على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تناقش مؤتمر الصوفية الذي دعـت إليه الحكومة مؤخرا

28 نوفمبر, 2017 - 16:29
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة أرادت أن تـتـوجه بكلمتها هذه إلى مناقـشة ما يعرف بـين الشعوب الإسلامية بالصوفية، ونظرا إلى أن هذه التسمية تـنـتـقل مباشرة في ذهن المسلمين إلى تأدية عبادة الله التي أمر بها في الإسلام على أحسن وجه ـ فإني سوف أعطي لما يعرف بالصوفية في بلدنا قسطا من المناقشة على ضوء الشريعة الإسلامية ولنعـلم من تـلك المناقشة أين مكان تـلك العبادة في الإسلام.

 

وقـبل ذلك فإنه نظرا إلى أن شعار هذه التسمية قد عقـد فيه مؤتمر للصوفية دعـت إليه الحكومة الموريتانية ـ وقدم فيه بعض العلماء المنـتـسبـين لهذا الشعار أوراقا كلها تـدور حول ذكر الأفعال التاريخية لقادة أولئك الرجال اللابسين لثوب هذه الصوفية في هذه البلاد، وقد جاء في تـلك الأوراق المقدمة تـفصيل ما أبـلوا فيه أولئك الرجال من البلاء الحسن من التربية والتوجيه لكثير من ساكنة هذا المجتمع كانت سبـبا للاستـقامة والابتعاد عن الأفكار المنحرفة داخل الإسلام كما ذكروا.

 

فنظرا لذلك كله فإني سوف أناقش نـتائج ذلك المؤتمر وما يشبهه من المؤتمرات التي يراد بها التوجيه لأفعال أو أفكار معينة أصحابها يلبسونها لباسا دينـيا منحرفا.

 

وبعد هذه المقدمة الملخصة لما سمعناه بعد انـتهاء المؤتمر من نتائج مفادها أن المؤتمرين أجمعوا على أن الدين الإسلامي هو دين السماحة والرحمة وأن الدعوة إليه لا تـكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة وأن الأسلوب الذي كان يقوم به أولئك الأشياخ الصوفيـين هو أحسن طريق إلى اكتساب المسلمين داخل هذا الدين وبناء على ما تـقدم فإن مناقشة كلمة الصوفية ونوع سلوكها في عبادتها وكذلك مناقـشة المؤتمر الحكومي لهذه الصوفية وما يراد منه يحتم علينا أن نذكر بحقيقة الإسلام التي لا يخـتـلف عليها اثنان لا يريدان إلا معرفة حقيقة الطريق المستـقيم التي يأمر الإسلام بسلوكه .

 

فمن المعروف أن حقيقة الإسلام هو ما يفهم من هذه الآيات البـينات التي تـتـلى علينا ولله الحمد صباحا مساء وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل لحوقه بالرفيق الأعلى مفارقا للدنيا تاركا لأمته هذين الوحيـين السماوي وما صدر عنه هو صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتـقرير وكان آخر هذين الوحيين من القرآن هو قوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} أما آخر الوحي النبوي فهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الذي لخص فيه صلى عليه وسلم سلوك الطريق المستـقيم في الإسلام حيث طلب من أمته إتباعه فيها حذو النعل بالنعل وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تـضلوا كتاب الله وسنـتـي".

 

إذن عـلينا نحن المسلمين طلبا للإتباع الخالص لهذا الدين أن نـنزل إلى الساحة الإسلامية بعد انـتهاء هذين الوحيـين مباشرة فلو كان ذاك الزمن مثل هذا الزمن الحاضر لأخذنا معـنا كاميرا ومسجلة لنـنـقل بأمان هذا الدين الإسلامي بعد يوم واحد من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،أما نحن الآن بينـنا وذلك التاريخ كثير من القرون فإنـنا سوف نعوض ذلك بما حفظناه من القرآن نفسه وما صح عنه صلى الله عليه وسلم وهذان الوحيـين هما اللذان توليا حفظ الدين فكـأنهما مسجلين في شريط يمشي كما هو بدون محو أو قطع إلى آخر حياة مسلم في الدنيا.

 

فالمعروف أن القرآن جاء فيه {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وأما كلامه صلى الله عليه وسلم فقد قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تـضلوا كتاب الله وسنـتـي".

 

فعلينا إذن أن نـنزل إلى ساحة الصحابة وعملهم التعبدي وطرق حياتهم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في عبادتهم وعلاقة بعضهم مع بعض في تـلك العبادة فسوف يحدثـنا التاريخ المنقول نقلا صحيحا عن حياة الصحابة في العبادة والمعاملات بـل في قيادة المسلمين السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثـقافية إلى آخره، فسنجد أن الصحابة فهموا أن العبادة سنة متبعة وذات شـقين فرض ونـفـل: فالفريضة محددة في الجميع سواء كانت صلاة أو صوما أو زكاة أو حجا، والعقيدة محددة كذلك، وقد تكفل بالنص على هذا حديث جبريل عليه السلام المشهور.

 

أما النفـل في كل العبادات: فما كان يفعله منه النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا أيضا سواء كان نفلا من جنس عبادة الفرض من صلاة أو صوم أو صدقة أو حج وسواء كان ذكرا من أي أنواع ما يطلق عليه الذكر من أسماء الله الحسنى وصفاته إلى آخره وكذلك كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظها المحددة الخ.

 

ولا شك أن الله خاطب المؤمنين في قضية الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} وقوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ويلاحظ أن الحث هنا على كـثرة الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هو في الكم لا في الكيف أما الكيف فقد حدده صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله في جميع العبادات خارج الفريضة المحددة من الله بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم وبالرجوع إلى عمل الصحابة والتابعين فسوف لا يرى المسلم أي علاقة بين المسلمين إلا بالتعاون والأخوة الإسلامية التي لا يعرف فيها أحد الأخوين أيهما أفضل عند الله فلا تابع ولا متبوع أو أخوة التعلم بمعنى أن من يعلم يعلمُ من لا يعلم كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي للآخر ويقول له علمني من ما علمك الله، وهذا الإتباع هو الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما أمره القرآن بذلك في قوله تعالى {قـل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستـكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} وقوله تعالى {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبـين} بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ينـفذ ما نسمعه الآن في القرآن من الخوف من الله، وأمرنا بإتباعه في عبادته كما رأينا وحفظنا عنه، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي شرحته عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن عمله قالت: كان خـلقه القرآن بمعنى ينفذ كل ما أمره به القرآن، وأما الصحابة فقد خاطبهم الله بقوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر}.

 

هذا الإتباع من الصحابة كان يستوي فيه من الصحابة المسلم القائد الأعلى للمسلمين مدنيا أو عسكريا قائدا سياسيا أو اجتماعيا الخ وكذلك المسلم الفلاحي أو راع الغنم الخ في أي مهنة وبدونها ذكرا كان أو أنـثى: لأن الجميع علم أن وجود مصيـبة الموت هي النهاية للجميع وما بعد الموت وهو التـنعم في الجنان أو العذاب في النار تحتاج إليه كل نفس بشرية وتكرهه أيضا كل نفس حسب الترتيب في الذكر أعلاه.

 

بمعنى أنه ليس هناك نوع من العبادة لا في الزمان ولا في المكان يختص به فرد مسلم شعـبي عن فرد مسلم قائد أيا كانت قيادته للعـلة أعلاه إلا أن هناك التفاضل في الأجر حسب العبادة.

 

وعليه فأول ما أنبه عليه في هذه الكلمة هو أن التقسيم المتعارف عليه وهو أن نوعا من أفراد المسلمين عليه الالتزام بأداء كل العبادات فرضا كانت أو نفلا أو ذكرا دون فرد آخر من المسلمين هو افتراء على سلوك الدين العملي {وسيعلم الذين ظلموا أي منـقلب ينـقـلبون}.

 

والآن أعود لمناقشة موضوع العنوان وهو الصوفية الموريتانية ومؤتمرها الذي انعقد أخيرا بطلب من الدولة وقد قدمت فيه أبحاث تـتـعلق بسلوك اللابسين لثـياب تـلك التسمية.

 

وبما أنـنا نحن المسلمين علينا إذا أردنا أن نـتـكلم في أي موضوع نفعل ذلك بقلوبنا إخلاصا لله وحده العليم بذات الصدور، فإني سوف أبدأ بسبب انعقاد هذا المؤتمر وما شابهه من المؤتمرات دون مواربة لنرتب على ذلك ما هو أسرع في نظري من نتائج مرجوة من نتائج مؤتمر الصوفية الذي ليس عنده من الحلول لما يعيشه الإسلام من الانحراف الديني المسلح إلا الاستعراض التاريخي لسلوك أشخاص كان لهم كثيرا من الأتباع وكانت تبعيتهم وطقوسها محل الرفض من كثير من المسلين في موريتانيا وغيرها ولا سيما الآن بعد أن انحسر غشاوة الجهل وضعف العقيدة عن المسلمين.

 

وبما أنني لا أرى فائدة من الرفض والاستـنكار لتـلك الطقوس لأن أكثر قادتها قدموا إلى ما قدموا ولأن ما كان يسمى بالصوفية تـقلص كثيرا حتى أن بعضها أصبح أثرا بعد عين ولم يعد قائما منها في أكثرها إلا المحافظة على الاسم والمكانة أو.. أو... الخ أو.

 

فإنني سوف أوجه موضوع هذه المؤتمرات في المستـقـبل إلى ما على الحكومة كانت أن تعقد له مؤتمرا لغير الصوفية ما دامت هي المسؤولة في الدنيا والآخرة عن كل نشاط يقوم به المسلم داخل الإسلام.

 

أما الصوفية فكان يجب أن تأمر الدولة بانعقاد مؤتمر لمناقـشتها وتأمر كل صوفية بتقديم ورقة على الإجابة عليها وهي كما يلي:

 

أولا: النداء للأشخاص من استـغاثة لجلب منـفعة أو دفع مضرة وتكون الورقة المقدمة عنها تجيب عن الآيات التي يستـنـكر فيها القرآن هذا النداء وهي كثيرة مثل قوله تعالى {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة} إلى قوله تعالى {وكانوا بعبادتهم كافرين} وقوله تعالى {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير} إلى غير ذلك من الآيات.

 

وتكون الدعوة موضحا فيها هل كلمة الدعاء الموجودة في القرآن تعني هذا النداء الذي نسمع من الصوفي الصغير للصوفي الكبير وهو بعـيد منه إلى آخر ما يحتاج للتأصيل والتـفصيل من هذا النوع.

 

ثانيا: ورقة أخرى في قضية ما يسمى بأخذ الأوراد بمعنى هل من الإسلام أن يأتي مسلم لمسلم ويقول له أعطني أذكار الشخص الفلاني فسوف ألتزم بأدائها صباحا مساء وإذا كانت فيها صلاة فسوف أحافظ عليها ويتكون من هذا عهدا إسلاميا وفي نظرهم يعاقب في الآخرة من يـلتزم به وبذلك يكون الآخذ تلميذا ويكون العاطي شيخا له ومن هنا تـتـكون علاقة خاصة بين الشخصين المسلمين ليست بين أحدهما ومسلم آخر لا ورد عنده من هذا الشيخ، أما الشحنة العقائدية التي تـقع للصوفي الصغير في الصوفي الكبير فهي الكارثة العظمى في الآخرة إن كانت غير مطابقة للعقيدة الإسلامية.

 

والتأصيل هنا والتـفصيل يجب أن يتركز على ما يلي:

أ ــ هل هذه الأذكار تكون بديلة عن ورد النبي صلى الله عليه وسلم الموجود في الصحيحين لأن وقت الأداء واحد وهو في العشي وقـبل الشروق وإذا كان للصوفي الصغير مقدرة على جمعهما هل يجوز له جمعهما وأيهما يبدأ به الخ،

ب ـ هذا الصوفي الصغير يعطيه الصوفي الكبير اسما من أسماء الله تعالى وسوف يترك أسماء الله الحسنى الأخرى والله يقول {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} فعلى صاحب الورقة أن يـبـين البحث في ذلك التـفصيل والتأصيل.

 

ثالثا: هذه العقيدة الإسلامية ينــتج منها أن الصوفي الكبير أصبح بها من المستحقين لأخذ المال من الصوفي الصغير مع أنه في القرآن ليس داخلا في الآية التي حصر الله فيها المستحقين في قوله {إنما الصدقات..} إلى آخر الآية فعلى صاحب الورقة أن يستخرج مكان الأجر فيها الذي يطلبه الصوفي الصغير من هذا الإنفاق الذي لا شك سوف يسأل عنه في الآخرة: أي عن ماله فيم أنـفقه؟.

 

رابعا: هذه العلاقة الدينية تـترتب عليها كما نعلم جميعا عقيدة عند الصوفي الصغير أو بعضهم على الأقل فيدخل فيها عدم اقـتصار معرفة الغيب على الله، بل على الأقـل يخافون من معرفة الصوفي الكبير على الاطلاع على ما في قـلوبهم فعلى الورقة أن تـفصل وتؤصل ذلك في قلب الصوفي الصغير دون إنكار وجوده لأن رفع الواقع محال والكل يسمعه من معـتـقده.

 

خامسا: معروف أن الصوفية بغض النظر عن طرو هذه التسمية لعبادة الله بهذا الاسم الخاص لأنه لا مشاحة في الاسم إلا أن مبدأها في الإسلام هو معالجة أمراض القـلوب من حسد وبغض ورياء الخ وما نراه في هذه الصوفية أنها لا تعنيها هذه الأمراض لا في الصوفي الصغير ولا الصوفي الكبير محفوظا منها.

 

سادسا: دائما الصوفية بعضها يقول: إنه يريد من عبادته معرفة الله، وأين زيادة المعرفة لله من تيقن المسلم في قـلبه من أن كل ما جاء في القرآن حق فكما أننا شاهدنا بأعيـنـنا ما قال الله بأنه سيقع وقع فسنـشاهد ما هو غائب عنا واقع كذلك كما جاء في القرآن وبذلك يـتحقق فينا وصفنا كما قال الله عـنـــا {الذين يؤمنون بالغيب} ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال للصحابي حذيفة اليماني: كيف أصبحت بمعنى كيف أصبحت عقيدتـك فأجابه بما معناه أنه أصبح وكأنه يرى القيامة قد قامت وأهل الجنة في نعيم وأهل النار يتعاوون فيها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عـرفت فالزم".

 

فلا معرفة لله إلا تيـقن المسلم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم سيقع كما يتيـقن المسلم من وجود نفسه في الدنيا وكما أننا ننطق كما قال الله.

 

وباختصار كبير فعلى الدولة أن يكون مؤتمرها في قضية توطيد الدين الصحيح ونبـذ الانحراف عن الدين أن تـقوم بما يلي:

 

فنظرا إلى أن موريتانيا لم يتمكن من شبابها ولله الحمد الانحراف الديني الذي أصم فيه الشيطان آذان بعض الشباب المسلم عن فحوى الآيات البيـنات التي تبـين حقيقة الإنسان أولا وحقيقة دعوة هذا الإنسان للإسلام وأنواع درجات الدعوة وشكلها ولمن تـتـجه وحدود القيام بها إلى آخره.

 

فكان عليها عندما أرادت أن تـقاوم ذلك الانحراف بنـشر فكرة الإسلام السمحة ومعالجته لكل قضية بالحكمة والموعظة الحسنة وبتوضيح أن كلمة الجهاد كانت مغالبة لقوة غير قابـلة أولا للاستماع وثانيا لإرادة الفتـنة والقضاء على الإسلام، ومنذ فتحت الأبواب للإسلام للعرض على الناس دخلت الناس في دين الله أفواجا فلم يصبح الجهاد بعد ذلك إلا تبـليغا للدعوة، وما الجهاد الذي وقع بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبليغا للدعوة وجهادا لمن وقف دون تبليغها أي دون إيصالها لمن لم تـبلغه وهذا الجهاد مستمر إلى الآخرة بمعنى أن من قـبـل سماع الدعوة فيترك بينه وبين الله مع ملاحظتـنا كثرة من بلغتهم الدعوة ولم يؤمنوا بها كما قال تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}.

 

فقيام السلطة باستدعاء الصوفية التي هي أكبر قذى في الإسلام عند أولئك الشباب المكفرين لغيرهم من المسلمين طلبا لمساهمتها في تـنوير الساحة بما تـفعله من العبادة أو الزهد في الدنيا غير المطلوب فيها أصلا للعموم إلى آخر ما يعرف عن الصوفية فذلك كمن يريد أن يصطاد السمك فوق المجابي في الصحراء الكبرى.

 

فالصوفية مؤسسة دينية استهلاكية ليست مؤسسة دينية تـنموية لأنها لا تبحث عن من لم يأتها ومن أتاها فمن طقوسها أن تدخله (الخـلوة).

 

وعلى كل حال فإذا أرادت الدولة أن تـتـدارك الأفكار الإسلامية الشاردة فعليها أن تـفتح مؤتمرها للأفكار العامة في الإسلام وتدعوا إليها جميع المفكرين أيا كان نوع فكرهم وتشارك الحكومة نفسها في البحث الفكري ممثـلة لمن مكن الله لهم في الأرض من المسلمين المأمورين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتكون مستعـدة لمناقـشة كل فكر إيجابي قيـل في المنابر أو الكواليس إلى آخر كل معالجة ممكنة لكل الأفكار حتى تصل إلى درجة قـناعة {ومن يضلل الله فما له من هاد} فعندئذ تـفـتح الوقاية أولا والعقوبة على الفعل المجرم في الشريعة الإسلامية {إلا الذين تابوا من قـبـل أن تـقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم}.