على مدار الساعة

إقبال متزايد علي تعلم اللغة العربية بالسنغال (تحقيق ميداني)

22 فبراير, 2010 - 09:57

الأخبار (داكار) - قال ماجين أنجاي رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الشيخ انتا جوب بداكار في حديث خاص مع وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة إن اللغة العربية في السنغال تشهد إقبالا كبيرا من طرف الطلاب السنغالين معتبرا أن العربية قريبة النبع بالنسبة للسنغالي عموما فهي لغة الدين والشعائر.

ويري انجاي الذي يعتبر من أهم الشخصيات المولعة بتعلم العربية وتعليمها إن اللغة العربية صعبة بعض الشيء على الدارس الذي لا يجد لها البيئة المناسبة للممارسة مشددا على أن افتقاد الطلاب السنغاليين للبئية وانعدام المناهج المتطورة تعتبر من وجهة نظره أهم عائق حتى الآن أمام انتشارها بشكل مكثف بين طبقات المجتمع ،مشيرا إلى أن قسم اللغة العربية بجامعة الشيخ أنتا جوب يعمل على تطوير مناهج حديثة لتيسير اللغة العربية للطلاب الدارسين في القسم انطلاقا من وسائله الخاصة.

ويقول الدكتور انجاي إن ضعف تدريس العربية في المستوى الابتدائي والثانوي للطلاب للسنغاليين أضعف من قدرة الجامعة علي تكوين متخصصين بعلوم اللغة ،فقد عمد "الفرانكفونيين" إلي جعل اللغة العربية في المرتبة الثالثة بعد الفرنسية والإنجليزية مشيرا إلى أنه توجد ثانوية واحدة فقط في السنغال تدرس العربية باعتبارها لغة ثانية هي "ثانوية محمد الفاضل انبكى" والتي يغلب علي طلابها الطابع المحافظ ويدرس بها عدد من طلبة العلم المعنيين بحفظ التراث.

وأشاد الدكتور انجاي بمشروع البنك الإسلامي للتنمية الذي تبنى دعم التعليم العربي الإسلامي من خلال طباعة كتب جديدة للمستويات الابتدائية والثانوية. وقد استلم الطلاب فعلا في العام الدراسي الجديد هذه الكتب في مستواها الابتدائي وهي المناهج التي أنتجت من طرف خبراء تربويين في السنغال بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية السنغالية وهي معدة للمدارس المزدوجة التي تتبنى تعليم اللغتين العربية والفرنسية بذات القدر من الاهتمام.

وقال انجاي إن عدد الطلاب المسجلين في قسم اللغة العربية بالجامعة يشهد تزايدا مطردا فقد قفز من مئة وعشرين طالبا إلى مائتي طالب في العام الماضي وفي هذه السنة تم تسجيل حوالي 260 طالب ويبلغ عدد مجموع المسجلين في القسم هذه السنة حوالي 600 طالب أغلبهم من السنغال .

 

مستقبل واعد

 

وأعرب انجاي عن ارتياحه للإقبال المتزايد علي قسمه الذي يدرس العربية باعتبارها لغة أجنبية حيث تتقدمها فقط الإنجليزية والإسبانية وإن كانت في الحقيقة تقترب من الترتيب الثاني بعد الفرنسية إذا ما أخذنا في الاعتبار انتشارها كلغة للدين والشعائر والطرق الصوفية حيث تعتبر العربية توأم اللغات المحلية التي تتعانق معها في القصائد والأهازيج والتراتيل الصوفية المنتشرة بكثرة في السنغال.

وأضاف إن اللغة العربية في السنغال ذات تاريخ عريق وهي قادرة على المنافسة وهي قريبة إلى السنغاليين الذين يتمسكون باستمرار بالعالم الإسلامي والعالم العربي الذي تربطهم به صلات الأخوة والدين والمصير المشترك مشددا على أن الثقافة العربية ما تزال تستقطب مزيدا من الاهتمام والتعلق من طرف الأفارقة عموما والسنغاليين خصوصا.

 

سنغالية أمية تؤسس مدرسة عربية

 

"وكالة الأخبار" غاصت في الأعماق السنغالية لتعثر على مدرسة عربية إسلامية ناجحة أسستها سيدة فقيرة وغير متعلمة في القطاع الحديث تحفظ بعض القرآن ولكنها لا تقرأ العربية ولا تتحدثها وإن كانت تفهمها جزئيا .
إنها السيدة مدينة جوب مؤسسة مدرسة أم ورقة في حي بكين بالعاصمة داكار تقول مدينة للأخبار :"لقد وجدتني مرغمة على تأسيس هذه المدرسة لأن الله سبحانه وتعالى يقول:"هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"ولقوله صلى الله عليه وسلم:"طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" ولأن العلم قبل القول والعمل ولأن المدارس ينبغي أن تكون إلى جانب المساجد في الأهمية إن لم تكن قبلها لفهمي لكل هذه التعاليم والأوامر أسست مدرسة صغيرة في المسجد أولا قبل حوالي سبع سنوات ولكن مياه الفيضانات اجتاحت المسجد فتوكلت على الله وبعزيمة صادقة وقمت بتأجير هذا المقر ولم يكن لدى في البداية ما يكفي لإيجار شهر واحد وبدأت مع بعض المحسنين والمتطوعين

غير أن التكاليف المرتفعة جدا والتي لا نتحملها جعلتنا نفرض بعض الرسوم الزهيدة على الطلاب ولكن تواجهنا باستمرار مشكلة فقر الأهالي الذين لا يقدرون على مواصلة دفع الرسوم وهناك من يسدد ومن يعجز عن التسديد فإما أن يكون مضطرا لسحب أبنائه ،ونحن لا نرغب في ذلك ولكن مشكلة ضيق الموارد تحاصرنا جميعا فالإيجار ورواتب الموظفين والأساتذة من أين نأتي بها"؟.

وتضيف مدينة لقد حققنا نتائج كبيرة رغم العوائق وتم الاعتراف بالمدرسة وسمح لطلابنا بخوض المسابقات الوطنية ولكن الدولة لا تدعم مدارسنا وإنما تتبنى فقط دعم المدارس الفرنسية".
وحول ما إذا كانت المدرسة تتلقى دعما من الدول العربية قالت السيدة جوب:"المشكلة أن الذين يقدمون أنفسهم أنهم يمثلون المدارس العربية الإسلامية إنما يستولون على هذه الأموال لمصالحهم الشخصية وبالتالي كثرت النزعات وانعدام المصداقية ونحن لم نستفد من مثل تلك الجهود ولم يصلنا دعم من الشبكات والشخصيات والأطراف العاملة في هذا الميدان".
وحول أهم الصعوبات التي تواجه التعليم الإبتدائ يقول المعلم أبو بكر سيسى إن عدم توفر الكتب والمناهج المعدة محليا بحيث تراعي العوائق الذاتية يشكل أكبر عائق إضافة إلى أن الطالب إذا توجه للبيت لا يجد من يساعده على تعلم اللغة العربية ويذلل له صعوباتها فهذه في الحقيقة هي أهم العوائق إضافة إلى ضعف قناعة كثير من الناس بعدم جدوائية العربية لأن التوظيف والعمل مرتبط باللغات الأجنبية وخصوصا الفرنسية".