على مدار الساعة

سلطة تنظيم الصفقات تلغي للمرة الثانية صفقة متعثرة منذ سنتين

1 يونيو, 2023 - 10:28

الأخبار (نواكشوط) – ألغت سلطة تنظيم الصفقات في موريتانيا وللمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر قرار لجنة الصفقات بقطاع البترول والطاقة والمعادن منح صفقة عمومية متعلقة بإقامة نظام معلوماتي مندمج ومتكامل لصالح الشركة الموريتانية للمحروقات، وهي الصفقة المتعثرة منذ نحو عامين.

 

وتم إلغاء هذه الصفقة للمرة الثانية بعد منحها لتجمع "SKATYS-ADIASوترجح خيار الإلغاء بصوت رئيس السلطة أحمد سالم ولد التباخ، حيث انقسمت لجنة النزاعات بشأن القرار النهائي من الصفقة بين تثبيتها وإلغائها، ليصوت رئيس السلطة لصالح الإلغاء، وهو ما رجحه.

 

وسبق لنفس السلطة أن ألغت نفس الصفقة بعد منحها لنفس التجمع فبراير الماضي، ونشرت وكالة الأخبار المستقلة بداية مارس تقريرا عن إلغاء الصفقة، وعن التعاطي المرتبك للسلطة معها، حيث أصدرت أكثر من قرار حول التقييم، والشركات التي يشملها، ونشر هذا التقرير يوم 07 مارس الماضي.

 

وفي اليوم الموالي لنشر التقرير أعفى ولد التباخ المدير العام لسلطة تنظيم الصفقات العمومية اعلي ولد الداده من منصبه، فيما وصف ولد الداده - في توضيح وصل الأخبار - قرار إعفائه من منصبه بأنه "قرار تعسفي لا مبرر له ويخرق للقانون"، معتبرا أن "قرار الإعفاء جاء نظرا لغياب فهم سلطات الوصاية للدور الذي يضطلع به المدير العام لدى السلطة في هذا المجال، ظنا منها أن المدير العام كان السبب أو لعب دورا في إلغاء هذه الصفقة".

 

 وطالب ولد الداده – حينها - الحكومة بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات القضية وأبعادها "والاطلاع المباشر على أن هنالك جهات ضالعة في الموضوع، لا علاقة لها بمسار الصفقات العمومية ومساطرها"، مؤكدا أن قرار إعفائه من مهامه كان بإيعاز من جهات نافذة قال إنها "كانت تسعي ولأغراض شخصية بحتة للإبقاء على الصفقة موضوع النزاع".

 

وشدد ولد الداده على أن هذه الجهات: "تدخلت وتتدخل دوما وبشكل سافر وغير قانوني للتأثير على أداء منظومة الصفقات العمومية وتوجيهها وفق مصالحها الخاصة وليس إعفائي َمن مهامي إلا جزءا من ذلك التدخل، ورسالة لآخرين كي يعملوا وفق إيحاءاتهم واجنداتهم".

 

"الشركة المحظوظة"

ووفق مصادر وكالة الأخبار المستقلة فإن رئيس سلطة تنظيم الصفقات العمومية أحمد سالم ولد التباخ يدفع باتجاه منح الصفقة لتجمع خسرها مرتين، ويضم شركة "SMART" المملوكة لرئيس اتحاد أرباب العمل زين العابدين ولد الشيخ أحمد، وشركة "SIGA" التونسية.

رئيس السلطة أحمد سالم ولد التباخ

 

وسبق أن تم استبعاد هذا التجمع من الصفقة فبراير الماضي، وقامت سلطة تنظيم الصفقات بإلغائها، كما خسرها مرة أخرى، وعادت سلطة تنظيم الصفقات لإلغائها مجددا، وبصوت الرئيس المرجح هذه المرة الذي رجح خيار الإلغاء بعد تعادلت أصوت أعضاء لجنة النزاعات في السلطة.

 

وتم استبعاد هذا التجمع مرتين من الفوز بالصفقة التي تبلغ قيمتها 600 ألف دولار أمريكي بسبب عدم توفر عرضه على المعايير الفنية المطلوبة.

 

"تجربة فاشلة"

وتثبت معلومات حصلت عليها وكالة الأخبار المستقلة أن الشركة التونسية "سيجا SIGA" والتي تقدمت للصفقة الجديدة بشراكة مع شركة "SMART"  المملوكة لرجل الأعمال زين العابدين ولد الشيخ أحمد، لديها تجربة وصفت بالفاشلة في السوق الموريتانية.

 

وتؤكد هذه المعلومات أن الشركة سبقت وأن منحت صفقة لإنجاز نظام معلوماتي مندمج لصالح الشركة الوطنية للماء SNDE، لكنها وبدل احترام دفتر الالتزامات أقامت نظاما معلوماتيا غير معروف على الصعيد الدولي، وواجه الكثير من التعثر والمشاكل خلال العمل عليه، ورغم مرور عدة سنوات على إقامته منذ 2016، فما تزال شركة المياه تواجه مشاكل في استخدامه.

 

ووفق دراسة أعدها المكتب الدولي "إيزاس باكر تيلي - YZAS Baker Tillyفإن هذه الصفقة شابتها خروقات جسيمة، منها حالات عدم مطابقة معتبرة، ورأى المكتب أن هذا يثير الكثير من التساؤلات حول مدى قانونية منح الصفقة.

 

ورغم عدم مطابقة النظام للمواصفات الفنية المطلوبة، والمشاكل التي واجهها، والخروقات القانونية التي وقعت إبان منح الصفقة – حسب دراسة المكتب الدولي - فإن شركة المياه دفعت المبلغ المالي الخاص بالصفقة كاملا للشركة التونسية وشريكتها الموريتانية.

 

"تمويل في خطر"

كما اطلعت وكالة الأخبار المستقلة على رسالة وجهها البنك الدولي - وهو الممول للمشروع - للجهات الموريتانية المسؤولة عن المشروع، أطلعها فيها على أن المشروع الذي تمول الصفقة في إطاره ينتهي مارس القادم 2024.

 

كما نبهها – في مسعى منه لتدارك التعثر الطويل لهذه الصفقة – إلى أنه من المفترض أن تتولى الشركة التي ستنفذ المشروع مواكبته خلال العمل ولعام كامل، لافتا إلى أن التعثر المتتالي للمشروع، والإلغاء المتكرر للصفقة قد يؤدي لخسارة التمويل بشكل كلي.

 

تكتم على التقرير

وكان لافتا أن لجنة النزاعات في سلطة تنظيم الصفقات العمومية، والتي قررت إلغاء الصفقة للمرة الثانية يوم 17 مايو المنصرم، قد تكتمت على تقرير الإلغاء ولم تعده إلى لجنة صفقات قطاع البترول والطاقة والمعادن، والتي صدر عنها قرار المنح، ويفترض أن يعاد إليها قرار الإلغاء.

 

ووفقا للمعطيات التي حصلت الأخبار فإن لجنة النزاعات في سلطة تنظيم الصفقات العمومية أكملت تقريرها الذي ترجح فيه الإلغاء بعد تصويت رئيس السلطة ولد التباخ لصالحه، لكنها بدل أن تعيده للجنة الصفقات القطاعية تحفظت عليه إلى الآن، ولم تعده إلى اللجنة لدراسته، وترتيب قرارات عليه.

 

كما كان لافتا إصرار سلطة تنظيم الصفقات العمومية على إلغاء منح الصفقة لتجمع "SKATYS-ADIAS" وللمرة الثانية رغم أن تقييم العروض تم من طرف لجنتين مختلفتين للصفقات، تضمان وزارة البترول والطاقة والمعادن والشركة الموريتانية للمحروقات، ومشروع دعم مفاوضات المشاريع الغازية وتعزيز القدرات المؤسساتية (PADG)، واتفقت اللجنتان على أحقية التجمع الفائز، وأنه يقدم منصة معروفة دوليا (SAP) بحيازتها لأنظمة أكثر من 80% من شركات الطاقة في العالم.

 

تاريخ من التعثر

وتواجه هذه الصفقة منذ نحو سنتين عقبات وعراقيل يتم بسببها إلغاؤها كل مرة، بعد أن يتم منحها، حيث أعلن عن مناقصتها الدولية لأول مرة أغسطس 2021، وبعد أشهر من إعلانها تم إلغاؤها بحجة أن الشركة التي تقدمت لها قدمت عرضا ماليا يفوق السقف المالي المخصص لها، حيث تقدمت بـ1.09 مليون دولار، في حين أن السقف المالي للصفقة كان 990 ألف دولار.

 

وأعيد إعلان هذه المناقصة الدولية مجددا يوم 27 أكتوبر 2022، وتنافست عليها 11 شركة، فيما تم استبعاد غالبية الشركات المنافسة بسبب المعايير تقنية، والشروط المطلوبة في الملفات.

 

فيما أرجعت مصادر تحدث لوكالة الأخبار المستقلة التعثر الدائم للصفقة كل هذه الفترة إلى إصرار رئيس سلطة تنظيم الصفقات العمومية على منحها لتجمع (SIGA وSMART)، رغم خسارته لها مرتين بسبب المعايير الفنية والتقنية.