على مدار الساعة

كنت صديق الكتب فصرت..

27 يناير, 2018 - 21:21
الب معلوم

فيما مضى كنت صديق الكتب وأنست بها دهرا هو من أحلا ما عشت في حياتي من أيام.

 

كانت بطونها العامرة بأسرار الوجود وأخبار الأقدمين وعادات الشعوب وتقاليد الأمم وآدابها وفكرها تفتح لنفسي عوالم ماتعة جدا موازية لدنيا الناس وحركة حياتهم..

 

كنت مسكونا بحب الكتب وأنفقت فيها كل ما ملكت.

 

في ذلك الوقت عندما أقتني كتابا لأول مرة لا تكتمل سعادتي إلا بالانزواء به بعيدا عن الشخوص وتفاهات أحاديثهم المملة وأحلامهم السخيفة فيحصل لي من ذلك الاندماج نشوة لا تضاهيها نشوة.

 

تعلمت من الكتب معارف جديدة وأخلاقا حميدة وأشياء ثمينة وجميلة جدا تعلمت منها قيمة الصمت ومهارة الإنصات وتجربة التأمل وعادة البعد عن الفضول.

 

علمتني الكتب خلق التسامح والمحبة واحترام الإنسان مهما كان دينه أو لونه أو عرقه.. سافرت في جميع القارات بواسطة الكتب ودخلت أسواق الصين ومعابد الهند ومصانع اليابان وأرقى أكاديميات الغرب كما جالست البسطاء في الأدغال والجزر المنعزلة.

 

علمتني الكتب أن الوصول إلى الله لا يحتاج إلى واسطة من أحد وأن النجاح في الحياة متاح للجميع بقدر ما ينفقون من جهد.

 

علمتني أن الكتاب هو الصديق الوحيد الذي لا يخذلك أبدا فعندما تحتاجه وقد طالعته من قبل يسعفك في الوقت المناسب.

 

كان ذلك أهم ملامح حياتي اليومية قبل أن أتعرف بمحض الصدفة على صديق سوء يدعى "الفيسبوك" وبئس القرين.

 

لقد استدرجني هذا اللعين بخبث وبعد طول عناد تمكن مني أخيرا فسحرني بعالمه الزائف وأسرني عن عالمي الجميل. وهأنذا بعد تلك السنين حزين حزين أكابد مرارة سقوطي في هذا المستنقع الآسن بعد أن خسرت كل شيء وعلمت أني استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير.

 

ولكن الحمد لله أنني الآن أستخدم كل وصفة طبية ورقية شرعية وحيلة عقلية لقطع العلاقة معه نهائيا وأحاول الرجوع إلى حياتي من قبل مستعينا بالله عز وجل على ذلك فنعم المولى ونعم النصير.

 

في تدوينة قادمة سوف أكتب عن تجربتي في صحبة الفيسبوك إن شاء الله تعالى.

 

توكلنا على الله.