسلامية في رؤاها وتصوراتها عن بعضها البعض حتى قادها سوء الظن في بعض الحالات إلى تكفير أهل القبلة..

 

إننا للأسف الشديد نرى اليوم عددا من علماء المسلمين الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية الدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويخططون استراتيجية العمل الإسلامي .. نراهم يركزون اهتمامهم بالدرجة الأولى على المجتمعات الإسلامية بنظرة نقد وإنكار ، وهذا من المحن والمصائب التي ابتلي بها المؤمنون في هذه العصور الأخيرة... والغريب أن البعض يلتزم في الحوار بمبدأِ المجادلة بالتي هي أحسن مع غير المسلمين في حين يتمسك بالشدة تجاه من يخالفه الرأي من المسلمين جاعلا مدلول آيات التقريع المخاطب بها الكفار موجها إلى المسلمين..." ويبين الشيخ أن المطبوعات اليوم سخرت لهذا المنهج:

” والساحة اليوم اعتادت أعدادا كبيرة من الكتب والمطبوعات تصدر من حين لآخر مليئة بعبارات التكفير والتفسيق والتبديع والتضليل .. إلى غير ذلك من مصطلحات قاموس الازدراء والسخرية واحتكار الحق والصواب بحجة محاربة البدع وتحت ستار الحفاظ على العقيدة وسلامة التوحيد…”

 

وينصح الشيخ أصحاب هذا النهج بقوله: ”فيجب على إخواننا المشار إليهم آنفا، أن ينظروا إلى غيرهم من المسلمين نظرة تقدير واحترام وأن يستمعوا بجد وإنصاف إلى آراء علماء الأمة من فروعيين وصوفيين وأشاعرة وغيرهم.”

 

هذا واللـه تعالى أعلم.

 

والصلاة والسلام على الحبيب الشفيع.