على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تطالب بإلحاح بفصل المغرب العربي عن مشرقه في الجامعة العربية

11 يوليو, 2017 - 13:49
محمدو بن البار - بتاريخ : 11 /07 / 2017

كلمة الإصلاح هذه المرة ــ ولمرارة كثرة ما تسمع في هذه الأيام بل في التاريخ المنظور من الإذلال والإهانة لهذا الجنس العربي نتيجة سخافة وتدني الأفكار التي تصدر دائما من قادة المشرق المغربي ـ فإنها تتمنى أن يعلن المغرب العربي الانفصال النهائي وإلى الأبد عن تلك الجثة التي يضم اسمه فيها مع المشرق العربي وتسمى الجامعة العربية.

 

فبالرغم من أننا نحن الناطقين بالعربية تيقـنا يقينا جازما بأنه لولا اختيار الإسلام لنا في جعلنا حملة الرسالة الخالدة للبشرية جمعاء ومخاطبته للعالم بواسطة لغتـنا الخاصة بنا ــ لو ذلك لكنا في ذيل أسفل الحيوان الناطق ـ كما تيـقنا أن عدم أخذنا لهذا الإسلام بقوة واكتفائنا بمجرد اتصافنا بالتسمية لم يبعـدنا ذلك عن وجودنا في آخر اللائحة المسماة بالحيوان الناطق.

 

وهذا الوصف المتدني لهذه الأمة يكاد أن يشملها جميعا من مشرقها إلى مغربها إلا أن بعض الشر أهون من بعض.

 

فمن نظر إلينا نحن سكان المغرب العربي في وضعيتـنا الراهنة وتذكر في نفسه أننا شعوب متجاورة جغرافيا ودينها واحد ولغـتها واحدة ـ ومع ذلك فإنـنا متجاورون مجاورة الأشجار ـ وكأننا من جنس الجمادات.

 

فمن علم أنـنا كيان إقليمي منذ أكثر من عشرين سنة ولا نسمع عن هذا الكيان إلا اسمه ولا يتجرأ أي أحد منا أن يجمعنا لمناقشة السبب.

 

والجميع يعلم أن السبب في ذلك ما هو إلا استحكام العداوة السلبـية التي تحكمها خلافات الحماقة التي لا أصل لها ولا دواء بين أكبر دولتين من هذا الكيان هما: المغرب والجزائر مع أنهما الأكثر تجانسا فيما بينهما وأطول حدودا حتى أنه لا يمكن لصاحب فراسة أن يفصل بين اثـنين منهما إلا إذا انتسبا لدولتيهما ومع ذلك فإن قادتهما يحكمان إغلاق الحدود بينهما نتيجة احتقار كامل لشعبيهما وانسلاخا مميتا من الشعور بمسؤولية تأنيب الضمير بهذا الواقع المزري الذي هو من عمل الشيطان المضل المبين.

 

فأفكار قادتهما لا تـتـجاوز التفكير فيما يمليه الشيطان عليهما من التوغل في الحقد قيما بينهما لا يلوون على قوله تعالى {وقـل لعبادي يقول التي هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا}.

 

والله إن الشيطان لزرع بينهما عداوة مستحكمة أحقـنها لقادتهما لا سبب لها إلا الطاعة العمياء لهذا الشيطان وإهانة الشعوب واحتقار مصالحها.

 

فكم من مفكر وسياسي وعالم في هذا المغرب العربي لا يتجرأ أن يستدعى قادة هذين البلدين ويقول لهما قولي لي بربكما لما هذه العداوة المستحكمة بينكما تـتـوارثانها كما تـتـوارث أملاك آبائكما لا تلوون فيها إلى مصالح هذه الشعوب الذي قـلدكم الله إياها فأي مشـكلة في الدنيا لا يمكن حلها بمناقـشتها وعمل الأصلح فيها ولا سيما إذا كانت متعـلقة بحقوق الشعوب الصامتة التي لا تستطيع رفع ظلم قادتها عنها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فشـق عليهم فأشقق عليه" الخ الحديث.

 

ولكن الذي يظهر لأهل الدنيا أن قادة هذين البلدين لا يعنيهم كلام الله ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم في الموضوع فالله يقول {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} 59، ويقول {واتـقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.

 

ومع كل هذه العيوبات وفضيحة التغاضي عنها إلى ما لا نهاية وضرر ذلك في الدنيا والآخرة إلا أن كل هذا يكون بمثابة إشارة النصر والشرف بالنسبة للفضائح المتراكمة الساكنة فوق تـلك الأراضي التي ملأها الله قداسة وملأها كذلك كنوزا، ونزع في نفس الوقت من قـلوب ساكنها أي شعور بالذل والهوان إلا إذا كان هذا الذل والهوان مسلط منهما على شعوبها وفيما بينها.

 

فنحن في المغرب العربي نـتستـر بسكوتـنا على فضائحنا في العلاقات فيما بينـنا، ولكن قادة المشرق العربي يتـفكهون على الهواء بفضائحهم التي أصبح العالم لا يرجوا لهم عنها حولا، فمن نظر إلى مصر الآن وهي محاصرة لأهل غزة حتى في دواء المرضى وتمنع العبور إليها للتداوي وسجونها ملآ بمواطنيها لا يرجون خلاصا، ونظر كذلك إلى السعودية والإمارات وهي تمنع لبن الأطفال عن قطر وينظر إلى جيش لبنان وهو يقـتـل اللاجئين السوريـين بدم بارد وينظر إلى العراقيـين يحشدون الحشد الشعبي الشيعي ليقـتـل أمام أعينهم أهل السنة بسبب تـغلب داعش على مدنهم وإدارتها وكأن الأطفال والنساء من أهل السنة عليهم ألا يتركوا داعش تدخل مدنهم.

 

وكذلك إذا نظرنا في المؤتمر الأخير لدول العشرين والإذاعات جميعا تـقول: اتفقت أمريكا والروس على وقف إطلاق النار في سوريا وكأن سوريا والجامعة العربية ودولها غير موجودين بين السماء والأرض إلا أشجارا وكثبانا أو في كلمات يقـتل سماعها ضمائر الجنس العربي (الجيش العربي السوري الباسل وهذه البسالة تعنى قـتـل الأطفال والنساء العرب السوريين بالبراميل المتفجرة وانتشار بنات السوريين ليتمتع بهم سفاحا العلوج أيا كان لونهم أو مسكنهم يا للعار أو كلمة قواتـنا المسلحة في مصر ولا يعرف عنها العالم إلا الهزائم مع العدو والانتصار على الشعب المصري الخ).

 

فلا ذكر إلا للدول التي لا تعنيها الجامعة العربية مثـل: إيران وتركيا الخ أما الدول العربية في الخليج ومصر فيكفيهم محاصرة أصغر دولة عربية حجما جارة لهم وأكبر دولة معنى وأخلاقا في المنطقة.

 

إنـنا لا نحتاج إلى الرجوع إلى مواقف هؤلاء القادة في التاريخ المنظور من الذل والهون أمام العالم مقابل ما أعطاهم الله من أموال قارونية مبثوثة في أرضهم من جميع الأصناف التي زين للنفس حبها في الدنيا وبدل من أن يتصرفوا فيها كما أمرهم الله في قوله تعالى في شأن القوة بها {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} وأمره كذلك بالتصدق بها على المحتاجين كما قال الله لقارون {وأحسن كما أحسن الله إليك} بدل ذلك اكـتـفوا بتأمين أنفسهم بها عند الأمريكيـين والأوربـيـين وكلما شعروا بالخوف من جيرانهم يقومون يتعاوون ويستغيثون بأعدائهم الحقيقيين المحولين لثرواتهم النقدية إلى سلاح يعطونه لأعدائهم التـقـليديين الجارة إسرائيل وغيرها من الأعداء الجيران ليتمكنوا في أي ساعة من رقابهم.

 

والواقع أن عندهم من النسمات البشرية فوق جميع الكرة الأرضية الواقفة على رؤوس أصابعها تـنـتظر أي إشارة لندائهم للتجنيد للذود عن العقيدة والأراضي المقدسة الخ من غير تمرد ولا امتـنان ولكن مقابل ذلك اختار قادة سكان المشرق العربي سواء كانوا في الجزيرة العربية أو العراق أو الشام وأخيرا ثم أخيرا قادة مصر المتمسكين أشد التمسك بالإرث الأسود المتمثـل في الاستخفاف بشعوبهم وطاعتهم لهم العمياء المشتملة على النفاق الذي لا يسـتـثـني مفكرا ولا عالما مهما بلغ من العلم إلا من رحم ربك.

 

وبما أن الجميع في الأمة العربية بل وأمة العالم أجمع يعرف نكبات هذه الأمة المتكررة في هذا التاريخ المنظور فلا أطيل بتعدادها ولكن نكتـفي فقط بهذا المستـنـفع الذي تعيش فيه الآن من الخزي والعار أمام العالم بهذا الموقف المشين الذي تجسمت كارثيته في مصر لأنه من أفكارها ونـقـلت إلى بلدان الخليج الأربع ليتداعوا في الأبواق وفي التواصل الاجتماعي الذي أصبح يفضح المتحركين أمامه بأي حركة اعوجاج ولا سيما في التفكير البشري حيث أعلنوا فجأة وفي رمضان بالذات محاصرة أصغر دولة فيهم حجما وأكبر دولة فيهم عزما وشهامة، وأصبحوا بذلك يمشون أمام العالم وهم عرايا من كل ساتر أخلافي يحاولون التستر بالألفاظ العربية المغلوطة الملحونة المستعملة في غير محلها.

 

إن هذه الفضيحة التي وقعوا فيها يوم الأربعاء 5/07/2017 عندما كانوا يتأهبون لنحر أضحيتهم قطر في القاهرة عاصمة المجازر خارج القانون فإذا رنين هاتف اترامب يقول لهم ارفعوا أيديكم عن ذبح الضحية فلا ذبح إلا بعد المفاوضة المباشرة فانـقلبوا على أنفسهم صاغرين لا يدرون ما يقولون لممثلي عالم الصحافة وأصبحوا يرددون كلمة الإرهاب الإرهاب ولا يرون مكانا مناسبا يضعونها فيه فالإرهاب عند العالم تقال للمنظمات التي تـقاتل باسم الدين وتكفر الناس جميعا بما فيها المسلمين، أما الإرهاب عند الدول المحاصرة فيتعـلق فقط بالإخوان المسلمين "والإخوان المسلمون" ينحصر إرهابهم في اعتـقادهم أن الإسلام دين ودولة مجردين لهذه الكلمة من السلاح ولو كان هذا السلاح مجرد هتافات بهذه العقيدة في الشوارع، إلا أن طرق ونمط الديمقراطية واحتمال وصول أي شخص للحكم مهما كان اعتـقاده عن طريق صناديق الاقـتراع هو نفس الإرهاب عند الخليجيـين والجيش المصري، فالحكم عند الخليجيـين والمصريـين بالوراثة إما وراثة البـنوة أو وراثة حمل السلاح وكل من ينادي بكلمة تساند الشعوب حتى ولو كان حكمه هو وراثيا مثـل: قطر فهو إرهابي ويساند الإرهاب.

 

فعلى من يريد مشاهدة عدل الله في خلقه فليستمع أولا إلى الطلبات الثلاثة عشر من قطر وليستمع كذلك للبيانيـين بعد انتهاء الميعاد المحدد للضحية.

 

فالكلمات مرسلة للدولة وكأنها ليست دولة افعلي وافعلي ولا مفاوضة والبيانان موجهين إلى عالم غير عاقل لأن ألفاظهما غير مركبة تركيبا يفهمه العقلاء، وابن مالك يبدأ ألفيته بقوله: كلامنا لفظ مفيد كاستـقم، خرج من هذا التعريف البيانان.

 

فهذا العمل والقول الذي سول لهم الشيطان وأملى عليهم فعله وقوله أكثر منه شرفا وعزما وإن كان جرما هو استباحة الرئيس صدام حسين رحمه الله لدولة الكويت في ساعات مدعيا أنها جزءا من دولته، فهناك إظهار القوة من غير التباسها بالضعف لأنه منتهيا في الحين من هزيمة أقوى وأكبر دولة في المنطقة، وإن كان عمله هذا قد أبان أيضا أن الجامعة العربية ومشرقها لا يعول عليه، فقد تألب على ذلك الزعيم الذي نرجو من الله أن يكون إعلانه للشهادتين أمام العالم في ذلك الوقت الحرج والذي تحضر فيه الشياطين لكل مسلم ليضلوه عن الشهادة فأعلنها هو مدوية بإذن الله بالرغم من عدوه الإنسي والجني، وما يسمى بالجامعة العربية لم تـنبس آنذاك بأي كلمة حتى عن التوقيت في إعدامه يوم العيد، شل الله يد العادم والآمر والمستـبـشر وعفى برحمته وكرمه عن المعدوم.

 

فالجميع يتيقن أن تدخل اترامب يوم الأربعاء لجماعته هذه لتوقف عن ذبح ضحيتهم قطر لو كان مكان قطر ضحيتهم بالأكباش يوم العيد لرفعوا أيديهم عن تـلك السنة وبدأوا علماؤهم يبررون ذلك بأنه ضد الاقتصاد أو فيه إهانة لحق الحيوان إلى آخر مبررات علمائهم في هذه الأيام في مقاطعة فطر.

 

ومن هنا أعود لأشرح للعالم كلمة الإرهاب عند الخليج العربي ومصر وهو وجود كلمة الإخوان المسلمين فوق الأرض.

 

ففكرة الإخوان المسلمين المقروءة في كتبهم تتمحض في أنهم يفهمون أن الإسلام دين ودولة عكس ما يروج له الغرب بعد الثورة الفرنسية وبعد فصل الدين عن الدولة في أوربا كلها وبعد نـشر ثـقافـتها واستعمارها لأغلب الشعوب الإسلامية وكسبها لكثير من الأتباع في هذه الفكرة من أبناء المسلمين.

 

وتشبث كل من لا خلاق له في الآخرة بفصل الدين عن الدولة مع أن فكرة أن الإسلام دين ودولة كما هو الواقع فيها فرض الطاعة لأولي الأمر بالشروط المعروفة وفيها تشديد الوعيد على الخارج عن الجماعة وفيها الاحترام الكامل للمخالف في الدين في حالة اشتراك الدنيا معه بعيدا عن تكفير الفساق ولا سيما عموم المسلمين، ولكن غواية الشيطان أعتى وأحضر من أن يتحمل إدراك المسلم لهذا الفرق وهو كون الإسلام دين ودولة فقوله تعالى: {إنا كنا نستـنـسخ ما كنتم تعملون} سواء في الصلاة في المسجد أو حضور مجلس الوزراء تدل صدق هذه العقيدة التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابها على هذا الأساس.

 

فلو فهم دول الخليج أن دولة الأمويين والعباسيين كانت وراثية ومع ذلك كانوا يفهمون عن الإسلام وأحكامه ما لا يتـناقض مع فكر الإخوان المسلمين والملكية لأن الله عين الملوك من فوق سبع سماوات {إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} وسليمان يقول لربه {هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} والرسول صلى الله علية وسلم يقول عن الله عز وجل: "إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها" الخ الحديث.

 

أما عمل حكومتـنا نحن في قضية قطر فقد غشيهم فيها ما غشيهم فنحن كنا نـنتـظر أنا وصلنا إلى درجة الوساطة مثـل (الكويت) فإذا نحن في آخر الورقة الملوثة ولكن أرجو من الكتاب أن يتركوها فقد جاءها من الندم ما يشغلها.

 

وأخيرا فلا شك أن ما جاء في هذا المقال من نقل مساوئ قادة المشرق العربي المنشورة بين الأمم على الهواء طيلة عشرات السنين يؤيد طلبنا نحن سكان المغرب العربي للانفصال عن أهل تلك المساوئ ونقول لهم {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}.