جرى اليوم بالعاصمة القطرية الدوحة حفل توقيع كتاب "كشكول الحياة" للصحفي المترجم والشاعر الموريتاني محمد ولد إمام الذي صدر حديثا عن دار قطر الندى..
يأتي الكتاب بصبغة ذاتية مميزِّة، فهو يمتد قوته من تجارب المؤلف الذاتية، بحيث أنك تجده حاضرا في جميع الفصول، وقد أراد المؤلف لهذه التجارب أن تكون واقعية وصادقة وأن ينقل لك عصارة حياته، لا أن ينقل معلومات مجردة متوفرة في الكتب وعلى محركات البحث.
والكتاب مميز شكلا أيضا، فهو مكتوب على طريقة المقالات المنفصلة، فيمكن أن تقرأه من أي مكان شئت، من آخر فصل أو من أوله، وكأنك في مجلة متنوعة، مشوقة المواضيع ولكنها عميقة أيضا، وتثير التساؤلات دائما.
وينقسم الكتاب، الذي هو في مواضيع مختلفة مثل الكنانيش أو الكشاكيل، إلى 7 فصول رئيسية، أولها عن التفكر والتأمل وقد تناول فيه المؤلف أطرافا من الفلسفة والتصوف، من وحي حياته وتجاربه الذاتية.
بعد ذلك ينتقل بنا إلى عوالم الترجمة والإعلام ونظرياته لفهم كثير من الظواهر التي تغيب عن أكثرنا وربما كنا ضحية لإساءة استخدامها..
بعد ذلك في فصل (بين الكتب)، يبحر بنا المؤلف في مكتبته الخاصة، ملخصا وناقدا ومعلقا على أهم الكتب والكتّاب الذين اثروا فيه وشكلوا وعيه في مراحل مختلفة من حياته، وهذا الفصل حسب رأيي مهم جدا لإلهامنا للمطالعة أولا، ثم لكمية المعلومات والآراء التي تتجاوز مجرد القراءة إلى التحليل والتأمل والنقد.
بعد ذلك نذهب في رحلة تذوق في ديوان أبي الطيب المتنبي.. مع آراء المؤلف وفهمه لهذا العملاق، وفي هذا الفصل سيجد محبو الأدب واحة غناء بين أفنان الشعر..
ثم يذهب بنا المؤلف إلى مناقشات حول الحوار الحضاري والثقافي في الدين والدعوة ويطرح أسئلة يحتاجها دعاتنا وعلماؤنا المشتغلون بالدعوة والتقارب الثقافي والديني بين الحضارات والديانات..
ثم يتحدث المؤلف عن أهم رحلاته ومشاهداته وانطباعاته عن الأماكن التي زارها وكتب عنها، في فصل (بين المدن)..
ويختم الكتاب بمبادرات قام بها ويقوم بها المؤلف علها تكون حافزا للمهتمين بمواضيعها..
كتاب لن تمل منه، ولن تندم على اقتنائه.. فأنت تجد الذات الإنسانية حاضرة فيه، وليس مجرد مقالات ومعلومات مجردة، بل هي حياة وأماكن وكتب وتجارب حية.. على حد قول الكاتب زكي نجيب إن المقالة الحقيقية لا تناقش من حيث المضمون موضوعات مجردة، كالديمقراطية أو علم الجمال مثلا، وإنما هي تجربة إنسانية تغوص في أعماق النفس البشرية للقارئ والكاتب.
الناشر