على مدار الساعة

موريتانيا: عبور "السياسة" على أكتاف الفقراء

21 أغسطس, 2010 - 11:16

الأخبار (قرية السياسة) - لقد تضررنا كثيرا جراء السيول، وأغلب الدور الموجود في حينا تهدمت، لكننا شغلنا عنها في هذا الموسم، لأن الكثير من الناس ينتظرنا ليعبر بفضل جهودنا، نلاحظ اختلافا في الزبائن فبينما يدفع بعضهم بغير حساب، ويعطي ما نطلب منه، يطلب بعضهم نقص المقابل إلى أقصى حد".

هو وصف لأوضاع كارثة السيول في قرية "السياسة" بولاية تكانت حيث يعمل عدد من أبناء القرية الصغيرة والتي كانت عرضة لسيول عارمة قطعت طريق الأمل، وحولت عبوره إلى "مكسب مادي لأبناء القرية".

محمد أحد أبناء القرية وصف الأمر "بالفرصة" رغم ما تركه من آثار قاسية على منازل سكانها، معتبرا أنه "في مثل هذا الموسم على السكان أن لا يضيعوا الفرصة وأن يسعوا لتحصيل ما يمكنهم من إعادة بناء دورهم التي تهدمت بفعل السيول، حيث أنها أقيمت في الأصل من الطين فلم تصمد أمام الضربات المتتالية للسيول التي غزت القرية منذ أيام".

 

تعويض متذبذب

 

العمال تحدثوا عن تذبذب التعويض المدفوع لهم من ملاك السيارات، فأحيانا نأخذ عن "السيارة الواحدة مبلغ خمسة آلاف أوقية، وأحيانا ينزل السعر إلى ألفي أوقية فقط، إنها مرتبطة بمستوى الزبون المالي ومدى استعداده لإعانة الفقراء من أبناء القرية، كما يخضع السعر لعدد السيارات حيث يرتفع في حال كثرتها نظرا لارتفاع الطلب، وينخفض في حال القلة".

ويؤكد هؤلاء أنهم "لا يتمنون استمرار الكارثة قطعا" فهم ضمن المتضررين منها، لكنهم مع ذلك يؤكدون في الوقت نفسه أن مداخيلهم تتضاعف مرات عديدة أثناء الكارثة، حيث تصل أحيانا إلى خمسة عشر ألف أوقية، في حين أنها في الأيام العادية قد لا تتجاوز بضع مئات أو على الأكثر ألف أوقية، لأن أغلبهم يعمل على العربات في حمل البضائع والأشخاص في البوادي.

 

عمل مضن

 

العمال أكدوا أن العمل الحالي يأخذ منهم الكثير من الجهد، حيث يسحبون السيارة لمسافة قد تصل أكثر من خمسين مترا، وهي غير مشغلة، ويبقى فيها ركابها وبضائعها، مع أن بعض السيارات أحيانا تكون محملة بالكثير من البضائع والأمتعة.

واشتكى العمال من سقوط شاحنة تابعة للشركة الموريتانية لصيانة الطرق على جانب الطريق مما ضيقها، كما أن الجانب الآخر منها سقطت فيه شاحنة متوسطة، وبقي وسط الطرق فقط، مما صعب من المهمة، وجعل الطريق غير كاف لمرور أكثر من سيارة واحدة.

 

تشابهت الأساليب

 

اسم القرية الصغيرة "السياسة" وأسلوب "العابرين منها" في التعامل مع سكانها الفقراء، يحيل - وإن مع الفارق- إلى أسلوب السياسيين في التعامل مع الفقراء أثناء المواسم الانتخابية، وهو ما كشفه حديث أحدهم "عن ضرورة انتهاز فرصة الموسم قبل نهايته، وجمع ما أمكن من مردود مالي قبل أن تنجلي الكارثة.

يعبر ملاك السيارات إلى وجهتهم –شرقا أو غربا- ويتركون بعض الأموال لصالح العمال الذين أنهكوا لإتمام مهمة العبور، تماما كما يعبر السياسي إلى منصبه "الانتخابي" بعد أن يترك بعض الفتات لقواعده الانتخابية لحين موعد آخر في موسم سياسي آخر، أو لحين كارثة سيول تقطع طريق الأمل عند طريق "السياسة".

ونفس الأسلوب يتبعه عدد من العمال في معبر لكريع، لكن في كامور أصبح الشرخ أكبر من ذلك ولم يعد بالإمكان إلا انتظار جفاف المياه نسبيا من الممر لإيجاد طريق فيه، أو انتظار انتهاء أعمال الشركة الوطنية لصيانة الطرق، أعمال يشكك أغلب الحاضرين بما فيهم عمدة المدينة في نجاعة الحل الذي تعتمده، حيث تكتفي بصب الأتربة في ممر المياه، وهو ما ستكون أولى دفقات السيل كفيلة برميه بعيدا، وإعادة الأمور إلى مربع "الصفر" من جديد.