على مدار الساعة

السم بعلب الدواء..!

24 فبراير, 2022 - 19:36
باب ابراهيم

لن أطيل في التقديم بالحديث عن واقع قطاع هو أهم القطاعات، وهو قطاع الصحة، فليس هناك مواطن إلا وأعيته مراجعة الأطباب والأطباء أملا في الشفاء مما يمسه بين الحين والآخر من ضر الداء، وبغض النظر عن واقع المستشفيات والخدمات التي تقدمها، والضغط الكبير على الأطقم التي لا يتجاوز عددها أصابع اليد أحيانا حتى في أكبر المستشفيات وأهمها بالعاصمة..، بغض النظر عن كل ذلك فإن المحظوظ هو ذاك الشخص الذي لا يلزمه أخذ الدواء بعد تشخيص حالته، وإن استدعت حالته أخذ الدواء فإنه سيكون على موعد مع معاناة قد تقوده فصولها إلى لقاء حتفه، إنها معاناة الباحث عن الدواء بموريتانيا..!

 

لم تكتف الدولة بالمشاكل التي أداها تمركز الأطباب "الكبرى" محليا في نواكشوط، ولا بالنقص الحاد الموجود في الأطقم، والتخصصات، والمختبرات..، وإنما تجاوزته إلى تقصير وإهمال أخطر وصل حد التمالؤ في مجال استيراد الأدوية وظروف تخزينها والمضاربة بأسعارها، حتى أصبحت أهم الأدوية فضلا عن استيرادها من مكان مجهول في الغالب من طرف تجار السم، وسعرها الباهظ في تحد للسعر المحدد، تخزن في ظروف غير صحية، تحولها إلى سم في غلاف دواء، وأتحدث هنا عن المضادات وأدوية السكري والضغط وأدوية الأعصاب، ومن يخضعون للتصفية، وأدوية الأطفال..

 

لا تتوقف معاناة مرضى الضغط مثلا عند شراء الدواء بسعر خيالي، وإنما تتجاوز ذلك إلى شراء دواء مجهول المصدر في أغلبه، وعرض للإستهلاك بعد تخزينه في ظروف غير صحية، فربما لا يتخيل أحد أن الأمر وصل حد تخزين الدواء قبل عرضه أو بيعه من طرف تجار السم في صناديق بمخازن لا تتوفر على مبرد عادي وبجانب تلك المخازن ما هو أشد خطرا من درجات الحرارة والظروف الأخرى، والغريب أن بعضها يتواجد على بعد أمتار من مخافر الشرطة، ويحصل ذلك دون أن تتخذ الدولة أي إجراء لمنعه وعقاب من يرتكبون مثل تلك الجرائم في حق شعب مسكين مغلوب على أمره..!

 

فمثلا دواء Plavix 75mg الذى يحتوي على المادة الفعالة "كلوبيدوجريل"، ويمنع الصفائح الدموية من الإلتصاق ببعضها البعض لتكوين جلطة دموية، هذا الدواء يمنح للمرضى الذين أجريت لهم عملية القلب أو القسطرة ورغم أهميته فإن الدولة لم تستورده منذ سنوات ومع ذلك ظل متوفرا بالسوق حتى يومنا هذا، ويستودره تجار السم من تركيا والجزائر..، و AMLOR 5mg fr-cp هو دواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم، منذ سنتين تقريبا والدولة عاجزة عن توفيره، بينما يوفره تجار السم في الصيدليات ب 480 أوقية بهامش ربح يتجاوز 300 أوقية، ويحصل نفس الأمر مع AMLOR 10mg ،ومن أدوية الضغط كذلك التي يوفرها اليوم تجار السم بالسوق Tahor 20mg و  Tahor 40mg،  كذلك يوفر نفس التجار بالسوق دواء Deporane 250mg cp وهو دواء مغربي جلبوه كبديل لدواء Aldomet 250mg  ، وهو دواء يمنح لمرضى الضغط خصوصا النساء الحوامل، Digoxin 0.5mg وهو أحد أدوية القلب ولم توفره الدولة منذ زمن، لكن تجار السم يوفرونه بالسوق، ويبيعونه بفارق 700 أوقية عن تسعرته المحددة من طرف الدولة، دواء Coveram10/10  mg انقرض هو الآخر من السوق ولايوجد اليوم إلا بديله التركي، الذي يوفره تجار السم بالسوق، حقنة إينوكرماد وتستعمل لترقيق الدم، كتب عليها أنها تصنع بتونس، ويوفرها تجار السم بالسوق أيضا، دواء Avlocardyl 40mg منذ زمن والدولة لم توفره، بينما يوفره تجار السم، ويبيعونه ب 2000 أوقية بدل سعره المحدد له من طرف الدولة.

 

ولا يختلف الأمر فيما يتعلق بأدوية مرضى السكري، فمثلا دواء Diamox 250mg لم توفره الدولة بالسوق منذ سنة تقريبا، بينما يوفره تجار السم بالسوق، ويبيعونه ب 180أوقية بدل سعره الذي حددته الدولة ب 120أوقية، دواء Donil لخفض السكر، لم توفره الدولة أيضا منذ سنة تقريبا، بينما يوفره تجار السم، ويباع ب 200 أوقية جديدة بدل سعره المحدد ب 90 أوقية، حقنة Insuketard mix Denmark يوفرها تجار السم بالسوق تحت السعر الذي توفرها به camec، وتشتريها الصيدليات من التجار بحثا عن هامش سعر أفضل وتبيعها للمواطن، دواء Janumet 50 صناعة تركية، يوفره تجار السم بالسوق، ويبيعونه ب 10000أوقية، بينما البديل الذي توفره camec أرخص بكثير..!

 

ولا يختلف حال المضادات كثيرا عن غيرها من الأدوية، فمضاد Rodogyl لم تستورده الدولة منذ سنة تقريبا، بينما يوفره تجار السم بالسوق، وكذلك مضاد Rapamycin ، ومضاد OFLOCET وغيرهم من المضادات التي تعجز الدولة عن توفيرها، بينما يجلبها تجار السم للسوق، ويتحكمون بسعرها..!

 

حقنة S A T ضد الكزاز "التيتانوس Tetanus" لا توفرها الدولة اليوم بالسوق، مما فتح الباب أمام تجار السم لاستيرادها وبيعها بالسوق ب 5000 أوقية بدل سعرها المحدد سلفا من طرف الدولة ب 1500 أوقية..!

 

ولم تسلم أدوية الأعصاب أيضا، فنصيبها من المضاربة والحفظ في الظروف غير الصحية محفوظ من طرف تجار السم، فدواء Lexomil 6mg من أهم أدوية الأعصاب ويستخدم من طرف المدمنين، يوفره تجار السم بالسوق ويحفظ في ظروف غير صحية، وكذلك دواء lyrica يوفرونه رغم أن الدولة لم تستورده منذ 5 سنوات..!

 

وواصل تجار السم تحديهم للقانون حتى وصل بيع أدوية بالسوق يحرم القانون بيعها، مثل أدوية منع الحمل " microgynon، microlut"..!

 

ماذكر هو مجرد أمثلة، لكنه واقع وحقيقي، ويعبر عن مدى الفساد الذي ينخر قطاع الصحة عموما واستيراد الأدوية وبيعها بشكل خاص، حيث يوضح مدى الإجرام الذي يرتكب في حق الشعب بمباركة رسمية، يظهرها الإهمال والتغاضي عما يفعله تجار السم في حق شعب مسكين لا يستحق عند من يدبرون شؤونه حمايته من أي شيء..!

 

اللوائح أدناه لأدوية يعرضها التجار اليوم للبيع، وأغلبها تعجز الدولة عن توفيره، من بينها أدوية الضغط والسكري، وحقن السرطان والتصفية..!