على مدار الساعة

رسائل واشنطن.. الدبلوماسية الفاعلة...

16 ديسمبر, 2022 - 00:36
محمد سعدنا ولد الطالب: رئيس مركز الرواد للدراسات والإعلام

تدار السياسة الخارجية الأمريكية وفق قواعد وأسس واضحة لا مكان فيها للعشوائية والصدفة، فمراكز الدراسات ودوائر التفكير ترصد بدقة مساحات النفوذ والتأثير للأنظمة السياسية عبر العالم أجمع... ولا شك أن تلك الجهات تعرف جيدا الأدوار الاستراتيجية التي يلعبها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تثبيت السلم الإقليمي وفق مقاربات شاملة تجمع الطرق الخشنة (المحاربة الصارمة ) والناعمة (الحوار والإقناع )، كما أن رؤية فخامته وخططه فيما يتعلق بأمن الطاقة وتوفير البدائل الطاقوية النظيفة كلها أمور تهم جيدا ساكن البيت الأبيض..   

 

لقد شكلت زيارة الرئيس لواشنطن ومشاركته الفاعلة في القمة الإفريقية الأمريكية بالإضافة إلى اللقاءات التي أجراها والتي شملت طيفا واسعا من كبار صناع القرار السياسي والاقتصادي في أمريكا، شكلت نقطة الذروة في تألق دبلوماسي موريتاني شهدته محافل إقليمية ودولية عديدة من دكار إلى تونس ومن بروكسل إلى الرياض وغيرها...

 

 لم يكن العشاء الذي أقامته المرأة الحديدية وسيدة المؤسسة التشريعية الأمريكية رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي على شرف الرئيس عشاء عاديا، بل,كان رسالة ثقة لشريك فاعل يعول على حنكته وحكمته في لجم عوامل العنف والتوتر التي تهدد مناطق الساحل والشمال الإفريقي، بالإضافة إلى ما يمكن أن يمثله لواشنطن الباحثة عن زعامات إقليمية تتمتع بالمشروعية الدستورية والقدرة على التأثير خارجيا والإنجاز داخليا...    

 

كبريات شركات الطاقة الأمريكية التي تقرأ جيدا خارطة الثروات الطبيعية في العالم، كانت هي الأخرى  حريصة على اغتنام فرصة وجود الرئيس في واشنطن،  فبادر الرئيس التنفيذي لشركة كوسموس اينرجي للقاءه، باسطا يد التعاون والشركة مع بلادنا التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة في مقدمتها الغاز الذي ستبدأ بوادر الاستفادة منه العام المقبل، إضافة إلى كونها تمتلك استراتيجية ورؤية بعيدة المدى لثروات نادرة أخرى كالهيدروجين الأخضر الذي تخطط لتكون إحدى رواده عالميا..   

 

ثقة الشركاء الماليين ترجمها الاستقبال الحار الذي كان الرئيس محلا له من قبل صندوق النقد الدولي ورئيسته، التي كانت صريحة جدا في تعبيرها عن إعجابها بالتجربة الموريتانية في إدارة العلاقة مع الشركاء الماليين الدوليين، وكذا من خلال اللقاء الذي تم مع رئيس مجموعة البنك الدولية والذي شدد فيه على استعداد المجموعة لدعم موريتانيا..

 

الحدث الأبرز وهو فعاليات  القمة نفسها، حمل تقديرا لفخامة الرئيس الذي كان ثاني متحدث، حيث استعرض فرص المستقبل أمام بلاده وقارته، معتبرا أن باب الشراكة الاستراتيجية المفتوح مع أمريكا سيكون في مصلحة الطرفين...

 

ولعل ذروة الإنجاز الدبلوماسي كانت عندما أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن اختيار موريتانيا لتحصل على برنامج تمويل خاص يمكنها من تعزيز جهودها التنموية...

 

في المجمل، حملت زيارة واشنطن شحنة رسائل تعددت وتنوعت في تفاصيلها، لكن عنوانها الأبرز كان ثقة الشركاء الأمريكيين  والدوليين في فخامة رئيس الجمهورية وتعويلهم على قدرته على تنمية بلده، والمساهمة في نزع  عوامل الصراع والتوترات في الإقليم،  ونشر ثقافة السلام والتنمية...